إعدامات السعودية: الغرب ومحمد بن سلمان على حقيقتهم
2022-03-21 - 7:45 م
مرآة البحرين (خاص):
"ليست عقوبة الإعدام عقوبة بقدر ما هي إنذار، ذلك أنها تهدف إلى خلق حالة من الرعب أقرب منها إلى العقاب على الذنب، وإذا كان ضحاياها في عداد الأموات، فإنها تتخذ من رائحة الدم وسيلة لتحذير الأحياء. هناك دائما هامش للخطأ في عقوبة إعدام فردية، وليس هناك مطلقا هامش للصواب في عقوبة إعدام جماعية"... الأكاديمي والناشط الحقوقي الكويتي فهد المطيري، تعليقاً على الإعدامات الجماعية في السعودية.
لم يكن يوم السبت 12 مارس 2022 يوماً عادياً على السعودية، لقد أفاق الناس على نبأ إعدام 81 شخصاً معظمهم سعوديون، في حصيلة هي الأعلى بالنسبة للإعدامات الجماعية في تاريخ السعودية الدموي المليء بقطع الرؤوس، وثالث عملية إعدام جماعي منذ تسلم الملك سلمان مقاليد الحكم بعد يناير 2016 التي أعدم فيها 47 شخصاً بينهم الشيخ نمر النمر، و2019 التي أعدم فيها 37 شخصاً (32 منهم ينتمون للأقلية الشيعية).
الغرب كعادته أظهر وجهه القبيح المليء بالمعايير المزدوجة في ما يتعلق بهذه الحادثة المروعة، لم تدن أي دولة كبرى هذه الإعدامات، بل على العكس تماماً تهرب المتحدث باسم الخارجية الأمريكية عن إدانة مجزرة الإعدامات تلك، ظل يكرر المتحدث عبارة "شركائنا السعوديين"، ورفض إدانة عملية الإعدام لمدة قاربت الأربع دقائق، طال فيها الأخذ والرد بينه وبين صحفيين اثنين بدا الغضب عليهما واضحاً وهما يستمعان لرده البارد المليء بالنفاق.
بريطانيا بدورها عبرت عن "صدمتها"، فرنسا عبرت عن "أسفها"، أما ألمانيا فقالت إنها "مصدومة بشدة" مما حصل، كان واضحاً كيف أن الغرب قرر التغاضي عما حصل، لأنه يطلب ود السعودية اليوم، ويبحث عن إقناع المملكة الغنية بالنفط لزيادة إنتاجها النفطي من أجل ضبط الأسعار وخفضها ما أمكن، مع الحرب الروسية على أوكرانيا.
بالنسبة لمحمد بن سلمان، فهو بالطبع لم يكن سياسياً محنكاً في يوم من أيام، على العكس من ذلك، فهو شاب عنجهي/ مغرور/ متهور ولا يملك أي خبرة أو حصافة سياسية، ويمارس السياسية من باب "المحاولة والخطأ (trial and error)"، هو يقدم على فعلته، ويرى ردات الفعل ويقيمها، وعلى أساس ذلك يمضي قدماً في مشروعه السياسي، الذي يريد منه في نهاية المطاف فرض سطوته داخلياً، واحترامه خارجياً ودولياً.
نرى ذلك بوضوح من خطوات كثيرة أقدم عليها أبرزها، حرب اليمن، خطابه العدائي مع إيران والذي تغير لاحقاً، حادثة مقتل خاشقجي، اختطاف رئيس الوزراء اللبناني سعد الحريري وإجباره على الاستقالة، خطف الأمراء والأثرياء واحتجازهم في فندق الريتز كارلتون وإجبارهم على التخلي عن جزء كبير من ثروتهم.
*الإعدامات: الفئة المستهدفة والأهداف
بالنسبة لمحمد بن سلمان فإن الإعدامات تستهدف فئتين رئيسيتين:
الفئة الأولى (المعارضة): أقدم محمد بن سلمان منذ تولي والده الحكم على إعدام 83 شيعياً، كانوا بالدرجة الأولى معارضين سياسيين، يرفعون مطالب بالعدالة والإنصاف وإنهاء التمييز.
يمكن أن تشمل لاحقاً الإعدام شخصيات معارضة مثل سلمان العودة وآخرين.
الفئة الثانية (متمردين): شملت الإعدامات جماعات متطرفة خارجة عن السيطرة، مثل المنتمين لتنظيم داعش، وهي جماعات تقوم بمواجهة الدولة مستخدمة وسائل العنف كالتفجيرات الانتحارية.
أما الرسائل من وراء تلك الإعدامات فهي متعددة، وموجهة إلى الداخل والخارج، للداخل الذي عليه أن ينصاع بالكامل لمحمد بن سلمان وما يريد أن يفعل بالبلاد والعباد، كما يقول الأكاديمي الكويتي فهد المطيري، فإن الهدف منها "خلق حالة من الرعب" وهي "وسيلة لتحذير الأحياء".
أما الخارج الذي انتقد محمد بن سلمان كثيراً منذ حادثة مقتل خاشقجي وقلل من شأنه، فهو يحاول فرض احترامه عليهم بالقوة، ويرى أن الإعدام تماماً مثل حرب اليمن والسطو على أموال الأثرياء، خطوة من خطوات فرض الهيبة والاحترام.
*خاتمة:
لا يرى بن سلمان نفسه مضطراً للاختباء خلف قناع الإصلاحي الليبرالي المعتدل، في مقابلة مطولة مع مجلة الأتلانتك الأمريكية زعم أن بلاده تخلصت من عقوبة الإعدام ما عدا جرائم القتل التي عقوبتها الإعدام ما لم يعفُ أهل القتيل عن القاتل، لكنه أضاف إلى تلك الفئة أيضاً "أي شخص يهدد حياة كثير من الناس"، وهي عبارة فضفاضة يمكنه من خلالها إعدام من يريد بحجة تهديد حياة الناس.
هو أيضاً كان واضحاً في مسألة الملكية المطلقة، وأن لا نية لديه لإحداث أي تطوير سياسي يهدف لمشاركة الناس في القرارات المهمة والمصيرية، وهو يعلم تماماً أن هذا الغرب مليء بالمعايير المزدوجة والنفاق ويمكنه التغاضي عن الديكتاتوريات الصديقة مهما كانت بشعة.
لقد عرف محمد بن سلمان المعادلة، هذا الغرب وما يسمى "المجتمع الدولي"، يبحث عن مصالحه، ومتى ما كنت قادراً على تحقيق تلك المصالح له، يمكنك أن تكون قاتلاً وسفاحاً دون اكتراث، لأن أكثر ما يمكن أن يحدث لك حينها بيان إدانة من منظمة العفو الدولية أو هيومن رايتس ووتش.
تقرير لمرآة البحرين عن مقتل 122 شيعياً منذ تولي الملك سلمان وابنه لمقاليد الحكم PDF
- 2024-11-25هل تُقفل السلطة ملفات الأزمة في ديسمبر 2024؟
- 2024-11-13صلاة الجمعة.. لا بيع أو شراء في الشعيرة المقدّسة
- 2024-11-13ملك المستعمرة أم ملك البحرين: كيف تتعامل المملكة المتحدة مع مستعمرتها القديمة؟ ولماذا لم تعد تثير أسئلة حقوق الإنسان على فارس صليبها الأعظم؟
- 2024-11-05الجولة الخائبة
- 2024-11-03هكذا نفخت السلطة في نار "الحرب" على غزة كتاب أمريكي جديد يكشف دور زعماء 5 دول عربية منها البحرين في تأييد عمليات الإبادة