» رأي
شكــــــــرًا قطر!!
إيمان شمس الدين - 2013-03-28 - 4:48 م
إيمان شمس الدين*
نعم شكرًا قطر لأنك أجزتِ التسليح للمعارضة ضدّ النظام السوري، الذي اعتبرتِه فاسدًا، وبذلك، كدولة خليجية وعضو في الجامعة العربية، شرعنتِ الحراك المُسلَّح ضدّ الأنظمة الفاسدة، وأبحتِ للشعوب المظلومة إسقاط أنظمتها المُستبدّة بالسلاح.
وبذلك يحقّ للشعب البحريني المظلوم، والمكلوم، والمضطهد، والمستباح عرضه، وثروته، وأبسط حقوقه، في وطنه البحرين، والذي أثبتت أغلب المنظمات الحقوقية الانتهاكات الصارخة التي يرتكبها النظام البحريني بحقه، وأثبت تقرير بسيوني أيضًا ذلك، أبحتِ للشعب البحريني أن يحمل السلاح كي يتحرّر من نظامه الظالم والمستبد.
ورغم أنّ المُفارقة واضحة بين مطلب الحراك البحريني، الذي يطغى عليه شعار إصلاح النظام، وبين مطلب الحراك السوري، وهو إسقاط النظام، إلا أنّ قطر التي وقفت حجر عثرة في وجه الحراك البحريني كانت هي القائد والمموّل للحراك السوري مادّيًا وإعلاميًا وأمميًا واليوم عسكريًا.
قطر، التي بات قرار الجامعة العربية في جعبتها، يحزنها حال الشعب السوري، ويثيرها استبداد نظام الأسد، لكنّها لا يرفّ لها جفن لما يحدث في دولةٍ جارة لها، مع شعبٍ أعزل، مع أن الأقربين أولى بالمعروف.
أما الجامعة العربية، فمنذ بدء الثورات في المنطقة إلى يومنا هذا، لم نرّ منها أيّ ذكر للحراك البحريني، والسبب البسيط جدًا وهو ادّعاؤهم بمذهبية الحراك.
وعلى فرض سلّمنا بهذا الادعاء الباطل أصلًا، إذًا يا سادة يا كرام أليس من حقّ الشيعة، الذين يمثّلون أكثرية، أن يحكموا ويسودوا في البحرين طالما هم أكثرية؟ أم أنّ ما ينطبق على العالم لا ينطبق عليهم؟ ومع أنّ الحراك، ومن خلال مطالبه وشعاراته وسلوك قادته وسلميته، يثبت يومًا بعد يوم براءته من تهمة مذهبية الحراك كبراءة الذئب من دم يوسف.
قطر التي دخلت في جوقة المطبّلين بتدخّل إيران في الحراك البحريني، إذا وماذا نقول عن ما تقوم به قطر وتركيا والسعودية وغيرهم من تدخل سافر جهارًا نهارًا في الحراك السوري؟ بل ما هو ردّهم عن الإثباتات التلفزيونية حول المقاتلين والمرتزقة من جنسيات مختلفة، الذين دخلوا الأراضي السورية بحجة دعم الثوار وإسقاط النظام؟ ألا يعد هذا تدخلًا خارجيًا؟؟ أم أنّ ما يحلّ لقطر لا يحلّ لغيرها، رغم أنّ أغلب التقارير، بما فيها تقرير بسيوني، أثبتت وبالأدلة عدم وجود ما يثبت تدخل إيران في الحراك البحريني.
والمفارقة أنّ المرتزقة في البحرين هم من يقمعون الشعب، دعمًا للنظام البحريني، بينما المرتزقة في سوريا هم من يحاربون النظام وكل من يؤيده من الشعب، بل تعدّى بعضهم، كجبهة النصرة، لقتل كل من يرفض حكم الجبهة على مناطق نفوذها.
وما تصدي دولة البحرين لوضع حزب الله على قائمة الإرهاب إلا حركة من حركاتها البهلوانية، التي تمهّد من خلالها لمسرحية جديدة كي توغل في اتهامات جديدة، إما للرموز، أو للحراك والثوار في البحرين.
اليوم قدّمت قطر خدمةً جليلة للثورة البحرينية، حينما تبنّت في البيان حق الدول تسليح المعارضة السورية بأي طريقة، وما يسري كحق للشعب السوري تحت شعار حرّيته في تحقيق مصيره يسري بطبيعة الحال على حق الشعب البحريني في تحديد مصيره، طالما الذي تبنّى هذا المطلب كحق هي جامعة الدول العربية، التي تمثل الشعوب لا الأنظمة كما يفترض، وبذلك لو تبنّت بعض فصائل الحراك البحريني إعلان تحوّل حراكها من سلمي إلى مسلّح، فبالتالي لا يحق لأي دولة الاعتراض، خاصّة من صوّت على البيان الختامي وختم بموافقته عليه.
اجتمعت الجامعة العربية للمرة المليون منذ انطلاق الثورة البحرينية، ولم نرَ منها أدنى التفاتة لحق هذا الشعب في تقرير مصيره، وبذلك الانكشاف الشنيع في ازدواجية معاييرها تسقط تلك الجامعة من حسابات الشعوب العربية، التي باتت اليوم أكثر قدرة على الرفض والتغيير، وأكثر جرأة على قول لا في وجوه قبّحها التاريخ وستقبّحها الأجيال القادمة، لمواقفها المخزية وخيانتها لإرادة الشعوب بحجج مذهبية باتت رائحتها العفنة تقضّ مضاجع أحرار العالم.
وأمّا الشعب البحريني، بعد الإعلان الأخير للجامعة العربية بحقّ المعارضة السورية، فله الحق في تغيير وجهته للدفاع عن نفسه بالسلاح مقابل ما يرتكب بحقه من قبل سلطة جائرة واجهت حراكه السلمي بالسلاح.
* كاتبة كويتية.