عباس المرشد: كذبة النفط الصخري

عباس المرشد - 2022-04-03 - 6:26 ص

في أحدث تصريح لنجل المشير قائد قوة دفاع البحرين وزير النفط في البحرين أكد فيه أنه لم يسبق أن تم اكتشاف أي من المعادن والصخور ذات القيمة التجارية في البحرين. وأنه رفع الأمر إلى الجهات المعنية لمزيد من البحث والدراسة.  

يأتي هذا التصريح بمثابة إنهاء سنوات طويلة من الاستمرار في كذبات الاكتشافات النفطية، ومن بينها النفط الصخري التي شغلت الرأي العام المحلي وقابلها الناس بالكثير من الضحك والشفقة. تصريحات وزير النفط الحالي ومن قبله تصريحات الوزير السابق عبد حسين ميرزا في 2011 لا تخلو من تعارض وتعمد إخفاء المعلومات الحقيقية عن الرأي العام. 

صناعة الكذب لا تخلو من سعي واضح لتحقيق منفعة أو هروبا من عاقبة أو تغطية على أمر معيب ومشين كما هو الأرجح في سلوك نظام الحكم في البحرين فالقاعدة المألوفة، أنه يكذب للتغطية على فضيحة أو تغطية على سلوك مشين كقضايا الفساد أو خرق القانون.  كذبة النفط الصخري لم تكن هي الوحيدة التي أطلقها الملك بناء على تقارير فارغة المحتوى والمضمون، فقبل عامين نشط ولي العهد في زيارات أوربية إلى عقد صفقات استثمارية مع شركات إيطالية لاكتشافات نفطية جديدة في البحرين وقتها وضعت ماكينة الإعلام الرسمية أخبارا كاذبة ووعودا صاخبة عن الاكتشافات المرتقبة وعن فرص العمل التي ستوفرها الشركة عند بدأ عملها. 

خلال مشاركته في ندوة عبر تقنية الاتصال المرئي، استضافها معهد دول الخليج العربية في واشنطن أكتوبر 2021 صرح وزير النفط الحالي: "في البداية عندما بدأنا في 2018، قلنا 5 سنوات، لذا يجب أن نكون مستعدين بحلول ذلك الوقت".

هل خُدع ولي العهد في مشروعه الاقتصادي النفطي أم كان ضحية تلاعب بالمعلومات في وقت كان يحتاج فيه إلى رافعة اقتصادية وتلميع صورته المهزوزة أمام عم والده وأمام شقاوة أخيه ناصر بن حمد؟ ربما كلا الاحتمالين هما ما حدث فعلا فلا غرابة في ذلك، وهذا يفسر جزء من حزمة المراسيم المتتالية الخاصة بتمكين ناصر حمد نجل الملك من قطاع النفط وإعلانه عن استثمارات واعدة في القطاع النفطي قوامها الاتكاء والاعتماد على المشورة الأجنبية وتهميش الخبرة الوطنية.

الكذبات الكبرى عادة تنتهي بفضائح كبرى وهو الدرس الذي لم تتعلمه الحكومة والعائلة الحاكمة في البحرين. فكذبة النفط الصخرى اصطدمت اولا بالقرار السعودي الذي لا يجيز للبحرين العمل على التنقيب

كما اصدمت أيضا بكلفة الإنتاج وانهيار سعر النفط وقتها، وها هي الآن على لسان وتصريحات وزير النفط أن لا شيء من وعود الملك ووعود ولي العهد صادقة. أما قصة النفط في البحرين فحكايتها مبكية وبئر أبو سعفة يثير الشجن إذا ما تم كشف حقيقة ما جرى في اتفاقية البئر مع الجارة السعودية وكيف استولت على البئر وتحكمت بانتاجه وأصبحت حصة البحرين منه قابلة للابتزاز السياسي. فوفق قوانين الحدود البحرية فبئر أبوسعفة يقع في الحدود البحرية البحرينية ولا حصة للسعودية فيه، إلا أن الخضوع للسعودية والإقرار بالتبعية لها فرض توقيع اتفاقيات حدود أخرجت بئر أبو سعفة من حدود البحرين وسيادتها. سيضحك شعب البحرين على  مطالبة حكم العائلة في البحرين بالزبارة التي أصبحت أرض سيادية بالكامل لقطر وسكوت حكومة البحرين على اقتطاع مساحة أكبر بئر نفطي من حدودها البحرية، فعلا هي دعوة للضحك التراجيدي.

في تسريبات تصريحات وزير النفط تفاصيل الصراع بين الاخوة على الثروة النفطية بدأت بمحاولة المشير خليفة بن أحمد في تعيين نجله على قطاع النفط ومحاولة احتكاره كبديل عن السلطة السياسية، وهذه الرغبة تحطمت أمام نزوع ولي العهد للسيطرة على القوة الاقتصادية بالكامل وكون النفط يشكل 80% من موازنة الحكومة التي يترأسها. الصراع استمر لاحقا مع دخول نجل الملك المدلل ناصر على خط تقاسم الثروة بعد انكشاف كذبة النفط الصخري وكذبة التنقيبات الجديدة التي رعاها ولي العهد لتصدر مراسيم متتالية تعيد تشكيل قوة وسلطة هيئة النفط برعاية ناصر حمد.

الآن مع ارتفاع أسعار النفط سترتفع حصة ناصر حمد من الثروة النفطية والفوائد التي سيجنيها من تلك العوائد دون أن تمر على أي رقابة برلمانية بحكم استقلالية هيئة النفط عن وزارة النفط وبالتالي فلا رقابة فعلية على عوائد النفط الحالية. 

*باحث وكاتب من البحرين.