ماذا تريد العائلة الحاكمة من تزامن زيارة البابا والانتخابات؟

تريد العائلة الحاكمة أن تقول إنها تدير بلدا تزدحم في قيم الديمقراطية والتسامح
تريد العائلة الحاكمة أن تقول إنها تدير بلدا تزدحم في قيم الديمقراطية والتسامح

2022-10-31 - 3:12 ص

مرآة البحرين (خاص): ستجري الانتخابات التشريعية في البحرين بعد 6 أيام فقط من مغادرة قداسة البابا فرنسيس للبلاد. هكذا تريد العائلة الحاكمة تقديم نفسها: نحن ندير بلدا تزدحم فيه حوارات التسامح الإنساني والديموقراطية. 

فنظام الحكم يريد القول بأنه يقدم نموذجا مزدهرا من حيث المشاركة السياسية وحرية الفرد ورعاية التعايش، وهو نموذج يستهوي الكثير من القادة الغربيين، وتضيع خلفه بقايا الصورة من انتهاكات حقوق الإنسان. 

في الحقيقة، إن هذا النموذج ليس من بنات أفكار العائلة الحاكمة، وإنما هي وصفة إسرائيلية تواجه بها الداخل وتسوِّق لنفسها في الخارج، حيث تصور إسرائيل نفسها على أنها دولة حضارية وديموقراطية في محيط مليء بالعنف والحرب، وكذلك تفعل البحرين.

وتقوم العائلة الحاكمة بإحكام القبضة الأمنية على مؤسسات المجتمع المدني والأحزاب السياسية المعارضة مثل جمعية الوفاق، تحت ذرائع (حفظ الأمن)، وتستثمر في تقديم صورة للبحرين مليئة بالمال والحرية للمتابعين الغربيين.

فحتى مع اضطهادها للطائفة الشيعية وهم السكان الأصليين، تتفاخر العائلة الحاكمة في البحرين بسجلها في رعاية حقوق الأقليات الدينية مثل المسيحيين واليهود، وتستضيف في سبيل ذلك قداسة البابا للمشاركة في حوار التعايش الإنساني ولقاء الرعايا المؤمنين.

ومن تكتيكاتها الأمنية، حلّت البحرين الأحزاب المعارضة وقضت بالسجن المؤبد على زعيم المعارضة الشيخ علي سلمان بذريعة مواجهة التطرف والإرهاب، وهذا ما تفعله تل أبيب في مواجهة المنظمات التي تدعو لاسترداد حقوق الشعب الفلسطيني. 

وأعلن وزير الدفاع الإسرائيلي  بيني غانتس أكتوبر من العام الماضي تصنيف ست منظمات غير حكومية  فلسطينية في الضفة الغربية المحتلة "إرهابية". وهي ذات الاتهامات التي يتم به مواجهة المعارضين في البحرين. 

واستفادت البحرين من التكنولوجيا الإسرائيلية في الإحكام والرقابة على مؤسسات المجتمع المدني، المحتوى على الإنترنت والإتصالات وحرمان المعارضين من فرص التنسيق. وقد حصلت على برنامج بيغاسوس للتجسس واستطاعت من خلاله النفاذ لبيانات ومحادثات معارضين بحرينيين داخل وخارج البلاد. 

كما استخدمت البحرين إيران ذريعة لحرمان الشيعة من حقوقهم المدنية والسياسية، والترويج لأنها تواجه خطرا من المحيط يهدد تجربتها الديمقراطية ونسيجها الاجتماعي، ولا عجبا أن تشاركها إسرائيل في ذات الرواية. 

واستغلت العائلة الحاكمة في البحرين عداء الغرب لإيران لتمرير إدعاءاتها بسهولة، وإبراز واجهة مزيفة للأوضاع في البلاد تناسب المقاس الغربي من حيث الادعاء بأنها من تحفظ الازدهار والتنوع وأن غيرها من يعمل على هدمها.

ويبدو للأسف أن البحرين توظف زيارة قداسة البابا للترويج لنفسها في هذا الشأن. وليس من المستبعد أيضا أن يكون التزامن بين الحدثين (زيارة البابا والانتخابات) مقصودا، لنيل المزيد من الزخم الإعلامي.

وبالتأكيد فإن المعارضة البحرينية ترحب بزيارة قداسة البابا للبلاد، إلا أنها ترفض أن يتم استغلالها في الدعاية الحكومية بأن العائلة الحاكمة ترعى التنوع والديمقراطية، وأن الحديث بصراحة مع المستضيف وحثه على اتباع نهج متسامح مع الأغلبية أفضل ما يمكن أن يفعله قداسته.