"المنبر الإسلامي" مقيّما "مجلس 2018": البرلمان تحوّل إلى مؤسسة شكلية للمشهد الديمقراطي

الأمين العام لجمعية المنبر الإسلامي محمد العمادي
الأمين العام لجمعية المنبر الإسلامي محمد العمادي

2022-05-11 - 11:03 م

مرآة البحرين: أصدرت جمعية المنبر الوطني الإسلامي بياناً بمناسبة انتهاء دور الانعقاد الرابع في الفصل التشريعي الخامس قالت فيه إنّ "التغييرات التي أقرها النواب بأنفسهم على اللائحة الداخلية للمجلس حولت المجلس إلى مؤسسة شكلية للمشهد الديمقراطي".
ورأت الجمعية المنتمية لتيار الإخوان المسلمين، أنّ "غياب الجمعيات السياسية عن البرلمان أدى إلى غياب الاستمرارية والتراكمية والخبرات والكفاءات".
وفيما يلي نص البيان:
شهدت مملكة البحرين في 14 و15 فبراير عام 2001م تحولاً تاريخياً في شتى المجالات السياسية والاقتصادية والاجتماعية ودخلت عهد الحريات والديمقراطية من خلال التصويت على مشروع ميثاق العمل الوطني الذي طرحه الملك بنسبة 98.4%.
وفي 14 فبراير عام 2002، صدر دستور جديد عبر بالبلاد إلى الحياة الدستورية والبرلمانية حيث أعاد الدستور الجديد تأسيس نظام برلماني في البحرين، ونص وبشكل واضح على مبدأ الفصل بين السلطات التنفيذية والقضائية والتشريعية، وضمان استقلال كل واحدة منها عن الأخرى، مع ضمانة حق كل مواطن بحريني للمشاركة في الشؤون العامة وممارسة حقوقه السياسية، والحق في الترشح والتصويت للمواطنين المؤهلين.
ونتيجة لما سبق فقد أصبحت البحرين تمتلك برلماناً قوياً أتيحت له الكثير من الصلاحيات التشريعية والرقابية من أجل أن يكون شريكًا في العمل الوطني، ويعد البرلمان أحد أبرز وأهم ثمار المشروع الإصلاحي ،وقد استبشر المواطنون خيراً بالبرلمان الجديد وعقدوا آمالاً كبيرةً عليه في تحقيق تطلعاتهم، وبمناسبة الإعلان يوم الثلاثاء 10 مايو 2022 عن انتهاء دور الانعقاد الرابع من الفصل التشريعي الخامس
فإننا في جمعية المنبر الوطني الإسلامي باعتبارنا إحدى القوى الوطنية والسياسية الفاعلة في المجتمع البحريني والمشاركة في الحياة السياسية والبرلمانية والداعمة وبقوة للمشروع الإصلاحي ولعملية الإصلاح الكبرى التي قادها الملك منذ كتابة الميثاق والتصويت عليه مروراً بإقرار الدستور وحتى الآن، وإيماناً منا بضرورة مواصلة الإصلاح في شتى المجالات والعمل على التصدي للتحديات والعقبات التي تواجهه وانطلاقاً من المسؤولية الوطنية والسياسية وحرصنا على مسيرة العمل الوطني والديمقراطي، نرى ما يلي:
1- كان من المأمول أن تؤدي المجالس النيابية الخمسة ومنذ العام 2002 دوراً محورياً في تعزيز الديمقراطية والحريات العامة والحفاظ على المكتسبات السياسية والمعيشية والدفع نحو المزيد منها والدفاع عن حقوق الشعب إلا أنه وبعد الفصلين التشريعيين الأول والثاني (٢٠٠٢ - ٢٠٠٦) و(٢٠٠٦- ٢٠١٠) والذي كان للجمعيات السياسية حضوراً كبيراً فيهما تراجع وضعف الأداء بشكل كبير بعد سيطرة المستقلين على المجلس حتى وصل إلى حد تماهى أداء المجلس مع أداء الحكومة، وبعد أن كان المجلس رقيباً عليها محاسباً لها تحول لتابعاً ينفذ رغباتها ويتطلع لرضاها على حساب مصالح الشعب وقد انعكس الأداء الضعيف لمجلس النواب على الممارسة الديمقراطية بشكل عام وعلى الحياة السياسية والحريات العامة في المجتمع.
2- عجز النواب عن محاربة الفساد المالي والإداري والحفاظ على المكتسبات المعيشية والاجتماعية والوطنية والدفاع عنها، حيث هناك تقصير واضح من جانب النواب في أداء دورهم الرقابي والتشريعي بسبب الإحجام عن ممارسة الأدوات الرقابية الحقيقية كالاستجواب فلم يشهد الفصل التشريعي الخامس استجواباً واحداً، كما أن بعضاً من الحصاد التشريعي كان ضد مصالح الشعب وخصماً من حقوقهم ومكتسباتهم، كما في تعديلات قانون التقاعد التي أقرها النواب برغم المعارضة الشعبية الكبيرة لها وفي مقدمتها غالبية الجمعيات السياسية بالإضافة إلى التقصير في محاسبة المسؤولين عن صناديق التقاعد الذين تسببوا في إهدار أموال المتقاعدين وفشلوا في إداراتها بدلا من تحميل المواطن مسؤولية إخفاقه.
وفرض ضريبة القيمة المضافة، إضافةً إلى الاقتصار على معالجة قضايا هامشية لا تتناول العقبات الرئيسية في التشريع، وإقرار تشريعات مقدمة من الحكومة مباشرة دون تعديلات تذكر في أغلب الأحيان.
3- غياب الجمعيات السياسية عن البرلمان أدى إلى غياب الاستمرارية والتراكمية والخبرات والكفاءات حيث تحتاج البرامج والمشاريع والقوانين وإقرار الموازنات إلى متابعة واستمرارية والبناء عليها وهو ما يغيب عن المستقلين الذين تسيدوا المشهد الأمر الذي أضاع مشاريع ومقترحات هامة وأدى إلى غياب للعمل السياسي المنظم كما في برلمانات العالم الديمقراطي، فحضور الكتل كان شكلياً وضعيفاً وغابت الرؤية والبرامج السياسية في معالجة القضايا والمشكلات الاقتصادية وغيرها.
4- التغييرات التي أقرها النواب بأنفسهم على اللائحة الداخلية للمجلس حولت المجلس إلى مؤسسة شكلية للمشهد الديمقراطي حيث تم وضع ضوابط مقيدة للمناقشة العامة داخل مجلس النواب، وهي تعد سابقة في الحياة البرلمانية تضاف إلى سابقة تقييد الاستجواب. كما تم منع توجيه النقد أو اللوم أو الاتهام، وأي أقوال تتضمن ما يخالف الدستور والقانون أو تشكل مساساً بكرامة الأشخاص أو الهيئات أو إضراراً بالمصلحة العليا للبلاد، وتحديد 10 نواب كحد أقصى للمشاركة في المناقشة العامة مع تحديد 5 دقائق للنائب الواحد وغيرها من القيود التي أثرت بشكل سلبي على أداء المجلس.
5- صدرت معظم القوانين التي أقرها المجلس بدون طرحها للنقاش المجتمعي، وبدون الاستماع إلى الخبراء والمهتمين، ولم يؤخذ بالملاحظات التي أرسلت إليه من جانب مؤسسات المجتمع المدني كما في تعديلات قانون التقاعد حيث أرسلت عدد من الجمعيات ومنظمات المجتمع المدني مقترحاتها لحل الأزمة بعيد عن جيوب المتقاعدين والخصم من حقوقهم ومكتسباتهم إلا أنه للأسف الشديد لم يلتفت مجلس النواب لهذه المقترحات ولآراء الخبراء والمتخصصين وأقرت التعديلات وسط سخط شعبي مثلما حدث في ضريبة القيمة المضافة.
6- تراجع دور المجلس في الدفاع عن قضايا الأمة العربية والإسلامية وفي مقدمتها القضية الفلسطينية حيث لم يسمع لغالبية أعضاء مجلس النواب ولجنة مناصرة الشعب الفلسطيني أي صوت في مواجهة اتفاقيات التطبيع، كما بدى صوت مجلس النواب خافتة ومكتوماً في إدانة الأعمال الإرهابية والإجرامية للكيان الصهيوني.
إننا إذ يقلقنا اللامسؤولية التي أبداها غالبية النواب في ممارسة مهامهم وتخليهم طواعية عنها، وعجزهم في الدفاع عن حقوق المواطنين المعيشية الأمر الذي تسبب في تراجع المكتسبات السياسية والبرلمانية والمعيشية، فإننا نؤكد على تمسكنا ببرلمان حر مستقل يعمل في ظل القواعد الراسخة للممارسات الديمقراطية المستقرة، فوجود البرلمان في الدولة ركيزة هامة من ركائز دولة القانون والرقابة هي حجر الأساس في البرلمانات الديمقراطية، وهي مؤشر على الحكم الرشيد الذي تتناصح فيه السلطة التشريعية والتنفيذية لتحقيق الخير للوطن.
ونؤكد على أن المحاولات المستمرة لتقليص هذا الدور ليست من الصالح العام بل تبعث برسائل سلبية ومحبطة، ومن هذا المنطلق ندعو إلى ضرورة الحفاظ على التجربة البرلمانية ودعمها والحفاظ على صلاحياتها التشريعية والرقابية كاملة باعتبارها أحد أهم ثمار المشروع الإصلاحي، كما ندعو المواطنين إلى ضرورة التصويت في الانتخابات المقبلة إلى الكفاءات الأكثر قدرة على أداء الدور الرقابي والتشريعي والتي تتمتع بالخبرة والنزاهة والشفافية والتي تمتلك برنامجاً ورؤية واضحة بعيداً عن الحسابات الشخصية وذلك لمواجهة التحديات ووضع الحلول اللازمة للمشكلات وحتى يكون مجلس النواب معبراً وبصدق عن الآمال والتطلعات الشعبية لا مخالفاً أو متجاهلاً لها.