» حوارات
القائم بأعمال الأمين العام لجمعية «وعد» لـ «مرآة البحرين»: المشهد السياسي في البحرين يزداد تعقيدا والدولة المدنية الديمقراطية هي الحل
2013-05-02 - 5:32 م
مرآة البحرين (خاص): "أن المخرج الحقيقي للازمة السياسية لا يكمن في الإمعان في سلوك الدولة الأمنية المرفوض من قبل البحرينيين والمجتمع الدولي باعتباره مخالف لأبسط حقوق الإنسان، بل إن المخرج في الحوار الجاد ذي المغزى الذي يفضي إلى نتائج مبنية على أجندات وطنية واضحة على رأسها ترجمة المبدأ الدستوري "الشعب مصدر السلطات جميعا" على أرض الواقع".
هذا هو رأي القائم بأعمال الأمين العام لجمعية العمل الوطني الديمقراطي (وعد)، البحرينية (الليبرالية) المعارضة، رضي الموسوي الذي أكد أن هناك أزمة ثقة قائمة بين المعارضة والسلطة، وأن هذا الشرخ تعمق بعد التعثر الكبير في تنفيذ توصيات اللجنة البحرينية المستقلة لتقصي الحقائق وتوصيات مجلس حقوق الإنسان العالمي التي أطلقها في سبتمبر /أيلول 2012.
وأكد خلال لقاء خاص بـ"مرآة البحرين" على أن الجمعيات السياسية المعارضة الست قدمت رؤيتها لإطلاق حوار جاد يعالج الازمة السياسية الدستورية التي تعصف بالبلاد منذ انطلاق الحراك الشعبي في نوفمبر/شباط 2011، والتي تتضمن عناصر من شأنها إطلاق حوار ناجح يفضي إلى نتائج، وأهم هذه العناصر اعتماد المواطنة المتساوية منطلقا في هذا التفاوض الذي نعمل على أن يصل إلى تسوية دائمة تنقل البلاد إلى رحاب التنمية الانسانية الحقيقية والديمقراطية.
وأعتبر الموسوي نتائج الحوار والتفاوض قرارات وصيغ دستورية يتم الاتفاق عليها وليست توصيات، "كما أن أجندة المفاوضات التي نعتقد بها وقد تضمنها مبادرة ولي العهد التي أطلقها في مارس/آذار 2011، ووثيقة المنامة التي أطلقتها المعارضة في أكتوبر/تشرين الأول 2011، ومرئيات التيار الوطني الديمقراطي التي أطلقها في مارس/آذار 2012، ووثيقة اللاعنف التي أصدرتها المعارضة في نوفمبر/تشرين الثاني 2012، والتي تتضمن تشكيل سلطة تنفيذية تعبر عن الإرادة الشعبية، تشكيل وصلاحيات السلطة التشريعية، النظام الانتخابي العادل، استقلالية السلطة القضائية، تحقيق الأمن للجميع، التجنيس السياسي، الفساد، التمييز، تنفيذ التزامات الحكم تجاه توصيات اللجنة البحرينية لتقصي الحقائق وتوصيات مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة والتي تعني الإفراج عن جميع معتقلي الرأي في البحرين، وإطلاق الحريات العامة وترشيد خطاب الإعلام الرسمي وشبه الرسمي، والشروع في العدالة الانتقالية".
وأشار الموسوي خلال حديثه إلى أن الجمعيات المعارضة اقترحت على الوزير المعني آلية الحوار، والتمثيل المتكافئ للأطراف المتفاوضة، والجدول الزمني للمفاوضات، وآليات تنفيذ الاتفاق النهائي والإشراف المشترك على التنفيذ والجدول الزمني للتنفيذ، ووضع ضمانات جوهرية للتنفيذ نظرا لأزمة الثقة بين المعارضة والحكم.
زمن الديمقراطيات
تعول المعارضة على أن زمن الديكتاتوريات ولى وزمن الديمقراطية وحكم الشعب قد أتى، يقول القائم بأعمال الأمين العام لجمعية العمل الوطني الديمقراطي: "نحن نؤمن ونبشر بدولة الحقوق والواجبات، دولة حقوق الإنسان والديمقراطية والمواطنة المتساوية التي لاتفرق بين مواطنيها بناء على معتقدهم السياسي أو انتمائهم الطائفي أو المذهبي أو القبلي، وفزاعة استئثار الإسلاميين بالسلطة ليست بالمقولة الجديدة، بل انها مورست منذ العام 2002، عندما تم تقسيم الدوائر الانتخابية على أساس طائفي، حيث فعل مشرط المشرع فعلته في المحاصصة الطائفية، وكانت النتيجة كارثية على التجربة النيابية وهي بالمناسبة من أسباب اندلاع الحراك الشعبي قبل سنتين".
وشدد الموسوي: "نحن لا نؤمن بحكم يبنى على الانتماء الديني أو الطائفي أو المذهبي أو القبلي، بل نؤمن بالدولة المدنية الديمقراطية التي تتعامل مع مواطنيها بالمساواة كأسنان المشط، الدولة التي تؤمن إيمانا حقيقيا بأن الدين لله والوطن للجميع، وعليه فأن استئثار الإسلاميين بالسلطة في بعض البلاد التي حدثت فيها ثورات الربيع العربي، لاتزال تعيش مخاضات الدولة الجديدة بعد عقود من الجمود والفساد الإداري والمالي، ونحن مع حلفائنا الإسلاميين وخصوصا في جمعية الوفاق متوافقون على إن الدولة المدنية الديمقراطية هي المستقبل الذي ننشده".
واجهة بعض الجمعيات السياسية هي من رجال الدين، فكيف تقنعون الشارع بإن المطالب تتركز على دولة مدنية، رد قائلا: "من حق أي مواطن ممارسة حقوقه المدنية والسياسية بغض النظر عن ما يرتدي، في البحرين البعض يرتدي الغترة (الحطة) والعقال، والبعض يلبس البدلة الإفرنجية والبعض الآخر يضع العمامة بأشكالها السنية والشيعية، لكن لكل هؤلاء الحق في العمل السياسي والتعبير عن رأيهم، ونحن نحكم على الناس من مواقفهم المعلنة التي يطلقوها في بياناتهم أو في خطبهم يوم الجمعة".
وأضاف: "ليست هناك خطبة واحدة فيها نفس طائفي لرجال الدين المنتمين للمعارضة، في حين السب والشتم والتحريض الطائفي والمذهبي والسياسي نشاهده ونقرأه كل يوم من جماعة الموالاة وقياداتهم على منابر الجوامع وفي الصحف والتلفزيون الرسمي. حتى المرجع الشيعي الأكبر في البحرين المعارض الشيخ عيسى قاسم ومنذ إنطلاق الحركة الاحتجاجية في شباط 2011، انتقد الحكومة بشراسة ولكن ليس على أساس طائفي، وهناك فرق كبير بين التحريض الطائفي والانتقاد السياسي".
تلوم المعارضة السلطة على ارتكابها الكثير من الأخطاء، وهو ما لا ينفيه الموسوي: "المعارضة ليسوا ملائكة لا يخطئون، نعم هناك أخطاء للمعارضة ولا ندّعي الكمال، ذلك أن الأزمة السياسية والدستورية أكبر منا جميعا دون ادعاء، والحقيقة إننا وقعنا في أخطاء تكتيكية بحكم حجم الحدث وتداعياته، لكن أخطاءنا لا تقارن بخطايا السلطة في القتل خارج القانون وتشريط البلاد إلى طوائف تتناحر وتقسيمها إلى مربعات أمنية والاعتقال والفصل التعسفي على الهوية وإطلاق الحملات الغرائزية في التلفزيون الرسمي".
ويؤكد الموسوي: "نحن على قناعة تامة أن النضال السلمي الحضاري هو الذي يقود الى تحقيق المطالب، ففي مرافعته أمام محكمة الاستئناف العليا يونيو/حزيران الماضي، قال الأمين العام لجمعية وعد إبراهيم شريف، المحكوم بالسجن خمس سنوات من قبل المحكمة العسكرية وأيدتها المحكمة المدنية (أن طريق الحرية يحتاج إلى تضحيات وأن نضالنا سلمي بامتياز وإذا كان لابد من إسالة الدماء فلتكن دماؤنا التي تسيل وليس دماء خصومنا) وهي قمة التضحية والسلمية الحضارية التي نتبناها في جمعية وعد والمعارضة السياسية".
الوضع الإقليمي
بعد مرور عامين على إنطلاق الاحتجاجات في البحرين، هل بدأ الناس بالتململ من دعوة الجمعيات المعارضة لاعتصامات وتظاهرات متتالية؟ عن ذلك يقول رضي الموسوي: "المشهد السياسي في البحرين يزداد تعقيدا ويحتاج إلى نفس طويل للوصول إلى الأهداف المشروعة في الحرية والديمقراطية والعدالة الاجتماعية والمواطنة المتساوية، ومن يعتقد أن الأزمة سيتم حلها سريعا فهو واهم".
ويرى الموسوي أن الحل الأمني لا يؤدي إلا إلى المزيد من الكوارث والويلات على الشعب بمختلف مكوناته فضلا عن المقيمين، وبالتالي فإن الحل السياسي عبر الحوار الجاد هو المخرج.
ويواصل: "فالبحرين تقع وسط الخليج العربي الذي تتصارع عليه مصالح دول إقليمية ودولية، وهي الأقل ثروة بين شقيقاتها دول مجلس التعاون الخليجي، فهي الأقل إنتاجا للنفط عبر حقل ابو سعفه الذي تتقاسمه مع الشقيقة الكبرى المملكة العربية السعودية، ويشكل النفط 87% من إجمالي الدخل الحكومي، وتفرض هذه المعطيات علاقة وارتباط مصيريين بين أكبر دولة مصدرة للنفط في العالم وبين أصغر دولة منتجة له في دول مجلس التعاون الخليجي وهي الأصغر مساحة والأصغر في عدد السكان، هذا يقدم مؤشرات واضحة على تعقيد المشكلة، خصوصا إذا أضفنا التركيبة الديموغرافية التي يريد البعض تغييرها من خلال التجنيس السياسي المحموم والمدمر للنسيج المجتمعي وللثروة الوطنية والمهدد للاستقرار الاجتماعي والسلم الأهلي".
ويؤكد: "هذا الواقع يفرض درجة عالية من الحرص والذكاء السياسي في التعاطي مع الأزمة، فنحن في المعارضة نتحمل مسئولية وطنية تجاه شعبنا وبلادنا، وإذا أراد البعض تدمير البلاد مجتمعيا واقتصاديا، فعلينا الوقوف في وجهه، فالبحرين متغير تابع وعلينا ان ندرك هذه الحقيقة بعيدا عن العواطف الجياشة والشعارات غير الواقعية".
مراقبون يعولون على تغير الوضع في سوريا ليحدث تغير في البحرين، كيف تنظر المعارضة لهذا الأمر وأي الخيارات الإقليمية هو الأكثر ملائمة للوضع البحريني؟، يجيب رضي الموسوي: "مطالب شعب البحرين محقة ومشروعة فهذا الشعب يطالب بحقوقه منذ عقود طويلة وآن الأوان لتحقيقها وتجنيب بلادنا الاستحقاقات الإقليمية والدولية رغم المعطيات التي أشرنا لها، فنحن في الجمعيات السياسية المعارضة نرنو إلى إصلاح جذري يقوم على أرضية الملكية الدستورية على غرار الديمقراطيات العريقة، كما جاء في ميثاق العمل الوطني الذي صوت عليه شعب البحرين بأغلبية ساحقة بلغت 98.4%، فالتداعيات الإقليمية تؤثر في الوضع المحلي وتحدد سقوف المطالب، لكنها لا تلغي المطالب بالديمقراطية والدولة المدنية الديمقراطية الحديثة.
وردا على العديد من التصريحات الرسمية الإيرانية التي تدعم فيه الحراك في البحرين قال الموسوي: "لتقل إيران ما تريد، السؤال ماذا يريد الشعب البحريني؟ إنه يريد الحرية والعدالة الاجتماعية والمواطنة المتساوية في دولة مدنية حديثة تضع مواطنيها جميعا على قدم المساواة وتعتمد الكفاءة وليس المحسوبية السائدة حاليا".
وتتواصل المعارضة مع القوى العظمى في العالم (الأمريكان، البريطانيين، الروس، الأتراك) فهل تعول عليهم لإحداث تغيير داخل البحرين؟ رد الموسوي: "نعول على عدالة قضيتنا، والعلاقة مع الآخر هي جزء من الفعل السياسي المطلوب، لكننا نؤمن بأن شعبنا قادر على اجتياح المعجزات لتحقيق مطالبه العادلة".
اقرأ أيضا
- 2018-11-21الفائزة بجائزة منظمة التعليم الدولية جليلة السلمان: سياسات التربية منذ 2011 هي السبب الأكبر وراء تقاعد المعلمين!
- 2018-05-17الموسيقي البحريني محمد جواد يفكّ لغز "القيثارة الدلمونية" وينال براءة اختراعها
- 2017-10-03مترجمات «ما بعد الشيوخ» في حوار مع «مرآة البحرين»: كان الهدف أن نترجم ثقل الكتاب!
- 2017-10-03«مركز أوال للدراسات والتوثيق» في حوار مع «المرآة»: كتاب «ما بعد الشيوخ» طبع 6 مرات رغم تزوير الترجمة من جهات أخرى
- 2017-10-03فؤاد الخوري ليس كأيّ كتاب... مروة حيدر: رسالة "دعوة للضحك" وصلت… أنا مترجمة تبتسم!