صفاء الخواجة: عاشوراء البحرين في ظل كورونا... ملامح فاضحة في التمييز الطائفي

معزون وسط سحب من الغازات السامة بعد أن هاجمت قوات الأمن مراسم عاشوراء في النويدرات عام 2017
معزون وسط سحب من الغازات السامة بعد أن هاجمت قوات الأمن مراسم عاشوراء في النويدرات عام 2017

2020-08-19 - 4:04 ص

‏ربما قلة من المتابعين يعرفون حجم التمييز الذي يعاني منه أبناء الطائفة الشيعية في البلاد، خصوصًا في موسم عاشوراء على الرغم من أن دستور مملكة البحرين في المادة 22 قد كفل للمواطنين حرية القيام بشعائر الأديان والمواكب والاجتماعات الدينية طبقا للعادات المرعية.

‏وقد كشفت جائحة كورونا جانبا جديدا من تلك المعاناة بعد أن أوكلت السلطات مهمة التعامل مع الظروف المستجدّة ألى الفريق الوطني لمكافحة كورونا وقد سجل الفريق نتائج ملحوظة، ومع استمرار دعوات التكيف مع الفيروس في العالم سمح الفريق الطبي بالتجمعات في المجمعات التجارية والأندية وبرك السباحة وستطال المقاهي وبقية الأنشطة المجتمعية في المرحلة المقبلة  مع ضرورة الالتزام بالإجراءات الوقائية التي حددها الفريق.

‏هذا السماح لم يجد المواطنون الشيعة له مثيلا في التجمعات في إحياء عاشوراء وهي مناسبة دينية مهمة عند أبناء الطائفة الشيعية في البحرين.

‏ربما يقول قائل: إن أمور المساجد ودور العبادة الأخرى هي من اختصاص المجلس الأعلى للشئون الاسلامية وهي جهة عليا أعضاؤها من الطائفتين الكريمتين في البحرين  إضافة الى الأوقاف الجعفرية لكن قليلا من التدقيق يكشف أن كل الجهات ترجع في تشخيص الموقف الى الفريق الطبي كون الموقف يتصل بوباء وطريقة انتشاره ووسائل الوقاية منه صحيا.

‏عودة إلى نصوص دستور البحرين في مادته الـ 18 سنجد أن المشرّع البحريني اصرّ على أن يتساوى المواطنون أمام القانون في الحقوق والواجبات العامة لا تمييز بينهم.  هذا النص الدستوري لا نجده فاعلا في قيام المواطنين الشيعة بإحياء مناسبة عاشوراء مع حرص القائمين على المآتم والحسينيات بالالتزام التام بالإجراءات الوقائية التي حددها الفريق الوطني. 

‏دوليا مازال سجل البحرين الخاص بالحريات الدينية محل انتقادات سواء من مجلس حقوق الإنسان التابع  للأمم المتحدة أو حتى من تقارير الخارجية الأميركية وبالتحديد التقرير الصادر في العام 2018  حيث أفرد جزءا خاصا بالبحرين مكونا من 19 صفحة أوردت الخارجية الأميركية فيه استعراضا لأوضاع الحريات الدينية في البحرين وتحديدا تلك الخاصة بالمواطنين الشيعة. ومن ذلك احتجاز عدد من الخطباء بسبب محتوى خطبهم خلال ذكرى عاشوراء ناهيك عن إزالة بعض المظاهر العاشورائية من المناطق.

‏بالمقابل هناك اهتمام من قبل السلطات البحرينية بموضوع الحريات الدينية في الأديان والطوائف الأخرى وأوجدت لذلك لجانا وجمعيات وأرسلت وفودا إلى الدول كما استقبلت شخصيات دولية بغية اطلاعها على جهود الدولة في السماح بالحريات الدينية في البحرين. 

‏إن السلطات معنية كثيرا خصوصا في ظل جائحة كورونا بالابتعاد عمّا يفهم منه بأنه تمييز بين المواطنين أو محاولة توظيف الجائحة في أغراض لا علاقة لها بالشأن الطبي وقد تنبئ عن أغراض طائفية وهذا يبعث على القلق عند هؤلاء المواطنين حين يسمح لهم بالتجمع في ارتياد المجمعات التجارية والأندية لكنهم يحرمون من حضور مجالس التعزية في المآتم والحسينيات بحجة انتشار عدوى فيروس كورونا ! 

‏مسموح للمواطن أن يتجمع بآخرين في الأماكن العامة ويقال له عليك أن تتابع عبر البث المباشر في الفضاء الافتراضي مجالس العزاء التي تقام بصورة منفردة في المآتم ! ملامح فاضحة في التمييز التي تشكل خرقا للدستور والتشريعات الأممية التي صادقت عليها حكومة البحرين.   

‏إن الناس سواسية في الكرامة الانسانية وهذا أعظم درس ينبغي على السلطات في البحرين الانتباه له حتى يشعر المواطنون أنهم متساوون بعيدا عن التمييز سواء بسبب الجنس أو الأصل أو اللغة أو الدين أو العقيدة.

*عضو مركز البحرين لحقوق الإنسان