عباس المرشد: مشروع التطبيع في البحرين، استكمال مشروع البندر المرحلة الثالثة
عباس المرشد - 2022-03-27 - 4:19 م
لا يفوت حكم العائلة الحاكمة في البحرين فرص التودد إلى الكيان المؤقت كما لا يراعي أي ثوابت للأمة العربية أو الإسلامية عندما يكون الموضوع متصلا بمصالح وتمكين الكيان المؤقت في المنطقة.
مقاربات عديدة يمكن أن تقدم تفسيرات هذا الاندفاع والجشع في تقوية الصلة مع الكيان المؤقت، من بينها طبيعة العلاقة الملتبسة بين حكم العائلة والمجتمع وهي العلاقة التي تتفجر بين فترة وأخرى نظرا لغياب أي تفاهم سياسي بين الحكم والمعارضة، ووسط إصرار حكم العائلة على المضي في تقوية الاستبداد وحماية مصالح الحكم العائلي. وهنا يجد حكم العائلة فرصته ومساحته في الارتماء في حضن الكيان المؤقت. تفسير آخر أكثر واجهة هو طبيعة التبعية التي جبل عليها حكم العائلة وافتقاده لكرامة السيادة والقرار السيادي الأمر الذي يجعله عرضة وسلعة قابلة للمساواة ولو على حساب مصالح البلاد وأمنها القومي والوطني. ومؤشر ذلك أن حكم العائلة بات غير معني بموضوع السيادة الوطنية واستقلالية القرار الوطني منذ 2011 على أقل التقادير وربط مصالحه الاقتصادية والسياسية ببيع السيادة لأي مشترٍ، ولو بثمن بخس وزهيد.
إن اهتمامات حكم العائلة اليوم لم يعد متعلقا بتقوية الحكم وسيادة حكم القانون وبناء الدولة الحديثة حتى وإن أظهر كل ذلك في صفحاته جرايده الأولى، الأولوية كما هو واضح من تتبع مسار جلسات مجلس الوزراء ومن خريطة المستنقعات التي يصنعها نظام الحكم هي أولوية تنمية الثروة الاقتصادية للعائلة الحاكمة والاستيلاء التام على كل مدخول اقتصادي وعلى كل جزيئة من جزيئات الثروة الوطنية ومن المؤسف أن تتحول قضية السيادة والاستقلالية وحكم القانون إلى سلعة سياسية تباع أمام أي مشترٍ حتى ولو كان الكيان المؤقت.
أيا تكن التفسيرات فإن الأهم هو التوقف أمام التداعيات والمشروع الخفي القابع خلف هذه العلاقة المجرمة شرعيا وسياسيا وهذا ما أشار إليه سماحة الشيخ الشيخ عيسى قاسم في تغريدته الأخيرة وتعليقه على القمة المزمع عقدها في النقب والإعلان عن المشروع الصهيوني في الشرق الأوسط.
يشير سماحة الشيخ إلى الأهداف المتوقع تحقيقها على المدى القريب والمتوسط ويحددها في مسار واضح هو قتل روح الأمة واغتيال شرفها الديني والسياسي "التطبيعَ مع العدوّ الإسرائيليّ يشتغل على تحطيم مصالح الأمَّة، وعزّتها، ووحدتها، ولكنَّ أهمّ ما هو مستهدف له اليوم هو العقليَّة الإسلاميَّة للأمَّة، وضميرها ووجدانها، وسلوكها العمليّ الإسلاميّ، وأخلاقيَّتها؛ اجتثاثًا لجذور الإسلام فيها، وانتمائها له، لتكون من سنخ الصهيونيَّة".
وبالتالي من المهم التوقف أمام تواطئ حكم العائلة في البحرين مع هذا المشروع تحت عنوان التطبيع.
بالرجوع إلى سيرة حكم العائلة وبالأخص ما يعرف بتقرير البندر يمكن الارتكاز على أسس العلاقة بين الكيان المؤقت وحكم العائلة وتلاقي المصالح المشتركة بين كلا النظامين، أي الاتفاق على تخريب هوية المجتمع واستبدال هويته بهوية جديدة قوامها الإقرار بالتبعية والقبول بوضعية الخادم بدلا من وضعية المواطن.
إزاء ذلك سيضاف واجب جديد إلى واجبات المعارضة ودورها في حماية جماهيرها من جريمة القتل المرتقبة كما سيضيف إلها مهمة أخرى ترتكز على إفشال المشروع القادم للكيان المؤقت. في المقابل سوف تجتهد آلة الإعلام الرسمي على تحريف بوصلة الرأي العام وتركيزه على بعد واحد، هو بعد العداء لإيران كبؤرة تفسير وربط في حين أن هذه البؤرة رغم أهميتها ووضحها أيضا لا تعدو أن تكون غطاء سميكا للمشروع الذي يحذر منه سماحة الشيخ عيسى قاسم.
كاتب وباحث من البحرين.