"الأرض الموعودة": النظام البحريني أجبرنا على الاختيار
باراك أوباما - كتاب "الأرض الموعودة" - 2020-11-26 - 8:10 م
ترجمة مرآة البحرين
"في طريقنا إلى بياني الصحفي للإعلاميين، لم يتمكن بن من محو الابتسامة عن وجهه. قال لي"إنه لأمر مدهش حقًا أن تكون جزءًا من التاريخ بهذا الشكل". طبعت كاتي صورة وتركتها على مكتبي؛ تظهَر فيها مجموعة من المتظاهرين الشباب في الساحة المصرية يرفعون لافتة كتب عليها "نعم نستطيع".
شعرت بالارتياح - يصحبه تفاؤل حذر. مع ذلك، أجد نفسي أحيانًا أفكر في مبارك، الذي كان ضيفي قبل بضعة أشهر فقط في غرفة طعام العائلة القديمة. وبدلًا من الفرار من البلاد، اتخذ الزعيم المسن على ما يبدو مسكنًا في مجمعه الخاص في شرم الشيخ. تخيلته هناك، جالسًا في محيط فخم، مع ضوء خافت يلقي بظلاله على وجهه، وحيدًا بأفكاره.
كنت أعلم أنه على الرغم من كل الاحتفالات والتفاؤل في الهواء، لم يكن الانتقال في مصر سوى بداية صراع من أجل روح العالم العربي -صراع بقيت نتائجه غير مؤكدة. تذكرت المحادثة التي أجريتها مع محمد بن زايد، ولي عهد أبو ظبي والحاكم الفعلي لدولة الإمارات العربية المتحدة، مباشرة بعد أن دعوتُ مبارك للتنحي. [محمد بن زايد] شاب ومحنّك ومقرب من السعوديين، وقد يكون أكثر الزعماء ذكاءً في الخليج، إم بي زد، كما أسميناه، لم يُلَطّف كلماته في وصفه لكيفية تلقي الأخبار في المنطقة.
أخبرني محمد بن زايد أن التصريحات الأمريكية بشأن مصر تُراقَب عن كثب في الخليج، بقلق متزايد. ما الذي سيحدث في حال دعا المتظاهرون في البحرين الملك حمد إلى التنحي؟ هل ستُصدر الولايات المتحدة نوع التصريحات ذاته الذي أدلينا به بشأن مصر؟
أخبرته أنني آمل أن أعمل معه ومع آخرين لتجنب الاضطرار للاختيار بين الإخوان المسلمين والاشتباكات العنيفة على الأرجح بين الحكومات وشعوبها.
قال لي محمد بن زايد إن "رسالة الشعب لا تؤثر على مبارك، كما ترى، لكنها تؤثر على المنطقة". وأشار إلى أنه، في حال انهيار مصر وتولي الإخوان المسلمون زمام الأمور، سيكون هناك ثمانية زعماء عرب آخرين سيسقطون، ولهذا السبب انتقد بياني. وقال إنّه "يُظهِر أن الولايات المتحدة ليست شريكًا بإمكاننا الاعتماد عليه على المدى الطويل".
كان صوته هادئًا وباردًا. أدركتُ أنّ رسالته أقرب إلى التحذير من كونها طلبًا للمساعدة. ومهما حدث لمبارك، لم يكن النّظام القديم ينوي التنازل عن السلطة من دون قتال.
بالعكس، بعد استقالة مبارك، اتسع نطاق التظاهرات المناهضة للحكومة في البلدان الأخرى، وازدادت حدّتها، حيث أصبح المزيد من الأشخاص يعتقدون أن التغيير ممكن. نجحت حفنة من الأنظمة في إجراء إصلاح رمزي على الأقل استجابة لمطالب المحتجين مع تجنب إراقة الدماء أو الاضطرابات الكبيرة: رفعت الجزائر قانون الطوارئ البالغ من العمر تسعة عشر عامًا، وأجرى ملك المغرب إصلاحات دستورية زادت بشكل متواضع من سلطة البرلمان المنتخب في البلاد، وملك الأردن سيفعل الشيء نفسه قريبًا. لكن بالنسبة لعدد من الحكام العرب، كان الدرس الرئيسي المستفاد من مصر هو الحاجة إلى سحق الاحتجاجات بشكل منهجي وبلا رحمة - بغض النظر عن مقدار العنف الذي قد يتطلبه الأمر، وبغض النظر عن حجم الانتقادات الدولية الناجمة عن حملات [قمع] مماثلة.
كانت سوريا والبحرين من الدول التي شهدت أسوأ أعمال العنف، حيث سادت الانقسامات الطائفية وحكمت الأقليات ذات الامتيازات أغلبية كبيرة وممتعة. [...] تمامًا كما توقع محمد بن زايد، في دولة البحرين الصغيرة، كانت هناك تظاهرات غالبيتها للشيعة ضد حكومة الملك حمد بن عيسى بن سلمان آل خليفة في العاصمة المنامة، وردّت الحكومة البحرينية بـالقوة، ما أسفر عن مقتل عشرات المتظاهرين وإصابة مئات آخرين. وفي حين أدّت وحشية الشرطة إلى تأجيج التّظاهرات، ذهب حمد المُحاصر أبعد من ذلك، واتخذ خطوة غير مسبوقة بدعوة فرق مسلحة من الجيشين السعودي والإماراتي لمساعدته في قمع مواطنيه.
قضيتُ وفريقي ساعات نتواجه بشأن كيفية تأثير الولايات المتحدة على الأحداث داخل سوريا والبحرين. كانت خياراتنا محدودة للغاية. كانت سوريا خصمًا قديمًا للولايات المتحدة، متحالفة تاريخيًا مع روسيا وإيران، فضلّا عن كونها تدعم حزب الله. ومن دون النفوذ الاقتصادي أو العسكري أو الدبلوماسي الذي كنا نملكه في مصر، لم يكن للإدانات الرسمية التي أصدرناها بحق نظام الأسد (وفرضنا لاحقًا حظرًا أمريكيًا) تأثير فعلي، ويمكن للأسد الاعتماد على روسيا في استخدام حق النقض ضد أي جهود قد نبذلها لفرض عقوبات دولية من خلال مجلس الأمن الدولي. مع البحرين، واجهنا المشكلة الضادة: كانت الدولة حليفًا قديمًا للولايات المتحدة واستضافت الأسطول الخامس للبحرية الأمريكية. سمحت لنا هذه العلاقة بالضغط بشكل خاص على حمد ووزرائه للاستجابة جزئيًا لمطالب المحتجين، وكبح جماح عنف الشرطة. ومع ذلك، اعتبرت المؤسسة الحاكمة في البحرين المتظاهرين أعداء متأثرين بإيران، ويجب احتواؤهم. بالتنسيق مع السعوديين والإماراتيين، كان النظام البحريني سوف يجبرنا على الاختيار، وكان الجميع على دراية بأنه في اللحظة الحاسمة، لا يمكننا المخاطرة بموقعنا الاستراتيجي في الشرق الأوسط من خلال قطع العلاقات مع ثلاث دول خليجية.
في العام 2011، لم يشك أحد بنفوذنا المحدود في سوريا -والذي سيأتي لاحقًا. ولكن على الرغم من عدد من تصريحات إدارتي، والتي تدين العنف في البحرين، والجهود المبذولة للتّوسط في حوار بين الحكومة وقادة المعارضة الشيعة الأكثر اعتدالًا، تعرّض فشلنا في الانفصال عن حمد -خاصة في أعقاب موقفنا تجاه مبارك- لانتقادات شديدة. لم أمتلك طريقة لائقة لشرح التناقض الظاهر، غير الاعتراف بأن العالم كان فوضويًا؛ وبأنّه في إدارة السياسة الخارجية، كان عليّ أن أوازن باستمرار بين المصالح المتنافسة والمصالح التي أطّرتها خيارات الإدارات السابقة، والظروف الطارئة في الوقت الحالي؛ وفقط كوني لم أتمكن في كل حالة من تقديم أجندة حقوق الإنسان الخاصة بنا على اعتبارات أخرى لا يعني أنه لا ينبغي أن أحاول أن أبذل ما بوسعي، عندما أستطيع، لتقديم ما أعتبره القيم الأعلى لأمريكا. لكن ماذا لو بدأت الحكومة بقتل، ليس المئات من مواطنيها، بل الآلاف، وكانت الولايات المتحدة تمتلك القوة لوقف ذلك؟ ما الذي سيحصل آنذاك؟
من ص 647 إلى 649 من كتاب "A Promised Land" للرئيس الأمريكي السابق باراك أوباما
- 2024-08-19"تعذيب نفسي" للمعتقلين في سجن جو
- 2024-07-07علي الحاجي في إطلالة داخلية على قوانين إصلاح السجون في البحرين: 10 أعوام من الفشل في التنفيذ
- 2024-07-02الوداعي يحصل على الجنسية البريطانية بعد أن هدّد باتخاذ إجراءات قانونية
- 2024-06-21وزارة الخارجية تمنع الجنسية البريطانية عن ناشط بحريني بارز
- 2024-03-28السلطات البحرينية تعتقل ناشطًا معارضًا على خلفية انتقاده ملكية البحرين لماكلارين