1 يونيو: اختبار الشارع مرة أخرى
مقالات أخرى - 2011-05-18 - 6:03 ص
حسين مرهون *
أسبوعان متبقيان على انتهاء حالة "السلامة الوطنية". وهو اللفظ المخفّف للجلافة وسياسة العصا الغليظة. سيكون اختباراً للحكم ما إذا كان قادراً على كبح جماح أجهزة الأمن التي أطلقها بلا رادع فأعملت في الناس قتلاً وتنكيلاً طيلة الأشهر الثلاثة الماضية.
وما إذا كان قادراً أيضاً على استعادة قرار السيادة من يد الجارة الكبرى الطامحة. وما إذا كان، وهذا الأهم، قد اقتنع أن لا حل مع "الحل" الأمني مطلقاً. كما لا شك قد فهم، من إرادة المعارضة الوطنية التي لم تتعجل تقديم التنازلات تحت وطأة الضاغط الأمني.
وحين نقول: لا حل مع "الأمن"، فنحن نتمسك بالحكمة القديمة الرائجة في الأدبيات السياسية: "أن الحرب ممارسة للسياسة بوسائل أخرى". ذلك إذا ما ذهبنا بعيداً طبعاً مع "عبط" الرواية الرسمية: من أن ثمة تهديداً جدياً في مستوى "الحرب" استوجب إدخال كل هذه المجنزرات والجيوش الجرارة، التي بلا تاريخ غير تاريخ سحق انتفاضة شعب البحرين بمطالبها السلمية المحقة!
أحد معاني ذلك، وهو ما كان واضحاً منذ اليوم الأول من إعلان "السلامة الوطنية"، أن لا أفق مستقبلياً لكل حشد العنف الدموي الذي مورس. وأن المخرج الحقيقي للخراب العميم الذي خلفته عملية إطلاق يد العسكر على رقاب الناس العزّل، يتمثل في العودة إلى السياسة وأدواتها. ولا "حل" حقيقيّ خارج السياسة وأدواتها.
في المقابل، سيكون رفع "السلامة الوطنية" اختباراً للمعارضة هي الأخرى. ما إذا كانت ستستطيع العودة إلى الشارع مرة ثانية، مع انتفاء موانع اللجوء إلى الشارع. القانونية في الأرجح. اختباراً لمعنى "الرفع" من أصله، وتمسكاً بحق كفله الدستور.
وهو ما يبدو أنها بصدد الاتجاه إليه فعلاً. مثلما أخذ يتواتر من داخل مطابخ القرار في الجمعيات السياسية.
وما إذا كانت، أي المعارضة، قادرة على ضبط إيقاع الشارع ضمن سقف واقعي من المطالب في حدود الملكية الدستورية. وهو السقف "الميثاقي" للإصلاح أخذاً بتصويت أغلبية مكونات شعب البحرين على ميثاق العمل الوطني الذي نص صراحة على الملكية الدستورية.
في كل الأحوال، نحن أمام تحدًٍ جدي لكل من الحكم والمعارضة. الحكم؟ أن يكف عن التعويل على الأمن في حل الأزمة السياسية التي لم يكن 14 فبراير/ شباط إلا مناسبة لتكثيفها. فهي أزمة متراكمة تمتد إلى اللحظة التي انقلب فيها على الوعود التي أعطاها للناس قبل التصويت على الميثاق.
المعارضة؟ أن تعيد لملمة صفوفها، وإقناع من لم يقتنع بعد، حول مطلب واحد جدي ينطلق من أرضية "واقعية" للإصلاح. وإلا، فلتذهب إلى "تمايز" واضح لا لبس فيه، بينها وبين "طرح" من ثبتت بالتجربة الآن كلفة خياراته!
* كاتب بحريني