القضاء البحريني... أحكام على مقاس من يُعيّن
2022-08-31 - 6:56 ص
مرآة البحرين (خاص): سامي محمود عبدالرحيم هو الوجه الآخر للقضاء البحريني، أحكام على مقاس من يعيّن ومن يدفع. قضاء مشبوه تتداخل فيه المصالح والمال والسياسة.
سامي، القاضي المصري الذي تمت إدانته بالرشوة، هو أحد نماذج القضاة الفاسدين في النظام القضائي البحريني. وليس مصادفةً أن يكون هو أحد أعضاء المحكمة التي يترأسها القاضي إبراهيم الزايد، فالأخير الأقصى في إصدار أحكاما زائفة بحق معارضين سياسيين في البحرين، والأول واحد من أقسى القضاة في معاقبة المعارضين في مصر.
فما يجمع الاثنين هو الخضوع لرغبات النظام السياسي الحاكم وليس الخضوع لقواعد النظام العدلي، مما يضع علامات استفهام كبيرة ليس فقط على الأحكام التي أصدرها الرجل بل النظام القضائي بأكمله.
فما ذهب له المحامي عبدالله هاشم من استنساخ دعوة المجتمع المصري بشأن أهمية مراجعة الأحكام التي شارك في إصدارها القاضي المصري المُدان، تُعد دعوة ناقصة، فسلوك وأحكام جميع القضاة في البحرين ضد المعارضين يدعو لمراجعة النظام القضائي وآلية تعيين القضاة.
فمن يقبل من القضاة البحرينيين أو غيرهم أن ينحاز لوجهة نظر عائلة آل خليفة الحاكمة فيما يتعلق بالنزاع السياسي في البحرين، ويصدر أحكاما على مزاجها بحق معارضيها، لا يتورع في إصدار أحكاما أخرى بناء على مصالح من نوع آخر.
فما يحرك القضاة فيما يتعلق بالمعارضة إما التعيين والترقي أو الموقف السياسي، لكن هناك الكثير من المال والمصالح التي قد تحرك القضاة فيما يتعلق بالقضايا الجنائية كما حصل مع القاضي المصري المُدان.
ويمكن الإحالة هنا إلى كتاب «النظام القضائي... ذرائع الإرهاب في مواجهة مطالب الديمقراطية»، وهو الكتاب الذي تجيب فيه «مرآة البحرين» على التساؤلات الرئيسية «ما هو واقع العدالة الجنائية في البحرين؟ هل يؤدي القضاء البحريني عمله بشكل مستقل عن السلطة السياسية في البلاد؟»
واستند الكتاب في مقدمته إلى ما خلص له القاضي الراحل السير نايجل رودلي، أحد أعضاء اللجنة البحرينية المستقلة لتقصي الحقائق الذي رأى أن القضاء في البحرين ليس ذراع السلطة في معاقبة من يرتكبون الجرائم بل ذراعها في معاقبة المعارضين الذين يطالبون بالمشاركة العادلة في الحكم، ومعولها في إحكام قبضتها الأمنية عليهم.
فالنظام القضائي في البحرين لا يتحرك لملاحقة المتورطين في سرقة المال العام، لأن من يسرق هم أبناء العائلة الحاكمة، موكلَّون عنهم أو مقربون. والقضاة أنفسهم الذين يعاقبون المعارضين بالإعدام بحجة التورط في قتل شرطة، نفسهم من يقومون بإصدار أحكام مخففة بحق الشرطة المتهمين بقتل معارضين، وهو ما عبّرت عنه هيومن رايتس ووتش في تقرير سنوي «تجريم المعارضة والإفلات من العقاب».
ولا يتورع بعض القاضاة في إصدار أحكام إعدام استنادا للمصادر السرية، وهي في الأغلب عناصر مأمورة من وزارة الداخلية. فضمير القضاء البحريني رهين التسامع وضباط التحري والمصادر السرية (رجال المخابرات).
إن الحكم على القاضي المصري جاء ليعيد الانتباه لأحد مطالب المعارضة البحرينية الرئيسية وهي إصلاح النظام القضائي وآليات تعيين القضاة وترقيتهم. فلا يمكن الحديث عن إنجاز مشروع الدولة ما دام القضاء يخضع للقبيلة ورغباتها.