رسالة المهجرين من البحرين إلى قداسة الحبر الأعظم، البابا فرانسيس

قداسة البابا فرنسيس
قداسة البابا فرنسيس

2022-10-26 - 10:22 ص

رسالة من المهجرين من البحرين إلى قداسة الحبر الأعظم، البابا فرانسيس 

قداسة الحبر الأعظم، البابا فرانسيس،

لو أن ذلك كان ممكنًا، لشاركناك مائدة الحوار في وطننا الذي نشتاق لشمّ تربته، نحن المهاجرين والمُهجرين قسرًا جزء من هذه الأزمة التي تعصف بوطننا، ليس منذ أحداث الربيع العربي 2011 بل إنها تمتد إلى أكثر من خمسة عقود، منا من هاجر في سبيعينيات القرن الماضي، في العقد الذي نال فيه وطننا استقلاله وبحماس شاركنا في تأسيس دستوره وتدشين برلمانه، لكن الأمر لم يدم أكثر من سنتين، وأغلقت العائلة الحاكمة البرلمان وأوقفت العمل بالدستور واعتقلت مئات النشطاء وفرّ من البلاد العشرات، وما زالوا في الشتات.

 قداسة الحبر الأعظم،

تعيش اليوم 550 عائلة بحرينية في الخارج والداخل بين أفرادها ضحايا مسقطة جنسياتهم، ​​لك أن تتخيل عظم هذا العدد وتأثيره حين تعرف أن عدد سكان بلدنا المواطنين هو 700 ألف وهو تعداد يقارب تقريبا تعداد سكان دولة الفاتيكان البالغ 800 ألف نسمة.

 بدأ مسلسل إسقاط الجنسية عن المعارضين أصحاب الرأي السياسي في 2012 وازدادت وتيرة إسقاط الجنسية في 2015 و2018 قبل أن تتوقف في 2020 بفضل الجهود الدولية للنشطاء والمنظمات الحقوقية. هذه واحدة من عشرات القضايا المفتوح جرحها في وطننا من غير حل ولا حوار، تشعر العوائل المتضررة بالخذلان والتخلي وعدم الاهتمام، وعشرات من العوائل عالقة في منافي العالم من غير جنسية ولا حق عودة ولا تأمين للحد الأدنى من كرامتها.

وكان ترتيب قرارات أو أحكام إسقاط الجنسية وفق التالي: 31 ضحية في سنة 2012، 21 في سنة 2014، 208 في سنة 2015، 90 حالة في سنة 2016، 156 حالة في سنة 2017، 289 في سنة 2018، 181 حالة في سنة 2019، وهناك 551 حالة لم يوافق الملك على إعادة الجنسيات لها رغم إسقاطها تعسفيا.

قداسة الحبر الأعظم،

نعتقد أن الإيمان قرين الهجرة، هاجر الأنبياء والرسل والقديسون حاملين مشاعل الحق ومبادئ الإنسان وكلمات الله، نحن نتأسى بهم وعلى طريقهم مهاجرون، نحمل كلماتهم وشرائع حقوق الإنسان، لتحقيق العدالة في بلادنا. في كتبنا المقدس وصف لمآل المهاجر والهجرة، يقول القرآن الكريم "وَمَن يُهَاجِرْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ يَجِدْ فِي الْأَرْضِ مُرَاغَمًا كَثِيرًا وَسَعَةً". المراغم هي أرض واسعة وفرص ممكنة ومساحات ممتدة، يُوسّع من خلالها الإنسان المهاجر أفقه ومصادر معيشته وما عجز عن تحقيقه في بلاده التي هاجر منها. يُولد المهاجر من جديد في بلاد الله، لكنه لا ينسى البلاد التي أنجبته، يظل يحن لها ويحلم أن يخلصها من التسلط والظلم، وهذا ما يدعونا إلى مخاطبة قداستك لمساعدة وطننا على تجاوز أزمته.

قداسة الحبر الأعظم،

كانت سلطة روما تحارب المسيح وتُنكّل برسله وتُهجّر قديسيه، حتى إنها عذبت يوحنا الرسول، وقبل إرساله إلى منفاه وضعته في قدر زيت مغلي كبير. وعلى وقع النفي والتهجير والتنكيل، تُقيم المهرجانات والاحتفالات، لتغطي على جرائمها. نرجو من قداستك، ألا تسمح أن يكون هذا المؤتمر مهرجانا آخر يغطي على عذاباتنا وآلامنا وهجراتنا.