» رأي
الكويت والتحول الديموقراطي في الخليج
إيمان شمس الدين - 2012-11-04 - 8:13 ص
إيمان شمس الدين*
شكلت الكويت في منطقة الخليج دومًا علامةً فارقة في مسارها السياسي ونظام الحكم فيها. فمنذ الاستقلال قامت الدولة على مبدأ العقد بين الحاكم والمحكوم، وقد تمخّض عنه دستور عام 1962م. مرّت خلالها الديموقراطية الكويتية في مخاضات ولادة متعددة، بعضها كان عسيرًا والآخر كان مرنًا شكّل تحوّلًا في الممارسة الديموقراطية.
ومنذ ذلك الزمن تفاعل الشعب البحريني مع فضاء الكويت المفتوح، وكان أكثر الوافدين الخليجيين إلى مدارس الكويت وجامعتها هم من البحرينيين، بل كان هناك تلاقٍ جميل بين الشعبين، وتبادل ثقافي ومعرفي شكّل أرضية تعاون مشتركة بين الشعبين. وحينما بدأت الحراكات المطلبية في البحرين، قبل قرابة العامين، كان نموذج الديموقراطية الكويتية أحد الحلول المقترحة على الحكومة البحرينية للخروج من الأزمة التي تمر بها البلاد، وكانت هناك زيارات كثيرة لنخب وإعلاميين بحرينيين، للاستفادة، عن كثب، من التجربة الديموقراطية الكويتية، في وقت الانتخابات، والاطلاع على الآليّات والأدوات المستخدمة في العملية الديموقراطية.
ورغم مرور الحراك المطلبي البحريني اليوم بعنق زجاجة الثورة، بإحكام القبضة الأمنية، من خلال استجلاب مزيد من القوات الخارجية كالقوّات السعودية، واليوم، المغربية، وأيضًا الأردنية، وهو ما يدلّل على انضمام فعلي للمغرب والأردن في منظومة دول مجلس التعاون الخليجي، حتى لو لم يتم الإعلان عنها رسميًّا، فالتنسيق الأمني هو أحد أوجه الانضمام عمليًا، إلا أن الحراك المطلبي الكويتي، سواءً اختلفنا معه أم اتفقنا، سيعمد إلى تقديم خدمة كبيرة لشرعنة الحراك البحريني، وإخراجه من عنق الزجاجة المذهبية، كون من يقود الحراك المطلبي الكويتي يطالب بمطالبات مشابهة إلى حدٍّ ما بالمطالبات البحرينية بالإصلاح.
وبهذا تعود لتعود الكويت مجددًا لتتصدّر دول الخليج في عملية التحوّل الديموقراطي، وتدعم، بشكلٍ غير مباشر، الحراك المطلبي البحريني، كون الشعارات والمطالب متشابهة، وبالتالي من سيدعم الكويتيين في حراكهم المطلبي من النخب، سيجد نفسه أمام مأزقٍ أخلاقي ومعياري، إذا استنكر على المعارضة البحرينية حراكها ومطالبها، لا لشيء إلا لوصم هذا الحراك (ب) وصمة مذهبية أبعدته فعليًا عن ساحات تفاعل الشعوب معها.
وهذا الحراك سيكون له دور في إعادة صياغة صورة حكم جديدة في المنطقة، قد يتطلب تحقيقها زمنًا ليس طويلًا، إذا ما استمرت السلطة في الكويت باستخدام سياسة العصا والجزرة والقبضة الأمنية، سواءً اتفقنا أم اختلفنا مع آليات الأغلبية، وتصريحات البعض منها، التي تفوح منها رائحة العنصرية. فأي تحول ديموقراطي جديد يطرأ من الأداء السياسي في الكويت، سيؤول حتمًا لتحولات دراماتيكية في منطقة الخليج، خاصّةً في دول التوتّر كالبحرين والسعودية، اللتان تشهد ساحاتهما حراكات مطلبية واضطرابات سياسية، وإن اختلفتا في نسبية الحراك المطلبي، وفي ماهيّته، وأهدافه في كلا البلدين.
وأعتقد أنّ محاولة التنسيق اليوم بين كلٍّ من البحرين والكويت، كشعوب وأحزاب سياسية معارضة، باتت أمرًا مُلحًّا يتطلّب دراسة حقيقية لمدى جدوائية هذا التنسيق، وتأثيره في دعم مسيرة الحراك المطلبي البحريني، لإخراج هذا الحراك من الاتهام المذهبي إلى فضاء الحراكات المطلبية الشعبية، لتنتقل العدوى لشعوب دول الجوار، والتي حتمًا سيأتي يومٌ وتنتفض، لتساهم في صناعة مستقبل الخليج والأنظمة الحاكمة فيه.
*كاتبة من الكويت.
اقرأ أيضا
- 2024-11-23التعايش الكاذب وصلاة الجمعة المُغيّبة
- 2024-11-20دعوة في يوم الطفل العالمي للإفراج عن الأطفال الموقوفين لتأمين حقهم في التعليم
- 2024-11-18النادي الصهيوني مرحبا بالملك حمد عضوا
- 2024-11-17البحرين في مفترق الطرق سياسة السير خلف “الحمير” إلى المجهول
- 2024-11-13حول ندوة وتقرير سلام تعزيز الديمقراطية.. أمل قابل للتحقيق