هل اخترق حساب صحيفة البلاد فعلاً حتى تعلن عن استعادته؟
2020-09-19 - 1:27 ص
مرآة البحرين (خاص): يوم الأحد الماضي (13 سبتمبر 2020) طالعتنا صحيفة البلاد المحلية المملوكة لعلي بن خليفة نجل رئيس الوزراء، بخبر مفاده تمكن الصحيفة المحدودة الانتشار من استعادة حسابها على شبكة التواصل الاجتماعي تويتر، بعد حوالي 4 أسابيع من اختراقه، ليعاد طرح سؤال حول حقيقة اختراق الحساب من عدمه.
بدأت الحكاية في الـ18 من أغسطس 2020 حين نشر حساب الصحيفة تصريحاً منسوباً للسفير السعودي في لبنان وليد البخاري، تعليقاً على حكم المحكمة الدولية الخاصة باغتيال رئيس وزراء لبنان الأسبق رفيق الحريري.
ونقلت الصحيفة يومها عن البخاري قوله: "قرار المحكمة الخاصة بلبنان حول اغتيال الرئيس رفيق الحريري فرصة ذهبية لإقصاء حزب الله عن المشهد السياسي في لبنان."
الخبر المنسوب للسفير السعودي في لبنان والذي نشرته صحيفة البلاد في 18 أغسطس 2020
لقد اعتادت صحيفة البلاد مثل غيرها من الصحف البحرينية والسعودية والإماراتية، نسب أخبار وتصريحات كاذبة في حملاتها المحمومة ضد حزب الله وإيران منذ سنوات طويلة، لكن الأمر كان يقف عند حدود معينة. السعودية أكثر من أي دولة خليجية أخرى لديها مصالح ونفوذ كبيرين في لبنان، وكانت على طول الطريق تحتفظ بشعرة معاوية في تعاملها مع حزب الله وحلفائه، فعلى الرغم من المواقف الحادة التي كان يطلقها المسؤولون السعوديون من الرياض، لم تتحول سفارتها (وبشكل مقصود) إلى منصة هجوم رسمي على حزب الله بسبب طبيعة البلد والعلاقات التي تحكم الفرقاء هناك.
لكن هذه الحساسية والخصوصية لم تراعها صحيفة البلاد على ما يبدو، وهو ما أدى إلى غضب من السفير السعودي الذي أصدر بياناً شديد اللهجة هدد فيه بمقاضاة الصحيفة.
صحيفة البلاد بدورها تفاجأت من ردة الفعل، لم تعلم ما يمكن فعلها في ذلك الوقت، لذلك سارعت إلى وقف نشاط حسابها على تويتر، وقامت بإرسال رسالة موقعة من رئيس التحرير مؤنس المردي، إلى السفير (مرفق)، تزعم فيها إن حسابها تعرض لاختراق من قبل مجهولين، كما نشرت خبراً رسمياً على حسابها في انستغرام بشأن ذلك.
الرسالة التي بعث بها صحيفة البلاد إلى السفير السعودي في لبنان وليد البخاري
وبعد نشرنا بيان السفارة السعودية (مرفق)، سارعت الصحيفة إلى نشر خبر على موقعها الإلكتروني مفاده أن حسابها لا يزال مخترقاً وليس تحت سيطرتها.
لكن لماذا نشكك نحن في إمكانية اختراق حساب الصحيفة على تويتر؟ ولماذا لا نكتفي بتصديق ادعائهم؟
بداية فإن صحيفة البلاد ليست بالوسيلة الإعلامية ذات التأثير على مستوى الإقليم، ولا تعتبر من الأذرع الإعلامية التي تعتمد عليها السعودية والإمارات في محاربتها لمحور إيران، بل لا يمكن اعتبار أي وسيلة إعلامية بحرينية ذات تأثير يذكر.
لدى السعودية والإمارات قنوات فضائية مثل العربية، الحدث، سكاي نيوز عربية وحتى الحرة الممولة أمريكيا، كما تمتلك صحف مثل الشرق الأوسط والحياة ومواقع عربية لوسائل إعلام أجنبية مثل سي إن إن عربية وإندبندنت عربي، فهل يعقل أن يقوم شخص باختراق صحيفة مثل صحيفة البلاد، ويترك كل هذه الجهات الإعلامية المهمة والمؤثرة.
ثانيا: لماذا اكتفى المخترق بنسب خبر يتيم لسفير السعودية، وبعد انكشاف أمره، توقف عن التغريد في الحساب ولم ينشر أي مواد أخرى ويرسل أية رسائل سياسية كما يفعل المخترقون عادة.
صحيفة البلاد كان لديها التساؤلات ذاتها أيضاً، وكانت تواجه تحدياً حقيقياً في محاولة ترويج روايتها عن اختراق الحساب. الحساب الذي توقف فجأة في 18 أغسطس 2020 بعد خبر سفير السعودية في لبنان، عاد مجدداً للتغريد في 9 سبتمبر بأخبار عن فلسطين بعضها مصدره قناة الجزيرة والبعض الآخر من وكالة الأنباء التركية (الأناضول)، وذُيّلت التغريدات بوسوم (هاشتاغات) تبيّن مصدر الاختراق المزعوم مثل وسم (الإمارات أرض اليهود) في محاولة للقول إن مصدر الاختراق الدوحة والإخوان المسلمين.
التغريدات نشرها حساب صحيفة البلاد في 9 يونيو من موقع وكالة الأناضول التركية وموقع الجزيرة الإخباري
بعد نشر عدد من هذه التغريدات، توقف الحساب مرة أخرى، ونشرت الصحيفة على موقعها الرسمي إن الحساب لا يزال مخترقاً، لكنها بعد 4 أيام من الحادثة (13 سبتمبر) أعلنت عن تمكنها من استرداده، أي بعد 27 يوم من حادثة الاختراق المزعومة.
الأمر الأخير الذي دفعنا إلى عدم تصديق رواية صحيفة البلاد التي يبدو أنها لم تنطل حتى على السفير السعودي في لبنان، هو أن حساب الصحيفة، حساب موثّق لدى إدارة تويتر، وحسب مراسلات مع الشركة الأمريكية، تبين لنا إنها تقوم باسترداد الحسابات المخترقة (خصوصاً إذا كانت موثّقة وتابعة لشخصية اعتبارية) خلال أقل من 72 ساعة، وأن كل ما كانت تحتاجه الصحيفة، مراسلة تويتر من البريد الإلكتروني الذي تم توثيق الحساب عبره، وللإسراع في الأمر يفضل أن يكون البريد الإلكتروني مصحوباً برسالة رسمية مختومة من الشركة صاحبة الحساب.
إن ما حصل مع صحيفة البلاد هو درس لباقي الصحف الصفراء في البلاد، نعم تستطيعون أن تمارسوا تحريضكم وكذبكم كما تشتهون، لكن إياكم والتقول على أسيادكم ومموليكم، فإن ذلك يدخلكم في متاهة لن تعرفوا كيف يمكنكم الخروج منها.