البحرين: خطوة إلى الأمام وخطوتين للخلف

حافلة تقل عدداً من المفرج عنهم ضمن العفو الملكي - 8 أبريل 2024
حافلة تقل عدداً من المفرج عنهم ضمن العفو الملكي - 8 أبريل 2024

2024-05-08 - 5:10 ص

مرآة البحرين (خاص): حسناً، لقد قال الديوان كلمته أخيراً، لا إفراجات أخرى قريبة، وكل ما حدث في جلسة مجلس النواب قبل الأخيرة، كان مجرد سماح للتعبير عن الآراء وجس للنبض، لا أكثر، فيما تبقى أوراق القوّة كلّها بيد الملك.

لكن ما حدث اليوم وأمس هو بالضبط ما كان يتوقعه كثيرون لم يتجرأوا على كتابته أو التعبير عنه طيلة الشهر الماضي خوفاً من اتهامهم ببث أجواء اليأس والتشاؤم بين الناس، لكن المبرر لديهم كان منطقياً. خطوة العفو الملكي بقيت من جانب واحد، لم تبلّغها المعارضة مباشرة أو عن طريق وسطاء، ولم يتوقعها أحد، ولا يعلم أي كان أسبابها ودوافعها.

جلسة الشورى أمس والنواب اليوم، بالإضافة لبيان رئيس مجلس النواب أحمد المسلم الذي اعتبر فيه المطالبة بالإفراج عن المعتقلين السياسيين "تجاوز من النواب على السلطة القضائية" خير دليل على توجه الملك وديوانه، لا سجناء رأي ولا سجناء سياسيون، وإن كنا سنفرج عن أحد فسيكون من تلقاء نفسنا ودون ضغوط من أحد، ولسنا مضطرين لقول شيء لأي كان. يمكننا القول أيضاً أن الكلمات التي ألقيت خلال هذين اليومين أعادتنا للمربع الأول، وأرجعتنا إلى أجواء التأزيم ومحت معظم الآثار والأجواء التي خلقها العفو الملكي الأخير.

لربما تملك المعارضة في داخلها شيئاً من تأنيب الضمير، وأن جزءاً منها اتخذ موقفاً تصادمياً تصعيدياً مع الحكم، منذ الإفراج عن المعتقلين، لكن - وإن كان جزء مما يقال صحيحاً - يبقى أن الحكم يعرف تمام المعرفة، من هي الجهة التي تمثّل الغالبية العظمى من المعارضة، وهي الجهة ذاتها التي بادرت وسارعت إلى الترحيب وبث "المناخات الإيجابية" منذ لحظة صدور العفو الملكي.

كان من المفيد جداً للسلطة قبل المعارضة، إخراج ملف السجناء السياسيين من بازار السياسة، لكنها تفضّل أن تبقى ممسكة بأكثر خيوط ممكنة في هذه اللعبة، فهي تتعامل مع المعتقلين السياسيين كرهائن يمكن أن تفاوض عليهم أو تستخدمهم كورقة للضغط على قيادات المعارضة بين الفينة والأخرى، بالإضافة إلى أوراق الضغط الأخرى التي في حوزتها.

وهنا لابد من الإشارة إلى حالة تستحق التوقف لدى الحكم، فهو الذي يملك الدولة وثرواتها ويحتكر وسائل العنف، ويملك الإعلام والدبلوماسية ووو الخ، لكنه في المقلب الآخر يعيش حالة من الشعور بالضعف والوهن تضطره للتمسك بكل الأوراق التي في يديه.

أما المعارضة فهي ستتعاطى مع ما حدث (اليوم وأمس) بكل مسؤولية، هي ستقرأ هذه الرسائل الضمنية الموجهة لها، ولن تتعامل بردات الفعل غير المحسوبة، أو تقرر التصعيد بناء على ما جاء في جلستي الشورى والنواب، بل ستسعى وتطالب كما دائماً بفتح قنوات الحوار وتبريد الأجواء وتهيئة الظروف للإفراج عن باقي المعتقلين السياسيين، وفي الوقت نفسه لن ترفع راية بيضاء وتقرر الاستسلام، وكما قال آية الله الشيخ عيسى قاسم مؤخراً، فإن هذا الحراك الذي وصفه بـ "العقلانية والمبدئية، والسلمية والنفس الطويل" سيستمر حتى تحقيق المطالب، وإن كان من شيء أثبته شعب البحرين للعالم أجمع طوال السنين الثلاثة عشر الماضية، فهو أنه بالفعل شعب لا يعرف اليأس ولديه نفس طويل جداً جداً.