الدرس المستفاد من حادثة الرميحي: فساد معايير التعيينات بأمر ملكي
2020-09-07 - 10:27 م
مرآة البحرين (خاص): لن ينصب أحد محاكمة أخلاقية لخميس الرميحي عضو مجلس الشورى المستقيل جبراً. لكن هذه الحادثة تلقي ضوءاً على فساد معايير التعيين التي يتبعها الديوان الملكي، وتضرب في مصداقية وكفاءة التعيينات التي تصدر باسم الملك البحريني من حين لآخر.
بموجب المادة 32 من دستور 2002 المعمول به في البحرين، فإنّ الملك له حق تعيين رئيس مجلس الوزراء وحق إعفائه من منصبه بأمر ملكي، كما يعين الوزراء ويعفيهم من مناصبهم بمرسوم ملكي، وللملك حق تعيين أعضاء مجلس الشورى وإعفائهم بأمر ملكي. كما يرأس الملك المجلس الأعلى للقضاء، ويعيّن القضاة بأوامر ملكية. وفوق هذه النصوص الدستورية فإن أي منصب فوق منصب «مدير»، بدءًا من الوكلاء المساعدين والوكلاء، إضافة لتعيين رؤساء الهيئات المسمّاة هيئات مستقلة يتم تعيينهم بأمر ملكي، ويعيّن الملك رئيس وأمناء المؤسسة الوطنية لحقوق الإنسان، مناصب كثيرة غير مشار لها في الدستور يتم تعيين أسماء فيها بموجب أوامر ملكية.
مر وقت طويل دون أن تتم مناقشة معايير التعيين في المناصب، لتأتي حادثة الرميحي لتثبت أن تلك التعيينات لم تكن سوى دلالة على انعدام كفاءة الاختيار وضيق أفق صاحب القرار ودائرته القريبة، وعدم رغبتهم في التعاون مع أي صاحب كفاءة يُشك ذرّة في انقياده الأعمى لهم، إن حادثة الرميحي تكشف عن جريمة تفضيل الأتباع على أصحاب الكفاءات.
وهكذا يستفيد الوزراء والمسؤولون الكبار من انعدام معايير الكفاءة وتكافؤ الفرص، حيث يقوم أكثرهم باتباع المنهج نفسه في الوزارات والمؤسسات، عبر تعيين أتباعهم، وأفرادا من عوائلهم ومناطقهم وحتى أقاربهم من الدرجة الثانية والثالثة، وهو ما أدى إلى إرساء نظام التوريث العائلي في بنية النظام الوظيفي في بعض الوزارات.
مجلس الشورى الذي خرج منه الرميحي أمس ليدخل إليه صباح الدوسري، هو أحد أكبر مصاديق التعيين بأوامر ملكية لكن على أساس معايير فاسدة. هذا المجلس الذي شكّل ولا يزال إعاقة دائمة للديمقراطية المنشودة في البحرين، صارت كراسيه ومنافعه مطمحاً لكل متمّلق ومتسلّق، وليست هذه القضية المثارة الآن هي القضية الأولى في هذا المجلس، ولكن الستر أولى.
من البديهي القول إنّ من أسباب فشل الدول أن تكون التعيينات مبنية على درجة الولاء للحاكم لا درجة الكفاءة للمهمة، لذلك لا تحارب الدولة الكفاءات فحسب، بل تحارب كل نوع من المحاسبة لأحد أتباعها. في البحرين نظام يقوم على فكرة رفض العدالة ورفض مبدأ تكافؤ الفرص، لذا ليس مستغربا أن يكتشف البحرينيون كل يوم أن الانحدار الذي وصلت له البلاد ليس هو القعر بل لا زال في الأمر بقية.