التعليق السياسي: البلدان لا تُدار بالمزاجية
2024-06-14 - 6:36 ص
مرآة البحرين (خاص): ربما يحتاج بيت الحكم ومن يديره عرضا على علم النفس، وذلك لكي يفهم أهل البحرين حقيقة المرض الذي تعاني منه السياسة الرسمية ومن يديرها.
بين عشية وضحاها، تنقلب الحالة المزاجية في البلاد، لينعكس على السلوك السياسي والأمني لأجهزة الحكم. وهكذا فجأة من وسط آفاق التفاؤل بالمرحلة المقبلة تحضر أخبار فض التجمعات السلمية عبر القمع، واعتقال المتظاهرين السلميين.
وبعد أسبوع فقط من جولات الملك نحو روسيا والصين ودعوته لمؤتمر دولي للسلام والإعلان بوضوح عن رغبته في استعادة العلاقات مع إيران، تنظم البحرين اجتماعا عسكريا هو في حقيقته اجتماع حلف "ناتو" عربي إسرائيلي، لمناقشة حماية إسرائيل من صواريخ اليمن وإيران ومسيّراتهما، وذلك على الرغم من بحور الدم الفلسطينية التي تسفكها إسرائيل وحلفاؤها من الغربيين يوميا في غزة والضفّة.
يشعر الناس في البحرين أن ثمّة "شخصية أو شخصيات هوائية (مزاجية) هي من تتخذ هذه القرارات المتضاربة.
الآن، وبعد أكثر من شهرين من صدور مرسوم العفو الملكي بالإفراج عما يقارب نصف سجناء الرأي، ومع اقتراب عيد الأضحى المبارك وبعد عدة تصريحات بثت الأجواء الإيجابية، ينتشر خبر اقتحام قوات وزارة الداخلية مبنى رقم 6 في سجن جوّ بقوات مدججة، وبعد ساعات تقمع مسيرة في أبو صيبع، ثم تنقض تلك القوات أيضا لاعتقال ما لا يقل عن 11 من المتظاهرين السلميين بالقرب من مركز شرطة سترة، ومركز شرطة المعارض.
ما الذي حدث فعلا؟ لماذا الاعتقالات؟، لماذا هذا التناقض؟ ولماذا الإصرار على احتقار إرادة كل الشعب البحريني، باستضافة المجرم القاتل رئيس هيئة أركان العدو الصهيوني؟ بل إن المشير بنفسه استضافه على مأدبة غداء، هذا في الوقت الذي تعيش العوائل الفلسطينية المجاعة في غزة خصوصا شمالها.
نبض الشارع البحريني يسأل الملك وأولاده: هل تستطيعون تجاوز المزاجية في صناعة القرار، والمضي في استراتيجية تراعي مصالح المواطن؟ وليس مصلحة خاطر راشد بن عبدالله وضباطه أو خالد بن أحمد وأخيه؟.
هل المشكلة فيكم أم في أهل البحرين؟ نظريا، فإنه من الصحيح أن يكون أهل الحكم الأقل مزاجية، لكن كيف يمكن لنا تفسير افتعالكم للصراعات، من دون النظر إلى الاستعداد الفردي لديكم للخضوع لتقلبات المزاج؟
إن المناخ السياسي في البحرين ولدى عامة المواطنين، مناخ يميل للإيجابية وللتسوية وتحقيق التصالح، الناس تنتظر من الحكم الإفراج عن بقية سجناء الرأي، والتأكيد على حرية التعبير مرة ثانية، الناس تنتظر عودة المبعدين، وتنتظر إلغاء عار التطبيع، والكثير من الخطوات التي تبّرد الساحة، فلماذا إذن العودة للتصعيد من قبل السلطة؟
الدولة والحكم تحتاج للاستراتيجية العقلانية وليس للعقل الأمني، قوة الإدارة تحتاج لروح القانون ولروح الإنسانية وليس لتحويل البلاد لما يشبه المعسكر الأمني المجنون.
ما هي استراتيجيتكم وليس مزاجيتكم يا قادة البلاد!