مريم الزيرة: إنه أمر صعب أن تكون بحرانياً
2020-06-26 - 1:50 ص
مرآة البحرين (خاص): لم يكن الفيديو الذي بثته الشابة مريم الزيرة عبر حسابها على يوتيوب مستغرباً، لم ترد في المقطع الذي استمر لثمان دقائق ونصف أية معلومة جديدة لا يعرفها البحرينيون من الطائفتين، لكن الجديد في الأمر أن الكلام صار علنياً لا في الغرف المغلقة، وبصراحة دون مواربة أو محاولة لتجميل الواقع القبيح.
أكثر ما يؤلم في الأمر أنه صادر عن شابة في مقتبل عمرها، كيف أثّر التمييز الممارس ضدها وضد طائفتها على حياتها مذ كانت طفلة، كيف حاولت إخفاء لهجتها البحرانية كي لا تتعرض للسخرية والازدراء، وكان ذلك سببا في ابتعادها عن لغتها الأم وحديثها بشكل دائم باللغة الإنجليزية.
كيف نشرح للعالم أن غالبية سكان البحرين والذين يمثلون السكّان الأصليين لهذه الجزيرة، هم اليوم يتم التمييز ضدهم ويتعرضون لأبشع أنواع الاضطهاد. لا يتم توظيفهم في أجهزة الدولة، وإن حصل فإنهم لن يحصلوا على الترقيات ولن يتبوأوا مناصب عليا في الدولة، بل أكثر من ذلك، فإن التمييز ضدهم انتقل للقطاع الخاص، الذي قام باستبعادهم عن المناصب في الشركات الكبرى دون اكتراث لأهليتهم وكفاءتهم.
تقول لنا مريم - ما كنا نعلمه لكن لا نتجنب الحديث عنه - إنها عند ذهابها لمقابلة وظيفية تتعرض لسؤال عن مذهبها هل هي سنية أم شيعية. تضيف أيضاً إنها في بعض المقابلات ترى ملامح من يقابلونها كيف تتغير عندما تبدأ الحديث باللغة العربية وبلهجتها البحرانية الصريحة، وكيف ينظر لها البعض بدونية.
كانت مريم الزيرة محظوظة، إذ تلقت تعليمها في مدرسة خاصة، معظم مرتاديها من البحارنة، واللهجة البحرانية فيها دارجة، لكن معظم البحارنة لا يمتلكون نفقات الدراسة في مدارس خاصة، هم يتلقون تعليمهم في المدارس الحكومية، التي تكون (خصوصاً في مرحلتها الثانوية) مختلطة، حيث يتعرض فيها البحارنة للتنمّر ويتم السخرية من لهجتهم، وينظر لهم بدونية من قبل زملائهم.
تشعر الزيرة بالأسى لأنها تتلقى الإشادات من الحاضرين حين تتحدث باللغة الإنجليزية، على عكس ما يحصل حين تقرر الحديث باللغة العربية، لذلك فإنها في مرحلة الطفولة كانت تدرّب نفسها قبل النوم للحديث بلهجة مختلفة، لا تستخدم فيها كلمة "أني" بل "آنه".
تدرك مريم أن اللهجة البحرانية تم تسييسها من قبل السلطة، "أعلم إن حديثي باللهجة البحرانية له عواقب بسبب التسييس"، لكنها فخورة بلهجتها البحرانية وتصر عليها، وترفض فكرة أن "البحراني لا يمكنه النجاح في عمله أو تبوء مناصب عليا، لأننا نستطيع ذلك، نحن أذكياء وأشخاص رائعون جداً".
تواصل حديثها بصراحة "لدينا (البحارنة) الثقافة واللهجة والتاريخ المثير للاهتمام، والكثير من الأمور، لكن لا أحد يأتي على ذكر ذلك. لا يتم تدريسنا هذه الأمور (في المناهج الدراسية)، كما لا أستطيع سماع لهجتي البحرانية في التلفزيون الرسمي"، وهنا تتذكر مقابلتها مع تلفزيون البحرين، وكيف أنها شعرت بالارتياح عندما علمت أن المقابلة باللغة الإنجليزية لأن لغتها العربية ضعيفة جداً، لكنها كانت حزينة في نفس الوقت لأنها كانت تود أن يستمع الناس إلى اللهجة البحرانية على شاشة التلفزيون الحكومي.
تفتخر ابنة الزيرة ببحرانيتها ولا تخجل منها اليوم، هي وضعت لنفسها أهدافاً تريد تحقيقها، وستبقى بحرانية تتحدث باللهجة البحرانية حين تحقق تلك الأهداف، أما الفيديو الممتد لثمان دقائق ونصف فتلخصه بعبارة واحدة "إنه أمر صعب أن تكون بحرانياً".
لقد شاهد الكثير منا هذا المقطع لأكثر من مرة، في كل مرة كنا نعيد مشاهدته، كنا نشعر بالألم الذي يتناقله البحارنة جيلاً بعد جيل بسبب التمييز والاضطهاد والعنصرية، لكننا ندرك أنه على الرغم من تلك الأفعال القبيحة الممارسة ضدهم إلا أن البحارنة سيبقون أبناء هذه الأرض، ولن يستطيع أحد إلغاءهم، طالما كان لديهم أبناء وبنات مثل مريم.