البحرين تلعب لعبة أذربيجان مع إيران... ما هي النتائج؟
2021-10-03 - 11:49 ص
مرآة البحرين (خاص): منذ حوالي عشرة أعوام كثر الحديث عن اتجاه خليجي للتطبيع مع إسرائيل، ودائماً ما كان اسم البحرين حاضراً في هذه الأخبار.
مهدت السلطات في البحرين لخطوة التطبيع في أكثر من مناسبة، ابتداء من التصريحات المتتالية لوزير الخارجية السابق خالد آل خليفة الداعمة لإسرائيل تارة، والمناوئة للمقاومة الفلسطينية واللبنانية تارة أخرى، وصولاً إلى استقبال الوفود اليهودية الأمريكية/الإسرائيلية في البحرين ورقصهم عند باب المنامة، وترديدهم الأغاني العنصرية عن بناء الهيكل وهدم بيت المقدس.
اختلفت أسباب كل دولة أرادت الذهاب إلى التطبيع مع إسرائيل، أما البحرين فهدفها كان واضحاً. إن انسحاباً أمريكاً من المنطقة يجري العمل عليه منذ مدة، وإننا لا يمكننا أن نبقى هكذا في قبال إيران، التي لم يضعفها الحصار، بل على العكس تماماً حوّلها إلى دولة إقليمية تملك من النفوذ والجماعات المدربة عسكرياً ما يكفيها لخوض حروب على أكثر من جبهة في آن واحد إن أرادت.
لقد فهم الجميع الدرس حين رأي الإيرانيون يتحركون باتجاه سوريا، وينقلون مقاتليهم لمساندة الجيش السوري ضد المسلحين، ولم يخطئ أحد الحساب حين رأى إيران تساند الحشد الشعبي لمواجهة داعش، وجماعة أنصار الله ضد تحالف عريض بقيادة السعودية.
لهذه الأسباب قررت أسرة آل خليفة الذهاب إلى التطبيع، أو على الأقل هذا ما يمكن تحليله من تلك الخطوة التي أعلن عنها قبل عام تقريباً. هي لم تكن استجابة لإلحاح إدارة أمريكية مأزومة على أبواب انتخابات قد تخسرها، بل كانت استراتيجية بنت عليها الأسرة الحاكمة خططها للمستقبل.
في المقابل فإن إسرائيل أيضاً كانت تسعى حثيثة ليكون لها موطئ قدم في الخليج، وقد قررت منذ فقدان السيطرة على البرنامج النووي الإيراني وفشل كل هذه الدول في كبح جماح إيران، إلى التصرف بما تقتضيه مصلحتها، في إضعاف إيران ما استطاعت بكل ما أوتيت من قوة.
لقد عملت إسرائيل على اغتيال العلماء النوويين وآخرهم الشهيد فخري زاده، وتمكنت أيضاً ذات مرة من إحداث تفجير (محدود) في مفاعل نطنز النووي، وكانت دائما تعمل على خلق الفوضى في إيران، وهي لم تخف ذلك في يوم من الأيام.
لكن إيران في المقابل لم تقف مكتوفة الأيدي تجاه ما حدث، لقد تم استهداف مقرات غير رسمية للموساد في شمال العراق (أربيل) أكثر من مرة على يد فصائل عراقية مقربة من إيران، فيما أقدمت إيران بشكل مباشر مطلع الشهر الماضي إلى استهداف مواقع في إقليم كردستان تستخدم من قبل المعارضة الإيرانية المسلحة والموساد للقيام بأعمال عدائية ضد إيران.
*أذربيجان والمناورات الإيرانية:
دائما ما كانت إيران تنام بعين مفتوحة على حدودها من أذربيجان التي تقول إنها باتت تستخدم كقاعدة إسرائيلية للقيام بأعمال عدائية ضدها، وعلى الرغم من كثرة التحذيرات الإيرانية إلا أن أذربيجان قررت المضي قدما في توطيد علاقاتها مع إسرائيل (كما بدأت إسرائيل في إنشاء شبكة علاقات جديدة مع جورجيا).
بعد الحرب الأخيرة بين أذربيجان وأرمينيا في إقليم ناغورني قره باغ والذي انتهى بانتصار أذربيجان على أرمينيا (حليف إيران) وانتزاع مناطق منها، نظرت طهران إلى التغير الكبير في موازين القوى الذي حصل والذي بالطبع لم يكن لصالحها، لكنها حاولت السير بمضض لأسباب كثيرة في الاتفاق الذي رعته روسيا بالتعاون مع تركيا (الحليف الرئيسي لأذربيجان).
تحينت إيران الفرصة على جارتها أذربيجان، حتى أتت أزمة المعابر التي قررت على إثرها أذربيجان (بفعل انتصارها العام الماضي على أرمينيا وشعورها بالقوة) فرض ضرائب على الشاحنات الإيرانية العابرة إلى أرمينيا وهو ما انتهى بمناورة عسكرية ضخمة على الحدود مع أذربيجان هي الأولى من نوعها منذ 30 عاماً.
مع بدء المناورات اتهم الرئيس الأذربيجاني علييف القوات الإيرانية بدخول مناطق أذربيجانية وخرق سيادة بلاده. لكن الرد عليه أتى سريعاً على لسان وزير الخارجية الإيراني حسين أميرعبداللهيان الذي قال لدى تسلمه أوراق اعتماد السفير الأذربيجاني الجديد أن إيران لن تتحمل تواجد وأنشطة إسرائيل ضد الأمن القومي الإيراني وستقوم باتخاذ أي إجراء لازم بهذا الصدد، وهي رسالة واضحة أن إيران لن تكترث لحدود ومعاهدات إن شعرت بأن التهديد الإسرائيلي بلغ حداً لا يمكن السكوت عنه.
*تطبيع البحرين بعيون إيرانية:
وفي السياق ذاته ترى إيران أن مساعي إسرائيل لإيجاد موطئ قدم لها في البحرين يأتي ضمن خطة تستهدف محاصرة إيران من خلال تكثيف التواجد الإسرائيلي في المناطق والدول المحيطة، وذلك استعداداً للقيام بأي عمل عدائي ضدها.
ومما لا شك فيه أن إيران قامت وتقوم بمراقبة ملف التطبيع الخليجي بدقة، وهي تنظر إلى ما يحصل على أنه محاولة واضحة للنيل منها وتهديدها وصولاً إلى الإضرار بها ولربما القضاء عليها، وقد أثبتت التجارب أن إيران في مثل هذه الحالات لا تقف مكتوفة الأيدي لحين وصول النار إليها، بل ستقوم بحماية بلدها وأمنها القومي بالطريقة التي تراها مناسبة.
مما سبق يحق لنا أن نتساءل هل تعي الأسرة الحاكمة في البحرين إن موضوع التطبيع، ليس كغيره من المواضيع الخلافية مع إيران، التي تبدأ في الإعلام وتنتهي في الإعلام؟
هل يعي الحُكم في البحرين أن إيران تنظر إلى التواجد الإسرائيلي في البحرين على أنه ذات بعد أمني/عسكري مع كل ما يمكن أن يستتبعه ذلك من أعمال علنية وغير علنية؟
أي لعبة خطرة يلعبها الحكم في البحرين مع دولة إقليمية بإمكانيات عسكرية ضخمة مثل إيران؟ وهل يعي متخذ القرار الارتدادات التي سيخلفها قرار التطبيع مع إسرائيل؟