الرجل الذي عبث بالديموغرافية والسياسة والمال... من يدعمه؟

أحمد عطية الله إلى جانب وزير الديوان خلال استقبال السفير الصيني    (أرشيفية)
أحمد عطية الله إلى جانب وزير الديوان خلال استقبال السفير الصيني (أرشيفية)

2023-04-28 - 6:25 ص

مرآة البحرين (خاص): لن تتوافر الكثير من التفاصيل بشأن الاختلاسات المالية المليونية التي أدت إلى عزل وزير المتابعة بالديوان الملكي أحمد بن عطية الله آل خليفة أو على الأقل دفعه وراء الستار، فقد جرت أعراف العائلة الحاكمة بعدم محاسبة أي من أفرادها أو معاقبته مهما كانت جرائمه. 

وهذه ليست المرة الأولى التي يتم فيها عزل الوزير عطية الله، فقد عزله الملك حمد بن عيسى آل خليفة فبراير 2011 في محاولة منه لاحتواء الانتفاضة الشعبية التي سعت لوضع حد لاستحواذ العائلة الحاكمة على السلطة والثروة في البلاد. 

وعزل الملك عطية الله حينما كان يشغل منصب وزير شؤون مجلس الوزراء، ضمن مجموعة ضمت 4 وزراء تمت تسميتها حينذاك بوزراء التأزيم. 

ويعتبر عطية الله أحد المسؤولين عن الملفات الأكثر حساسية في البلاد. وكان الرجل يدير مخططا لإقصاء وتهميش الطائفة الشيعية كما كشف عن ذلك التقرير الذي أعده المستشار السابق في الديوان الملكي الدكتور صلاح البندر. 

وبحسب التقرير فإن أحمد عطية الله كان يشرف على مجموعات إدارية وتنفيذية وإعلامية تعمل بشكل منسق لتحويل الطائفة الشيعية إلى طائفة مهمشة من خلال العديد من الآليات أبرزها الحرمان من التوظيف والبعثات وتجنيس عشرات الآلاف من السنة من بلدان بينها باكستان وسوريا.

ولتمكينه من إعادة هندسة ديموغرافية البلاد، كان الرجل يشرف على الجهاز المركزي للمعلومات، وهو الجهاز المسؤول عن الإحصاء في البلاد، حيث اتهم الرجل بتقديم معلومات مضللة عن حجم السكان مما أثر على واقع التنمية في البلاد. 

وكان عطية الله يشغل منصب نائب رئيس ديوان الخدمة المدنية، وهو الجهة المسؤولة عن عمليات استقدام الأجانب للعمل في الجهاز الحكومي، وحرمان الخريجين الشيعة من التوظيف في قطاعات مدنية رئيسية كالتعليم والصحة. 

ومن بين الجهات التي كان يشرف على عملها الوزير، هيئة الحكومة الإلكترونية، هيئة تنظيم الاتصالات ومعهد الإدارة العامة، وهو معهد مسؤول عن تخريج القيادات الحكومية، إلى جانب إشرافه على العديد من الملفات الحساسة. 

وتعتبر إدارة الانتخابات واحدة من بين تلك الملفات حيث أشرف الرجل على عملية هندسة الدوائر الانتخابية لتحجيم التمثيل الشيعي داخل البرلمان كما كان المسؤول عن فكرة المراكز العامة والتصويت الإلكتروني، للتلاعب بنتائج الانتخابات. 

لكن من أين جاء الرجل بكل هذا النفوذ، وهل هناك من يدعمه؟

بالتأكيد فإن عطية الله كان يحظى بدعم أخواله وزير الديوان الملكي خالد بن أحمد آل خليفة وقائد قوة دفاع البحرين المشير خليفة بن أحمد آل خليفة، والرجلان يمثلان ثقة الملك. 

وبعد شهرين من عزله في العام 2011، أعاد الملك تعيينه وزيرا للمتابعة في ديوانه على الرغم من أنه عزله ضمن وزراء التأزيم، ويعكس ذلك حجم النفوذ الذي يحظى به خالد بن أحمد. 

وكشفت بعض المعلومات الواردة بشأن عزل عطية الله مؤخرا، أنه أكد خلال جلسات تحقيق داخلية أن جميع الأموال التي تم تحويلها لحسابات داخل وخارج البحرين تمت بعلم خاله وزير الديوان الملكي، الذي لا زال يشغل منصبه. 

وليس معلوما ما إذا كان الملك ينوي تغيير وزير ديوانه أيضا، المتهم هو الآخر بمساعدة أحمد عطية الله في أكبر عملية فساد إذ تقدر بنحو 400 مليون دينار. 

وكان الملك قد عيّن، مارس الماضي، ماجد النعيمي وزيرا للشؤون العامة في الديوان الملكي، الذي قد يكون من بين المرشحين لشغل منصب وزير الديوان في حال قرر الملك عزل خالد بن أحمد.

وأيا يكن قرار الملك، فإن الحقيقة المرة هي أن تدمير البلد من خلال تهميش الطائفة الشيعية الممنهج وتمزيق نسيجه الاجتماعي بالتجنيس فضلا عن أعبائه الاقتصادية لم يدفع الملك لعزل عطية الله وخاله، لكن التعدي على ما يعتبره أمواله الخاصة كان أهم من الوطن بأكمله.