الحي اليهودي...مشروع استئصال 40% من هوية المنامة
عباس المرشد - 2022-08-18 - 7:49 ص
في غضون السنتين القادمتين سيكون الحي اليهودي في المنامة قد استكمل بناه التحتية برعاية هيئة الثقافة والآثار، وسيكون الحي اليهودي مقصدا رئيسا للسياحة الإسرائيلية في المنطقة وفي البحرين على وجه الخصوص.
بمقتضى هذا المشروع فإن 40% من هوية العاصمة المنامة ( الهوية الشيعية/ الهوية الوطنية) سيتم التنازل عنها لصالح الحي اليهودي المزمع أقامته والترويج السياحي له في الأعوام المقبلة كي تصبح المنامة المقصد الأول للسياحة الصهيونية في المنطقة.
لا يمتلك أحد في البحرين قدرة على إيقاف هذا المشروع أو حتى مواجهته، فهو يحظى بدعم مباشر من الملك ورئيس الحكومة ولي العهد. بل تم تعيين رئيس جديد لهيئة الثقافة والآثار، بغرض تسليمه تنفيذ هذا المشروع. خصوصا وأن شقيقه عبد الله بن أحمد آل خليفة وكيل وزارة الخارجية يعتبر مشروع التطبيع من ضمن مشاريعه الأصيلة وأنه أحد الأركان الرئيسية التي أوصلت التطبيع إلى هذه المرحلة المتقدمة بعد أن كان يمضي بصورة سرية منذ 2008 عندما افتتحت قنصلية سرية للكيان المؤقت في أحد الأبراج التجارية المملكة لملك البلاد حمد بن عيسى آل خليفة.
في أبريل 2021، ظهرت تصريحات عديدة حول الحي اليهودي في دبي عندما نشرت صحيفة "جيروزاليم بوست" الإسرائيلية تصريح الحاخام الأكبر للمجلس اليهودي الإماراتي، إيلي عبادي حول وجود مفاوضات جارية لتأسيس أول حي يهودي في الإمارات يشمل بناء المزيد من دور العبادة والمدارس -من دور الحضانة إلى التعليم العالي- والطقوس اليهودية، والمزيد من مؤسسات طعام الكوشر، ومركز مجتمعي.
ورغم عدم تعليق السلطات الاماراتية على تلك التصريحات إلا أن السلطات البحرينية قد بدأت عمليا بتأسيس ورعاية الحي اليهودي في المنامة ربما لمنافسة الدور الإماراتي او لخلق أكثر من حي لليهود في أكثر من دولة خليجية. ففي الفترة نفسها كانت هناك تصريحات ابراهيم نونو الذي يقدمه الإعلام على أنه زعيم الجاليات اليهودية في الخليج قال فيها أنه يقف ورابطة الجاليات اليهودية خلف مشروع إعادة هوية سوق المنامة ووفقا لنونو، فإن المشروع يتمثل في إعادة الهوية البحرينية إلى سوق المنامة وإحياء التعدد الطائفي والديني في قلب المدينة التاريخي، وتحديدا في شارع الشيخ عبدالله، الذي يعد مركز السوق القديم منذ بدايات القرن العشرين".
تصريحات نونو التي غلفت بالاقتصاد وإعادة الحركة إلى السوق القديمة كانت تحمل معها بذور المشروع الأكبر الذي يشغل تفكير الحكومة بالأساس وهو التخلص من الطابع الشيعي للعاصمة المنامة والعمل على تفتيت مركزية الشيعة فيها. ورغم محاولات عديدة قادتها حكومة خلفية بن سلمان لم تفلح تلك الاجراءات في خلع الطابع الشيعي عن هوية المنامة وجاءت جهود مي ال خلفية لاحقا مركزة على انتاج وخلق مركز بديل هو المحرق مع تهميش واضح للتراث الشيعي في المنامة إلا أنها أيضا لم تفلح في جهودها فظلت هوية المنامة عصية على الإقصاء والإمحاء.
المشروع مصمم لأن يكون في قلب العاصمة إلى جوار المآتم المتلاصقة التي تكتسي بها جغرافيا العاصمة وتم اختيار المعبد اليهودي ليكون مركزا للحي اليهودي ويبدأ الترويج له من مدخل باب البحرين حيث وضعت اللافتات المكتوبة باللغة العبرية ووضعت خارطة جغرافية توضح معالم العاصمة دون ان تحتوي أو تتضمن أي معلم شيعي بما فيها بيت الشاعر البحريني الكبير ابراهيم العريض وبيت التاجر الشيعي المعروف السيد خلف وغيرها من المعالم الاخرى. وتم اختيار فندق ميرشانت هاوس المقابل للمقهي الاكثر شعبية المعروف بمقهي حاجي، ليكون بداية رحلة البدء إلى الحي اليهودي في قلب العاصمة، ليكون بمثابة نقطة الارتكاز الميداني والتواصل البصري لأي زائر للمنامة حيث يتوجب عليه أن يقرأ اللفتات العبرية تلك.
في هذا السياق يأتي مشروع الحي اليهودي كمحاولة جديدة لمحو ما يقارب من 40% من هوية المنامة البصرية والجغرافية. بدايات المشروع استكلمت مرحلتها الأولى والمتمثلة في توفير الغطاء القانوني والسماح لإنشاء أول محكمة يهودية في المنطقة إضافة إلى إعادة الصلاة في المعبد اليهودي وتجديده على الطريقة التقليدية وإقامة اول حفل زواج يهودي فيه. أما المرحلة الثانية والتي تمثل ناقوس الخطر فهي السعي لاستملاك الأرض والبيوت المحطية بالمعبد وتحديد المساحة التي سيقام عليها الحي اليهودي ومرافقه من مدراس وحضانات وأسواق ومطاعم يهودية. وهي طريقة تذكرنا باأساليب التي اتبعتها المنظمات الصهيونية عندما قررت أن تحتل أرض فلسطين.
وبحسب بعض المعلومات المتداولة فقد تم شراء بعض البيوت القديمة في العاصمة المنامة من قبل بعض اليهود لترسيخ الوجود المادي في العاصمة والعمل على خلق جغرافيا خاصة باليهود في المنامة. وهنا برز دور جهاز المساحة وجهاز التسجيل العقاري في تسهيل هذه المهمة عبر تعطيل رخص البناء او الترميم أو الاستفادة من تلك البيوت لإحداث ضغط على ملاكها وبيعها لاحقا لواجهات يهودية. بطبيعة الحال لن ينتهي المشروع عند هذا الحد فلدى وكيل وزير الخارجية عبدالله بن أحمد آل خليفة حقيبة كبيرة تتضمن مئات من الأسماء والعائلات التي تم تجنيسهم وإعادة توطينهم. كما أن القوانين الجديدة التي اقرتها حكومة ولي العهد من قبيل الفيزا الذهبية وفتح الاستثمارات مع الكيان المؤقت من شأنها أن تسهل عمليات التجنيس الأخرى وتسكينهم ضمن الحي اليهودي.