لهذا سمحت الكويت واستنفرت البحرين
2024-10-01 - 5:37 م
مرآة البحرين (خاص): سمحت الكويت بإقامة مجلس عزاء باستشهاد سماحة الشهيد السيد حسن نصر الله، بينما استنفرت البحرين قوى الأمن في كل شارع وكل زقاق لضرب من يعبّر عن حزنه وتنديده بجريمة اغتيال رمز المقاومة.
صحيح أن الكويت والبحرين عضوان في نفس المنظومة السياسية، وأن التركيبة الديموغرافية متقاربة وإن اختلفت نسبة المكونات السياسية والدينية، إلا أنهما تختلفان كليا في السياسات الداخلية والخارجية لاعتبارات مختلفة.
لا تنخرط الكويت في عملية التطبيع مع العدو الصهيوني، بل هي على العكس من ذلك، تنضم لمعسكر يدعم حق الشعب الفلسطيني وبشكل واضح وعلني، وهو موقف تتشارك فيه عائلة الصباح الحاكمة مع القوى السياسية والدينية بمختلف انتماءاتهم.
أما في البحرين، فالعائلة الحاكمة وعلى خلاف الإرادة الشعبية، تقيم علاقات سياسية مع الكيان وتؤيد حربه على الشعبين الفلسطيني واللبناني تماهيا مع مواقف الإمارات والسعودية، بل وتدعم أهداف إسرائيل في تصفية المقاومة، وبشكل واضح.
ويمكن الإشارة في التدليل على ذلك إلى فعلين رئيسيين، هما احتضان البحرين اجتماعا ضم رئيس الأركان الإسرئيلي بضباط بحرينيين وعرب كبار في البحرين بعد 8 أشهر من الحرب على غزة بهدف استمرار تبادل المعلومات، وكذلك انضمام المنامة لتحالف في البحر الأحمر ضد اليمن الذي بدأ آنذاك هجمات ضد إسرائيل ومصالحها.
مسألة أخرى يمكن لها أن تشرح أسباب التباين بين الكويت والبحرين، هي أن الكويت وإن ركزّت على حفظ الاستقرار والأمن كباقي دول مجلس التعاون الخليجي، لا تميل العائلة الحاكمة فيها لاستفزاز الشعب، فهناك خيط رفيع بين الاستقرار والاستفزاز.
على المقابل من ذلك، لدى العائلة الحاكمة في البحرين أزمة سياسية واجتماعية عميقة لم تستطع معالجتها على مدى عقود، وهي أنها لم تحقق جزء من الاندماج مع الشعب البحريني ولم تبحث حتى عن مقاربة لتقليل التباين الكبير دينيا وسياسيا واجتماعيا مع الشعب.
ففي الوقت الذي نجحت فيه الكويت في تحقيق عملية سياسية متوازنة، اختارت العائلة الحاكمة في البحرين دائما أن تحكم البلاد من مناطق سكناها، وأن تقهر بالأمن جميع الحركات الوطنية والدينية المناهضة لتعليماتها السياسية وسيطرتها على السلطة والثروة في البلاد.
في الواقع أخذت الحركة الإسلامية التي تزعمها الشيعة نصيب الأسد من الاستهداف الأمني والطائفي، نتيجة مطالبتها بإنهاء الهيمنة المطلقة للعائلة الحاكمة على السياسة والثروة، وهو الاستهداف الذي قاد لموجة تعاطف واسعة من القوى السياسية والدينية الشيعية في منطقة الخليج.
وكان من أبرز المتعاطفين مع الطائفة الشيعية في البحرين، المرجعية الشيعية في النجف والأحزاب والتيارات الإسلامية العراقية، والتيارات السياسية والدينية الإيرانية، وكذلك القوى اللبنانية وفي زعامتها حزب الله.
وتنقم البحرين اليوم على سماحة الشهيد السيد نصر الله موقفه المعلن من الدعوة لحل سياسي يستجيب لمطالب البحرينيين المشروعة.
ولعل هناك نقطة رئيسية ربما رجّحت سماح الكويت لمظاهر الحزن والعزاء على رحيل نصر الله، وهو تلقي الكويت الرسالة بشأن ما يعنيه الشهيد السيد نصر الله للطائفة الشيعية، إذ نعت المرجعية العليا في النجف والمرجعيات الشيعية حول العالم الرجل بوصفه أحد رموز الطائفة البارزين في العصر الحديث.
وبعيدا عن كل التحليلات السياسية والاجتماعية، اختارت الكويت أن تحترم مشاعر أحد المكونات الرئيسية في البلاد، بينما سعت عائلة آل خليفة إلى الدوس كعادتها على مشاعر السكان الأصليين للبلاد، والسماح بمظاهر فرح شعبها الجديد الذي جلبته من مناطق النزاعات الطائفية الملتهبة كسوريا وباكستان.