القصة شبه الكاملة: شريفة سوار واللاريكا حكاية لم تصل لذروتها بعد
2020-07-06 - 11:54 م
مرآة البحرين (خاص): لم يعد لدى شريفة سوار (دكتوراه في العلاج النفسي) ما تخفيه سوى القليل، لقد كشفت منبع حبوب اللاريكا التي توزّع كحبوب مخدّرة في البحرين، وكشفت كيف تعاملت السلطات الأمنية والقضائية مع القضية بطريقة غير مسؤولة في الفترات السابقة.
ربما تبقت الورقة الأخيرة في يد سوار، وهي إعلان أسماء الرؤوس الكبيرة المتورطة في ملف المتاجرة بهذه الحبوب وترويجها. وهي الورقة التي لم ترمها سوار من يدها حتى الآن.
أمس الأحد 5 يوليو 2020، رمت سوار قنبلتها الثانية في القضية وذلك بإعلانها عن حيازتها أدلّة مؤكدة تثبت أن تأتي من مخازن وزارة الصحة مباشرة. وسألت سوار النيابة العامة ووزير الداخلية: أين هي اللجنة التي أمر رئيس الوزراء بتشكيلها للتحقيق في قضية الحبوب المخدّرة؟
وتوقعت سوار أن يتم استدعاؤها للتحقيق، لكنها طلبت بشكل علنيّ من وزير الداخلية راشد بن عبد الله آل خليفة، أن يكون حاضراً عند التحقيق معها، لكي تُرِيَهُ بنفسها الأدلّة التي لديها.
التفاصيل الكاملة
تلخص مرآة البحرين في هذا التقرير، تفاصيل هذه القضية، متى بدأت وماذا حدث في تطوراتها، ماذا كات المآلات حتى اللحظة.
بدأت القصة في النصف الثاني من شهر مارس 2019، عندما فجّرت شريفة سوار قضية من العيار الثقيل، بكشفها عن شبكات لترويج الحبوب المخدرة في مدرسة مدينة حمد الإعدادية للبنات.
أصيب المجتمع البحريني بالصدمة من المعلومات التي كشفتها شريفة عبر حوار مباشر بثته عبر حسابها على الانستغرام، مع طالبة تم فصلها من المدرسة بتهمة ترويج عقار لاريكا المخدّر. كشفت الطالبة رقية أنها وقعت ضحية عصابة كبيرة لترويج المخدرات، هددها أحدهم بالمسدس إذا لم تتعاون مع الفريق الذي سيقوم بترويج الحبوب داخل المدرسة. وكشفت عن عصابات تمارس أعمال مخلة بالآداب داخل المدرسة. وقالت سوار أن بين الذين يقفون وراء تلك العصابة أشخاص نافذون، فيما تواترت المعلومات أن أحد أفراد عائلة آل خليفة وضابط في وزارة الداخلية بين المتورطين.
تداول الفيديو على نطاق واسع جدا في وسائل التواصل الاجتماعي، وأثار ضجّة كبيرة في الوسط الشعبي، تحوّلت إلى قضيّة رأي عام مزلزلة ومدوية في البحرين.
اكتفت وزارة التربية والتعليم بإجراءات خجولة، بينها توقيف طالبتين (ورد ذكر اسمهما في الفيديو) عن الدراسة لمدة عام كامل. فيما استدعت التحقيقات الجنائية الدكتورة سوار وحققت معها بشأن المعلومات التي جاءت في حوارها المباشر مع الطفلة رقية. وقالت الداخلية إن الإدارة العامة لمكافحة الفساد والأمن الاقتصادي والالكتروني استدعت كافة الأطراف المعنية بالقضية، مشيرة إلى أنها لم تتلق بلاغا مسبقا من وزارة التربية والتعليم بشأن القضية.
وبينت «على أنه ليس هناك أحد فوق القانون والذي يطبق على الجميع دون استثناء». وفي الوقت الذي تعهدت فيه باطلاع الرأي العام على تطورات القضية، دعت إلى عدم تداول أي معلومات مغلوطة تتضمن تشهيرًا بأي من الأطراف.
امتدّت ارتدادات الفيديو إلى جلسة مجلس الوزراء المنعقدة يوم الإثنين 25 مارس/آذار 2019، الذي حاول امتصاص غضب الرأي العام، أمر رئيس الوزراء خليفة بن سلمان بتشكيل لجنة تحقيق حكومية رفيعة في القضية، برئاسة نائبه محمد بن مبارك آل خليفة.
وزعمت النيابة العامة أنّها ستتخذ من خلال تحقيقاتها كافة ما خولها القانون من إجراءات من أجل كشف حقيقة الواقعة وأبعادها والمتورطين فيما تثيره من جرائم، وستعلن تباعاً عما تتوصل إليه.
لم يُكشف عن اسم متورط واحد في القضية من خلال التحقيقات المزعومة. المفاجأة أنه بعد أكثر من أسبوعين، وبعد أن هدأت الزوبعة، قُلبت القضية ضد شريفة سوار.
ففي 11 إبريل وجهت النيابة العامة لسوار تهمة القذف علناً في حق الشاكين ونشر أخبار كاذبة وإساءة استعمال وسائل الاتصال. وقالت النيابة أن عقار (اللاريكا) «ليس من بين أصناف المواد المخدرة المجرم حيازتها وإحرازها، وإنما هو دواء ممنوع صرفه إلا بوصفة طبية، ولم يتم ضبط ذلك الدواء مع أي من الطالبات في أي وقت».
وقالت أن سوار التي «قامت ببث المقطع المصور والحوارات المصاحبة له مباشرة عبر حسابها الشخصي كان تصرفاً منافياً لما تفرضه عليها طبيعة وتقاليد وقيم مهنتها كطبيبة نفسية. وقد أدى خرقها لهذه المبادئ والأصول إلى تورطها، وأقام المسئولية الجنائية في حقها وفي حق المتهمين الآخرين الذين شاركوا في نشر ذلك المقطع».
فيما أعلن مجلس الوزراء بدوره في 23 إبريل إنه اطلع على نتائج التحقيق في واقعة مدرسة مدينة حمد الإعدادية للبنات وخلص أن "الواقعة فردية ولا توجد ظاهرة لتعاطي المخدرات أو شبكة لترويجها في المدرسة المذكورة كما صورها الفيديو الذي تم بثه بشأن الواقعة"، واتهم الفيديو الذي نشرته سوار بأنه يندرج تحت القذف والتشهير والإثارة وهي منظورة قضائيا".
وهكذا تم تبرئة اللاريكا ومن يوزعها ومن يقوم ببيعها ومن يروجها داخل المدرسة، أغلق الملف، ليفتح ملف اتهام شريفة سوار بتهمة القذف ونشر أخبار كاذبة وإساءة استعمال وسائل الاتصال. بدأت أولى جلسات محاكمة شريفة في 23 سبتمبر.
قبل أسبوعين من النطق بالحكم على شريفة، تعرضت إلى حادث سيارة غريب أدى إلى إصابتها بكسر في اليد والرّجل. وقع بمنطقة سلماباد عندما اصطدمت سيارة "رانج روفر" بمقدّمة سيارتها لحظة وجودها داخلها وبينما كانت متوقفة، أصيبت بكسر في اليد والرجل. جاء ذلك قبل أقل من أسبوعين من جلسة النطق بالحكم في حقها.
وفي 15 نوفمبر قضت المحكمة الصغرى الجنائية بحبس سوار سنة وتغريمها 200 دينار، وكفالة 500 دينار لوقف تنفيذ الحكم لحين الاستئناف، وذلك بتهمة القذف ونشر أخبار كاذبة وإساءة استعمال وسائل الاتصال. تقدّمت شريفة بطلب الاستئناف.
بعد أيام من صدور الحكم، نشرت صحيفة الأيام خبراً مفاده «أن النيابة العامة ستقوم باستدعاء طبيبة نفسية للتحقيق معها بشأن واقعة تستر على جريمة اغتصاب حدثت لفتاة». حينها نفت شريفة لمتابعيها أن تكون هي المقصودة بعد أن وردتها استفساراتهم، لكنها تفاجأت بعد أيام في 24 نوفمبر، أنها المعنية بعد أن تم استدعاؤها للتحقيق بالفعل للمثول أمام النيابة العامة، وليتم فتح ملف جديد لها فضلاً عن السابق.
الآن، تنتظر حكم محكمة الاستئناف التي بدأت أولى جلساتها في 19 ديسمبر، وقد تم التأجيل إلى 7 يناير لاستدعاء شهود الإثبات. ترى ماذا ينتظر شريفة في 2020؟