» حوارات
نبيل رجب لـ«مرآة البحرين» في حوار جديد من سجنه: أدعو للتمرد على القوانين التي تنتهك حقوق الناس
2013-04-24 - 5:08 م
مرآة البحرين (خاص): في حوار خاص مع «مرآة البحرين» من سجن «جو»، أكد رئيس «مركز البحرين لحقوق الإنسان» المعتقل نبيل رجب أن محاكمته «كشفت للعالم حجم فساد المؤسسة القضائية في البحرين»، مشيرا إلى أن «فقدان الثقة في القضاء قد يدفع الناس إلى تحقيق العدالة بأيديها». ودعا رجب إلى «التمرد على كل القوانين التي تنتهك حقوق الناس»، مؤكدا أنه لن يتوقّف عن المشاركة في الاحتجاجات، معتبرا أن وجود وزير العدل الحالي خالد بن علي آل خليفة على رأس الوزارة «هو أوّل دليل على عدم استقلاليتها». كما رفض رجب «كل أعمال العنف حتّى ولو كانت ردّات فعل على عنف النظام».
«مرآة البحرين» التقت نبيل رجب في سجن «جو» المركزي، وفيما يلي مقتطفات من الحوار معه:
مرآة البحرين: بعد أشهر من سجنك، ما هو تعليقك على الحكم الصادر بحقك؟
نبيل رجب: في الحقيقة دار الكثير من النقاش بيني وبين فريق الدفاع مع بدء تتالي رفع القضايا ضدي من قبل النظام، وتمحور هذا النقاش حول موقفي الرافض والمقاطع لهذه المحاكمة وإجراءاتها، لأنني كنت على يقين بأنّ إجراءاتها صورية فقط، وكنت على يقين بأنّ قرار الاستهداف القضائي قد اتّخذ سلفاً وأنّ الأحكام الكيدية قد صدرت سلفاً من رموز النظام. وكنت أًؤمن بأنّ هذه المؤسسة القضائية مسيّسة وغير مستقلة وبالتالي أحكامها لن تكون نزيهة بل ستكون موجّهة من مؤسسة الحُكم.
أما رأي فريق الدفاع فلم يختلف معي كثيراً حول تلك النتائج ولكن اختلفوا معي فقط حول جدوى مقاطعة المحكمة، فهم كانوا مع المضي في الإجراءات القضائية من أجل كشف وفضح الخلل والفساد في هذه المؤسسة أمام الرأي العام المحلي والدولي وهو الرأي الذي رجّحته لاحقاً. وبالفعل فقد تمّ تعرية هذه المؤسسة الفاسدة طوال مدّة محاكمتي، حيث انكشف للعالم حجم فساد هذه المؤسسة وانكشف انحيازها وعدم حيادها في جميع القضايا المرفوعة ضدي، وقد عاين وشهد المجتمع الدولي بنفسه وعبر مؤسساته الحقوقية حجم الاستهداف والتجاوزات القضائية التي يعاني منها شعب البحرين وهو ما كنّا نتحدّث عنه لسنوات.
إنّ الحكم الظالم والكيدي الصادر ضدي يؤكد ضرورة النضال من أجل استقلالية هذه المؤسسة الفاسدة التي تهيمن عليها الأسرة الحاكمة والسلطة التنفيذية، ففقدان الثقة في القضاء دفع الناس لليأس والإحباط من كلّ مؤسسات النظام الحاكم، بل قد يدفع الناس لتحقيق العدالة بأيديهم وهو توجّه خطير سيؤدي للعنف والفوضى. فالقضاء المستقل والنزيه هو الملجأ الأخير للمظلومين والضحايا لتحقيق العدالة والإنصاف وأنّ أي فساد في هذه المؤسسة سيدفع المجتمع بأسره لعدم الاستقرار.
قضاؤنا مسيّس بسبب هيمنة أحد طرفي النزاع السياسي عليه وبسبب استهدافه الممنهج للنشطاء وعدم نزاهة الأحكام الصادرة في القضايا السياسية، وحتّى المؤسسة التشريعية مهيمن عليها من النظام الحاكم الأمر الذي جعل هذه المؤسسة تشرع القوانين المقيدة للحريات بدل أن تلغي الموجود منها. وكلّ ذلك يجعل من النظام الحاكم نظاماً تسلطيّاً مستبدّاً لأنّه مارس استبداده وهيمنته على كل السلطات التنفيذية والتشريعية والقضائية، وهذا هو سبب لجوء الناس إلى الشارع للتعبير عن مطالبهم عوضاً عن اللجوء إلى المؤسسات التشريعية والقضائية، فنحن أما أزمة حُكم وأزمة مؤسسات في الوقت نفسه.
المرآة: تم سجنك لأنك خالفت قانون التجمعات ودعوت إلى خرقه، فما هو تعليقك؟
وهناك دول شرّعت قوانين تحمي زعماءها من النقد والمحاسبة في الوقت الذي يستحوذ هؤلاء الزعماء والملوك على كل السلطات والثروات في أيديهم ويتصرفون فيها كيفما يشاءون، ونقد الناس لهم ربما يزجّهم في السجون باسم التطاول أو الإساءة، فهذه قوانين خطيرة والخضوع لها أخطر لأنّها تؤسس للاستبداد والدكتاتورية.
أيّ قانون محلّي ينتهك أو يخالف المعايير الدولية الأساسية لحقوق الإنسان علينا رفضه والتمرد عليه حتى وإن شرّعه برلمان منتخب ذو تمثيل حقيقي للناس، فلا توجد سلطة على وجه الأرض تملك حق انتزاع حقوق مشروعة. يجب أن تكون الحاكمية للقوانين والمعايير الدولية على المحلية في قضايا حقوق الإنسان. وللعلم فإنّ الكثير من القوانين المحلية التي تم تشريعها في البحرين في السنوات الماضية تم رفضها وانتقادها من قبل المؤسسات الدولية مثل الأمم المتحدة و"العفو الدولية" و"هيومن رايتس ووتش" و"الفيدرالية الدولية" وغيرها.
وقد كشف لنا "تقرير البندر" في 2006 أن السلطة كانت تنوي تمرير مجموعة من القوانين المقيدة للحريات مثل قانون الإرهاب والجمعيات والتجمعات وغيرها تهدف من خلالها ومن خلال القضاء إلى ضرب معارضي السلطة باسم القانون والقضاء المستقل، وهي القوانين ذاتها المستخدمة اليوم لقمع المطالبين بالديمقراطية، وهي ذاتها التي حوكمت بها. والآن وفي ظل غياب مؤسسة تشريعية حقيقية لها كامل الصلاحيات تمثل الشعب تمثيلاً حقيقياً فإنه من الضروري رفض هذه القوانين والتمرد عليها حتى يتم مراجعتها وإعادة النظر فيها حتّى تتوافق مع العدالة والقوانين الدولية.
المرآة: ما هو رأيك في موضوع إدانتك في قضايا التجمهر؟
صحيح أن هذه المواثيق الدولية أعطت الحق للحكومات لتشريع قوانين تنظم وتسهل وتيسر ممارسة هذه الحقوق بما فيها حق التجمع ولكن لم تعطهم الحقّ في إعاقة ممارسة هذه الحقوق الأساسية. والذي يحدث في البحرين هو سنّ قوانين تنتهك هذه الحقوق ويطلبون من الناس احترامها، فيمنع التظاهر في العاصمة المنامة باسم القانون وهو انتهاك واضح لهذا الحق. وعلينا أن نعلم بأن للمواثيق الدولية الحاكمية على القوانين المحلية ولا يجوز تشريع أي قانون ينتهك أي حق من حقوق الإنسان. التظاهرات والتجمعات التي اشتركت فيها كانت تهدف لتسليط الضوء على الانتهاكات المستمرة لحقوق الإنسان وعلى الإجراءات والقوانين المقيدة للحريات التي أنا أحد ضحاياها والتي وضعت البحرين في مصاف الدول التسلطية سيئة السمعة فالعالم اليوم صار يصنف الدول بحسب احترامها أو انتهاكها لحقوق الإنسان.
أمّا الاحتجاجات والتظاهرات فستستمر في ظل غياب سلطة تشريعية تمثل الشعب تمثيلا حقيقياً وتملك الصلاحيات للمحاسبة والمراقبة والتشريع. أما مشاركتي في التظاهرات فهي تعبر عن مطالب الناس ومظالمهم ولن أتوقّف عن المشاركة في هذه الاحتجاجات دعماً للمظلومين والمهمّشين ودعماً لضحايا التمييز والاستبداد.
البحرين وقعت على مواثيق مهمة لحقوق الإنسان لكنّها لم تلتزم بما وقّعت عليه، ولم توائم قوانينها مع تلك المواثيق الحقوقية لغياب أي دور لممثلي الشعب أو لسلطة ينتخبها الشعب.
في الحقيقة، كان القضاء سيكتسب احتراما ومصداقية لو أنه لم يستهدفني كحقوقي مستقل ولم يستهدف المئات غيري بتهم تافهة كالتجمهر السلمي في الوقت الذي تجاهل المسيرات المسلحة التي شارك فيها المئات من موالاة النظام في منطقة الرفاع وغيرها.
رجب: وجود وزير العدل الحالي على رأس هذه الوزارة هو أوّل دليل على عدم استقلاليتها، فلو كان القضاء مستقلاً لما تسلّم هو وزارة العدل كإرث عن جده الشيخ عبدالله بن خالد، ولما كان هو أو أي فرد من أفراد عائلته على رأس المؤسسة القضائية، لكي يهيمنون عليها ويسخّرونها لحماية سلطتهم ومحاربة معارضيهم. النزاهة والاستقلالية ليس في استهداف الأصوات المعارضة للنظام بل في ملاحقة الفاسدين من الموالين للنظام والفاسدين من أفراد الأسرة الحاكمة المتورطين في السرقات وفي التعذيب والقتل، ولو كان هناك حدّ أدنى من الاستقلالية لقام الوزير بملاحقة دعاة الفتنة الطائفية ومنابر الكراهية الذي قام وزير العدل بنفسه بتعيينهم في مواقعهم بحكم منصبه.
وزير العدل (خالد آل خليفة) يُعتبر من أكبر منتهكي القانون فقد أمر بهدم عشرات المساجد دون أي سند قانوني أو حكم قضائي، ولأنّها فقط تعود إلى الطائفة الشيعية، وقام بالتلاعب بالقضاء وتجييره لمصالح النظام والعائلة الحاكمة، وقام باستهداف المعارضين، وغطّى على عمليات القتل والتعذيب والفصل والسرقات واستباحات القرى والبيوت، وقام بالكذب على "الكادر الطبي" أمام وسائل الإعلام الدولية، وقام بتشويه المعارضة السلمية، والقائمة تطول. فكيف برجل بهذه المواصفات أن يرأس سلطة قضائية مستقلة؟
المرآة: وزارة الداخلية منعت المسيرات بحجة أنها مصحوبة بأعمال عنف، ألا تعتقد أن القرار كان صائباً؟
ما جعل النظام يمنع المسيرات في الحقيقة هو الشعارات المرفوعة مثل "يسقط حمد" أو "الشعب يريد إسقاط النظام"، وهذه شعارات تحرج النظام أمام المجتمع الدولي وتكشف للعالم إنه لا يملك شعبية بين الناس، والنظام حاول إيقاف هذه الشعارات بالقوّة ولكنّه فشل. ونحن كحقوقيين نرفض منع الناس من رفع أي شعار لأنّ رفع الشعارات واختيار السقوف حق من حقوق الناس ما دامت وسائل التعبير سلمية. وحاول النظام الضغط على الجمعيات السياسية لتقوم بدور أمني في وقف هذه الشعارات الجماهيرية في مسيراتها ولكنّ الجمعيات قاومت هذا الضغط خصوصاً أنّ الشعارات صورة من صور التعبير عن الرأي، والسقوف ترتفع في ظل غياب أي تنازل من السلطة في الملفات الحسّاسة، فهذه هي الأسباب الحقيقية لعملية المنع.
الواقع الذي شهده العالم هو أن التظاهرات والاحتجاجات التي تقوم بها المعارضة السياسية في البحرين هي الأكثر التزاما وتنظيما وسلمية إن قارناها بالاحتجاجات في كلّ دول الربيع العربي، ولا أعتقد أن أي من احتجاجات دول الربيع العربي قد أخذت موافقة السلطة مسبقا لتحركاتها أو حتى أطلعتها بذلك، لأن الثورات والانتفاضات لا تأخذ الإذن من أنظمتها الحاكمة. لكن حتى أخذ التصاريح لم يرض السلطة بل الآن تحاول الضغط على الجمعيات السياسية لتحويلها إلى شرطة لتقمع آراء الناس وشعاراتها ولتقمع طموحها وأحلامها، ولكن وعي الجمعيات لما يحاك لها حال دون ذلك ففشلت السلطة فشلاً ذريعاً.
الجمعيات السياسية باتت واعية اليوم لكل المصائد والأفخاخ التي تعدّها لها السلطة، ولكن عليها أن تتواصل أكثر وأكثر وبشفافية مع جمهورها أوّلاً ومع الإعلام الدولي ثانياً لتطلعه على كل الحقائق التي تجري في البحرين. نحن بحاجة إلى إعداد المزيد من المتحدثين ليظهروا في الإعلام العربي والدولي لأن النظام ينشط بصورة جنونية وينفق الأموال من أجل تضليل العالم.
المهم أنّ التجمهر والتظاهر السلمي هو حق أساسي ومشروع يجب عدم التنازل عنه خصوصا في العاصمة المنامة وهي المنطقة الحاضنة لكل مؤسسات الدولة، وهي المكان الطبيعي الذي يجب أن تقام فيه تلك الفعاليات، ولا توجد دولة في العالم تدّعي الحريّات واحترام حقوق الإنسان وهي تمنع التظاهر في عاصمتها.
المرآة: ما هو تعليقك على صدور أحكام ضد أشخاص بتهمة التعدي على الذات الملكية؟
تبين هذه الأحكام القاسية حالة الفزع التي تعيشها هذه الأنظمة نتيجة الربيع العربي وتبيّن استنفارها الكامل بكلّ أجهزتها الأمنية والقضائية للدفاع عن وجودها خصوصاً بعد سقوط أنظمة شبيهة لهم وحليفة في عدة دول عربية.
تثبت لنا قسوة الأحكام وردود الأفعال المستنفرة رفض هذه الأنظمة التقدم ومواكبة التطورات الطبيعية ورفضها الاستجابة لطموح ومطالب شعوبها التي تناضل من أجل حقوقها الطبيعية والأساسية في الحرية والعدالة الاجتماعية، وما زالت هذه الأنظمة متشبثة بإرثها التاريخي ورافضة لأي مساس به من قبل شعوب لها طموح ولديها آمال مشروعة قد حركها الربيع العربي.
على النظام البحريني أن يعي أنه لن يتمكن من العودة بعقارب الساعة إلى الوراء لأن الشعوب باتت واعية اليوم أكثر من أي وقت مضى، وأن الأنظمة الحكيمة التي ستبقى وتدوم هي التي ستواكب المتغيرات وتحقق طموح شعوبها، أما الأنظمة التي قررت مواجهة مطالب شعوبها بالقمع فهي مرشحة للمزيد من عدم الاستقرار ومن ثمّ الزوال.
العالم تغيّر فلا يمكن تحصين الحكام والملوك من الانتقاد وهم يهيمنون على جميع السلطات ويتحكمّون بالثروات وتصدر عنهم قرارات سياسية ومراسيم ملكية، وإنّ إعطاءهم الحصانة هو أمر مخالف لكل المعايير الدولية والانصياع لهذه الحصانة هو أمر خاطئ أيضاً لأنّهم ليسوا فوق النقد والمحاسبة، والحصانة تأتي تلقائياً من الشعب إن هم أحسنوا مع شعوبهم.
ولا أحد اليوم ينتقد ملكة بريطانيا أو الدنمارك أو أي من ملوك الدول الأوروبية، لأنهم بمنأى عن أي دور سياسي أو تشريعي أو قضائي، لأنّها ممالك دستورية حقيقية لا صورية كما هي البحرين اليوم، وقد وعد ملك البحرين الشعب بمملكة دستورية حقيقية ولكنّه أخلف وعده.
على السلطة أن تعي أنّ سجن النشطاء والمغردين الذين ينتقدون رموز النظام على مواقع التواصل الاجتماعي سيدفع الكثير من النشطاء الالكترونيين للعمل السري واللجوء إلى الأسماء الوهمية وخطورة ذلك أنه سيفتح الباب أمام التشدد والتطرف.
اقرأ أيضا
- 2018-11-21الفائزة بجائزة منظمة التعليم الدولية جليلة السلمان: سياسات التربية منذ 2011 هي السبب الأكبر وراء تقاعد المعلمين!
- 2018-05-17الموسيقي البحريني محمد جواد يفكّ لغز "القيثارة الدلمونية" وينال براءة اختراعها
- 2017-10-03مترجمات «ما بعد الشيوخ» في حوار مع «مرآة البحرين»: كان الهدف أن نترجم ثقل الكتاب!
- 2017-10-03«مركز أوال للدراسات والتوثيق» في حوار مع «المرآة»: كتاب «ما بعد الشيوخ» طبع 6 مرات رغم تزوير الترجمة من جهات أخرى
- 2017-10-03فؤاد الخوري ليس كأيّ كتاب... مروة حيدر: رسالة "دعوة للضحك" وصلت… أنا مترجمة تبتسم!