» تقارير
محمد المحاسنة، الظلامات إذا ما اجتمعن: هذا هو قاتل فاضل المتروك
2012-12-24 - 7:25 ص
مرآة البحرين (خاص): يحق للسجين (محمد المحاسنة) بطل قصتنا هذه أن يحصل على اعتذار كثيرين أساءوا له، ويستحق قبل ذلك اعتذار صحافيين نقلوا من المحكمة الجنائية خبراً دون تدقيق ودون بحث، أن محمد المحاسنة مجرم قام باغتصاب فتاة في العام 2007 تحت تهديدها بسلاح أبيض، ثم سرقتها والهرب.
الحقيقة أن ذلك محض كذب، وأن محمد بطل من أبطال ثورة 14 فبراير، وأنه اليوم الأحد 23 ديسمبر 2012 أفشل محاولة اغتياله معنويا بتعرفه في قاعة المحكمة على قاتل الشهيد (فاضل المتروك) حين أشار له بيده وسط القاعة بثبات وشجاعة قائلاً "هذا هو القاتل".
الأكثر أن محمد المحاسنة المحكوم بالسجن المؤبد، قدم دليلاً لا يقبل الدحض، تسجيل فيديو صوره بنفسه لعملية مقتل الشهيد فاضل المتروك عند مستشفي السلمانية يوم 15 فبراير 2011، بدءاً من لحظة هجوم المرتزقة على جنازة الشهيد علي مشيمع، وصولاً للحظة تصويب المرتزق للسلاح ثم اللحظة المأساوية الكبرى بتهاوي الشهيد فاضل المتروك على الأرض بسبب تلك الطلقة الغادرة .
تسجيل رفض القاضي التابع للنظام الخليفي أن يتم عرضه وسط المحكمة، لأن الدليل فيه إحراج كبير للقاضي الذي يبدو أنه يخطط لتبرئة القاتل، كما تم سابقاً تبرئة قتلة الشهيدين علي المؤمن، والحاج عيسى عبدالحسن.
القاضي إبراهيم الزايد
المفارقة أن القاضي إبراهيم الزايد هو القاضي الذي حكم على محمد المحاسنة بالسجن المؤبد. وهو من حكم على الحقوقي نبيل رجب بالسجن لثلاث سنوات، وهو القاضي الذي برأ المرتزقين اللذين قتلا الشهيدين علي المؤمن، وعيسى عبدالحسن.
مرآة البحرين عرضت تقريرين عن قصة السجين المظلوم محمد المحاسنة في وقت سابق، وأشارت له باسم (م.م) و(سجين الأمعاء الخاوية). يبدو أن بعض الصحافيين لم يطلعوا على التقريرين، أو أنهم لم يربطوا الأحداث، فقبل شهر ونصف تم الحكم غيابياً على محمد المحاسنة من قبل المحكمة الجنائية الكبرى الثالثة بالسجن المؤبد لاتهامه باغتصاب فتاة تحت تهديد السلاح، وفور انتهاء الجلسة نقل الصحافيون المكلفون بتغطية نشاط المحاكم والنيابة العامة الخبر لصحفهم، ونشرت الصحف خبر حكم السجن على شاب اغتصب فتاة تحت تهديد السلاح الأبيض وسرقتها، وانهالت بعدها تعليقات القراء ضد الشاب المحكوم والتشفي منه، لكن في الوقت نفسه كانت تنهال دموع عائلة محمد المحاسنة التي لم تتوقع أن يقع كثير من المواطنين ضحية تسرع بعض الصحافيين وتعجلهم.
لكن ما هي حكاية محمد المحاسنة؟
المعتقل محمد المحاسنة البالغ من العمر 30 عاماً، من أهالي بلدة الصالحية، شاب يمارس نشاطه الديني والسياسي بشكل معتدل، يمتد لأكثر من عشر سنوات. اضطرت وزارة الداخلية في ذروة حركة اللجان النوعية التي أطلقها المناضل عبدالهادي الخواجة في العام 2004، إلى توظيف عدد من الشباب العاطل، كان أحدهم محمد المحاسنة الذي عمل في وظيفة مدنية في قسم الصيانة وتحديداً في وزارة الداخلية.
بسب مشاركته في ثورة 14 فبراير 2011 تم استهدافه، إذ تم اعتقاله في يوم 27 من شهر مايو 2012 إلى جانب عشرة شبان آخرين من البلدة، تم اتهامهم بتنظيم فعالية "الأمعاء الخاوية" التي ناصرت المناضل المضرب عن الطعام في ذلك الوقت عبدالهادي الخواجة، وهذه الفعالية كانت على الشارع الممتد من بلدتي السهلة الجنوبية والشمالية وصولاً إلى منطقة السلمانية وهو الشارع المعروف بـ"خط النار".
في التحقيقات الجنائية تعرض المحاسنة ومن معه لتعذيب وحشي، وتم اغتصاب اثنين من المعتقلين في هذه القضية اغتصابا جنسياً، أحدهم هو المعتقل عدنان المنسي، ووقع الجميع على أوراق اعتراف بعد جولات مورست خلالها بحقهم أنواع التعذيب والانتهاكات.
في يوم 20 من شهر سبتمبر 2012، تم استدعاء محمد المحاسنة من سجن الحوض الجاف إلى إدارة التحقيقات الجنائية، واختفى هناك، وباءت كل محاولات معرفة أوضاعه بالفشل، لتتم إعادته إلى سجن الحوض الجاف بعد فترة منهكاً، وجسمه مليء بآثار الضرب والتعذيب الوحشي، والأكثر من ذلك كانت نفسيته متعبة ومنهكة تماماً.
محمد المتزوج منذ أعوام ولديه ثلاثة أبناء يوسف، وإلياس، وآدم، أجبره الجلادون وبمعاونة أحد وكلاء النيابة العامة على الاعتراف بأنه اغتصب فتاةً في عام 2007 جنسيًا تحت تهديد السلاح ومن ثم سرقتها.
D N A
أنكر محمد المحاسنة التهمة، فتمّ تعذيبه فاعترف أمام الجلادين، أخذوه للنيابة العامة فأنكر أمام وكيل النيابة التهمة، فقال لهم الوكيل: ارجعوه، عادوا به لمبنى التحقيقات، كانت وجبات التعذيب أكثر قسوة وضراوة على جسده ما فاق كل صبره وجَلَده، صرخ بهم: من هي هذه الفتاة؟ فلم يجبه أحد، قال مجدداً: كل الفحوصات التي أجريتها عند توظفي لوزارة الداخلية كانت في يدكم، من الحمض النووي (D N A ) إلى دمي، إلى كل شيء، فلماذا لم تتهموني حينها، وتقولون لي الآن إن تحليل الحمض النووي أثبت أني اغتصبت فتاةً؟ تواصل الضرب، صمد كثيراً، لكنهم ابتزوه بما لا يستطع الصمود أمامه. سنحضر زوجتك!، انهار أمامهم بل بكى لأنه يعرف قذارة هؤلاء الجلادين، وعادوا به منهكاً أمام وكيل النيابة العامة الذي خاطبه قائلاً: ليس أمامك إلا الاعتراف وقّع فقط، ابتسم ابتسامة ساخرة عندما وقع المحاسنة على أوراق الاعتراف أمامه.
أكثر من ذلك، أن محمد المحاسنة، بعد أن تمّ اتهامه بهذه التهمة المشينة ووقع الاعترافات مجبراً، كانت لديه زيارة مع أهله في سجن الحوض الجاف، فجأة جاء له الشرطة قالوا له جهز نفسك، لديك جلسة محاكمة، فقال لهم لكن لدي زيارة ولا أريد أن أخسرها، لم يقولوا شيئاً ذهبوا وجلبوا له ورقة قالوا له: وقع هنا أنك لا تريد الذهاب اليوم، وقع.
كان المحاسنه يظن أن هذه الورقة تعود لإدارة السجن، لكن المفاجأة أتته بعد نحو أسبوعين، أحضروا له ورقة أخرى تفيد أنها من المحكمة الكبرى الجنائية وأنها حددت الجلسة الثانية للحكم النهائي غيابياً، صُدم محمد المحاسنة، طلب الذهاب للقاضي، فقال له الشرطة: انتهى الأمر سوف يتم إصدار الحكم بحقك فقد وقعت ورقة أنك لا تود الذهاب للمحكمة.
وفي يوم 21 نوفمبر الماضي أصدر القاضي حكمه بسجن المحاسنة سجناً مؤبداً! هكذا تم استهداف المحاسنة، لأنه الشاهد الرئيسي على مقتل الشهيد فاضل المتروك في 15 فبراير/ شباط 2011. محمد سلّم قبل اعتقاله جهات حقوقية شريطاً مصوراً يظهر مقتل الشهيد فاضل مباشرة، لذا تم استهدافه لإسقاطه معنوياً كشاهد.
ورغم كل هذا الألم والخذلان، استطاع المحامي الشاب محمد الجشي أن يتوصل إلى الشريط المصور، وأن يتوصل إلى محمد ويحضره شاهداً حقيقياً، واليوم 23 ديسبمر وقف محمد المحاسنة دون تردد في المحكمة وأشار للمرتزق في قاعة المحكمة "هذا هو القاتل" لقد تعرف عليه مباشرة دون تردد وبكل ثقة.
محمد المحاسنة، حمل على كتفه ظلامته الشخصية، وظلامة الشهيد فاضل المتروك الذي قتل أمام عينيه.ستكون لمحمد المحاسنة جلسات أمام محكمة الاستئناف وستترافع عنه المحامية فاطمة الحواج.
هوامش
اقرأ أيضا
- 2024-11-13ملك المستعمرة أم ملك البحرين: كيف تتعامل المملكة المتحدة مع مستعمرتها القديمة؟ ولماذا لم تعد تثير أسئلة حقوق الإنسان على فارس صليبها الأعظم؟
- 2024-11-05الجولة الخائبة
- 2024-11-03هكذا نفخت السلطة في نار "الحرب" على غزة كتاب أمريكي جديد يكشف دور زعماء 5 دول عربية منها البحرين في تأييد عمليات الإبادة
- 2024-10-29هذه النماذج التي صدّرتها عائلة آل خليفة للعالم العربي
- 2024-10-2320 عاما وجامع الحاج حسن العالي معطّل... التطرف لا تمسحه معابد وكنائس