لم يكفها 37 عاماً لتسكت: الأسئلة المفتوحة على الجهة المسؤولة عن اغتيال (المدني) (4-4)

2013-11-24 - 10:03 م

مرآة البحرين (خاص): في هذا التقرير نحاول فتح مساحة الكلام الذي بقت مخنوقة طوال 37 عاماً منذ اغتيال الشهيد المدني، لا من أجل تبني الأحكام، بل من أجل السماح للتساؤلات أن تطرح نفسها، والحالات الإنسانية المؤلمة التي عايشها الأهالي، أن تعبّر عن عن نفسها للمرة الأولى.

كان أهالي المعتقلين تنتظر كل عام العيد الوطني بفارغ الصبر، الوقت الذي يصدر فيه الأمير حكماً بالإفراج عن بعض المساجين. عائلة أحمد مكي جمعت كل الصحف والمجلات التي نشرت جلسات المحاكمات، صور المتهمين، براءتهم، عذاباتهم، ووضعتها في كيس كان يكبر كلما طالت المدة، كانوا ينفضون عنه الغبار كل عام على أمل أن يقرأها (أحمد) حين يخرج. تلك الجرائد التي مر عليها 37 عامًا،تصفحتها «مرآة البحرين» اليوم، لتخرج التساؤلات التي حملتها في بطنها، وفي عقول الناس وقلوبهم. تساؤلات لا نملك إجابة عليها، لكن نطرحها كما طرحها الناس، وأهالي المحكومين، والمحكومين الذين تمّ تبرئتهم أنفسهم: 

تدخلت السلطة من هرمها حتى أدواتها التنفيذية لتحويل القضية الجنائية إلى قضية سياسية، بعد صدور الحكم القضائي أصبحت الناس مشوشة، وكثرت الأقاويل والتحليلات: ما دام المتهمون من الشق السياسي أبرياء، فلم لا يكون متهمو الشق الجنائي أبرياء أيضًا، وتكون القصة بالتالي كلها من صنيعة السلطة صاحبة الفبركات والصيت السيء، خصوصًا أن حكم البراءة قد صدر للمتهمين الرابع والخامس ولم تفرج عنهما السلطة، بل بقيا قابعين في السجن بين 5 و 7 سنوات. 

الإسراع في تنفيذ حكم الإعدام خلال 3 أيام فقط، أثار شكوك الناس، رأى البعض أن السلطة تريد أن تدفن الشق الجنائي سريعًا وتقفل القضية، ناهيك عن اعتقال الكثيرين داخل السجون. ومما ساعد الضبابية والتمويه في الشق الجنائي الأسئلة التي لم تجد لها إجابة شافية حتى الآن: 

مدني 7

ما الذي يجعل (هندرسون) رئيس المخابرات يتواجد مع العائلة في وداعهم الأخير لعلي فلاح؟ ما دخل القضية الجنائية بالمخابرات؟ ولماذا كان مهمًا استئناف حكم (علي فلاح) وتنفيذ حكم الإعدام بعد الاستئناف بظرف "ثلاثة أيام فقط" بدلاً من الـ(شهرين) المتعارف عليها؟ لم تعجلوا الإعدام الذي يجب أن يوقع عليه الأمير الذي كان مسافرا، فوقّع عليه ولي العهد آنذاك الشيخ حمد (الملك الحالي)؟

الجانب الآخر الذي أثار الشكوك حول فعل السلطة، هو أنه إذا اشترك أكثر من ثلاثة في جريمة قتل واحدة فإن أقصى عقوبة هي المؤبد، خصوصًا إن المتهمين الآخرين كانوا في حالة سكر (بحسب الرواية الرسمية) ولم يشتركوا بالقتل. فلم تحول حكم المؤبد للإعدام؟

أيضاً، أُثيرت شكوك حول الرواية الرسمية التي تذكر أن سبب اغتيال المدني هو مقايضته بسجناء سياسيين، فكان التساؤل المطروح: متى كان اختطاف الصحفيين يجبر السلطة على إطلاق سراح معتقلين سياسيين؟

أسئلة أخرى كانت تطرح نفسها: هل يُعقل أن يلتقي شخصان مصادفة لتنفيذ عملية اختطاف لحظية دون معرفة أين يسكن الضحية المستهدف؟ كيف يمكن أن يقوم أشخاص بتنفيذ عملية اختطاف بطرق أبواب الجيران لمعرفة بيت المجني عليه. ألا تتطلب عملية الاختطاف التكتم والسرية؟كل الطعنات التى وجدت على جثة المجني عليه لم تترك آثارًا على ثياب المتهم الأول محمد طاهر أو آثارًا في السيارة حين ركبها بعد تنفيذ عملية القتل، مع أنه لم يكن يلبس قفازًا؟ أيضا لا وجود لآثار بصمات على سلاح السونكي المستخدم بالجريمة؟؟؟

كذلك مثيراً للتساؤل والتشكيك، مشاركة رجال المخابرات، تحديدًا سيء الصيت الضابط الأردني (عبد الكريم العفوني) في عملية البحث والتقصي عن المدني، والعثور على جثمانه خلال أربع ساعات و45 دقيقة في أحراش سار والتعرف علي سريعًا!

كيف يمكن أن يخفي محمد طاهر الأسلحة في النادي الذي يدخله الجميع وبيته بعيد عن النادي؟ وكيف يجلب محمد طاهر وهو العسكري في قوة الدفاع أسلحة لا تصلح للاستخدام وذخائر مستخدمة وبعضها بارود؟ كل هذه الأسئلة بقت مفتوحة على تأويلات، لا إجابات لها.

بينت الرواية الرسمية أن حديثًا دار بين المدني وقاتليه قبل طعنه تناول كتاباته. كيف لمحمد طاهر أن يكون متمكنًا من قراءة واستيعاب كتابات المدني وهو الذي سجل قبل اتهامه في صفوف محو الأمية (الصف الثاني) فهو لا يتقن القراءة؟ والأنكى كيف له أن يطعن المدني بـ 18 طعنة فلم كل هذا الحقد بين أمي وبين كاتب؟

المتهم محمد طاهر كان يعمل في قوة الدفاع. أليس من المفترض أن يحول إلى محكمة عسكرية وليس مدنية باعتباره عسكريًا ؟ نعم قد يجوز محاكمته أمام المحاكم المدنية لكن بعد الحصول على إذن كتابي من وزير الدفاع، فهل تم ذلك؟

ما حكاية درجة مصداقية الشهود – الذين كانوا في ليلة السهر - إذا كانوا سيشهدون في المحكمة ثم يعودون إلى سجن القلعة. فقد ليتم التحفظ عليهم. هل محاكمنا نزيهة وتتعامل بشفافية وأريحية مع الشهود وبلا تأثير عليهم؟ 

مدني 9

الشهود كانوا من مباحث أمن الدولة كالضابط الكريم العفوني والنقيب عبد الرحمن صقر آل خليفة وآخرين. ما علاقة هؤلاء بقضية جنائية صرفة وهم يتبعون أمن الدولة!

كيف ولما يطالب وزير الداخلية من أحمد مكي باعترافات – وهو الذي صدر بحقه تواً حكم البراءة – لتخفيف الحكم الصادر على المتهم الثاني؟ وما وراء تهديده وتنفيذ التهديد بسجنه ثمان سنين؟

هل طويت القضية بتقادم العمر؟ إذًا ما الذي جعلنا نعيد فتح جراحها التي خاطتها الدولة على عجالة دون تنظيف جروحها الغائرة. ما زالت جمعية وعد والمنبر تحتفلان برحيل الشهيدين محمد غلوم وسعيد العويناتي، كما لا زالت تطالب عائلة الشهيد محمد غلوم بمعرفة مكان قبره.

أهالي المحكومين بالإعدام الذين ما زالت لديهم أسئلة لم يجدوا إجابات وافية عليها. ابن إبراهيم مرهون الذي كبر فجاء يبحث عمن يدلّه على قبر أبيه، الأبرياء الذين طبع السجن في رأسهم صداعًا مزمنًا لم يتخلصوا منه. أيضا هناك أهل المجني عليه المرحوم الشهيد عبد الله المدني الذين لم يفهموا سر بشاعة القتل؟ إنه دوار الغموض؟!  

وحده أبوعلي فلاح الذي اتبع حدسه وعلق صورة ابنه في دكانه بسوق المنامة مكتوبا عليها الشهيد علي فلاح، لتربك العبارة شهقة السؤال في وجه كل عابر يمر في دكانه البسيط بسوق المنامة: هل علي فلاح قاتل أم شهيد؟!  

 

هوامش ومراجع: 

ورقة علي ربيعة في مؤتمر التغيير الديمقراطي: مجلس 1974 نقاط القوة والضعف والآثار السلبية  

المتهمون يعترفون  

المصدر: مجلة المواقف - العدد 157 -  29 نوفمبر 1976م

المحكمة الكبرى المدنية تواصل سماع أقوال شهود الإثبات1    

المصدر: مجلة المواقف - العدد 160- الاثنين – 3 ديسمبر 1976

إحالة 5 متهمين إلى محكمة الجنايات الكبرى

 المصدر: مجلة المواقف - العدد158  - الاثنين - 6 ديسمبر 1976

المحاكمة الكاملة لمحاكمة المتهمين في قضية اغتيال المدني 2      

المصدر: مجلة المواقف - العدد 159- الاثنين– 13 ديسمبر 1976

المحكمة الكبرى المدنية تواصل سماع أقوال شهود الإثبات 2  

المصدر: مجلة المواقف - العدد 159 – الاثنين – 20 ديسمبر 1976

المحكمة الكبرى المدنية تواصل سماع أقوال شهود الإثبات 3   

المصدر: مجلة المواقف - العدد 160- الاثنين - 20ديسمبر1976

المناقشات التفصيلية في محاكمة المتهمين باغتيال المدني 1    

المناقشات التفصيلية في محاكمة المتهمين باغتيال المدني 2   

المناقشات التفصيلية في محاكمة المتهمين باغتيال المدني 3   

المناقشات التفصيلية في محاكمة المتهمين باغتيال المدني 4   

المناقشات التفصيلية في محاكمة المتهمين باغتيال المدني 5   

المناقشات التفصيلية في محاكمة المتهمين باغتيال المدني 6   

جميع المناقشات نفس التاريخ   المصدر: مجلة المواقف - العدد 160 – الاثنين 20 ديسمبر 1976

المحاكمة الكاملة لمحاكمة المتهمين في قضية اغتيال المدني 1    

المصدر: مجلة المواقف - العدد 159- الاثنين 22 ديسمبر 1976

لقطات من جلسات محكمة المتهمين في قضية اغتيال المدني    

 المصدر: مجلة المواقف - العدد 162- الاثنين 3 يناير 1977

ماذا يحدث من إجراءات داخل المحكمة  

المصدر: مجلة المواقف - العدد 163- الاثنين – 10 يناير 1977

القبض على المتهمين الرابع والخامس أمام محكمة أمن الدولة  

 المصدر: العدد 173- الاثنين 1 ربيع الثاني 1397 – 21 مارس 1977

الادعاء العام في انتظار الحيثيات في قضية مصرع المدني  

المصدر: مجلة المواقف العدد 165- 24/1/1977

الإدعاء العام يستأنف الحكم في قضية مصرع المدني   

المصدر : مجلة المواقف - العدد 166 –  31/1/1977

عبدالله مطيويع -  من الذي اغتال المدني 

صحيفة الوسط البحرينية - العدد 1241 - الأحد 29 يناير 2006م

عبدالله مطيويع -  من الذي اغتال المدني2    

صحيفة الوسط البحرينية - العدد 1247 - السبت 04 فبراير 2006م

كلمة عائلة الشهيد محمد غلوم في احتفالية تأبين الشهيدين محمد غلوم بوجيري وسعيد العويناتي 5-12-2012 جمعية العمل الوطني الديمقراطي وعد

 

 

 

 


التعليقات
التعليقات المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع

comments powered by Disqus