كيف انتقلت السلطة من محاربة الشيعة سياسياً إلى استهدافهم دينياً؟
2020-02-19 - 10:30 م
مرآة البحرين (خاص): لا يبدو أن السلطات في البحرين باتت تكترث ولو قليلاً للانتقادات التي توجه لها على خلفية محاربتها للطائفة الشيعية التي تشكل غالبية المواطنين في البلاد، بل على النقيض تماماً تجوب شخصيات حكومية بمنتهى الوقاحة عواصم العالم للحديث عن التسامح الديني والسماح لكل ديانات العالم بحرية المعتقد على أرض البحرين ما عدا الشيعة.
لاحقت السلطات الأمنية في الشهر الماضي (يناير 2020) 9 رجال دين شيعة على الأقل، فقد اعتقلت الملا عبدالزهراء السماهيجي، الشيخ محمد الرياش، الملا قاسم زين الدين، الشيخ عبدالمحسن الجمري والشيخ علي رحمة، كما استدعت للتحقيق الشيخ علي بن أحمد الجدحفصي، الشيخ عيسى المؤمن، الشيخ حمزة الديري والشيخ جاسم الحداد.
تم التحقيق مع هؤلاء بسبب إلقائهم محاضرات دينية أو بسبب ذكرهم لبعض الآيات القرآنية، سئل بعضهم عن قصده من ذكر هذه الآية أو تلك، فيما حقق مع آخرين منهم بسبب ترحمهم على الشهداء والدعاء بعودة المبعدين والمغتربين، لقد تم التحقيق مع أحدهم عن قصده من الدعاء في نهاية حديثه بـ «اللهم رد كل غائب إلى أهله ووطنه سالما»، فيما استدعي آخر دون وجود أي سبب واضح للاستدعاء، حيث سأله المحقق "ما الذي قلته في خطبة الجمعة الماضية".
وعلى الرغم من أن التحقيق معهم في معظم الأوقات يكون لفترة وجيزة، لكن السلطات تتعمد احتجازهم لأطول مدة ممكنة، إذ تصل فترة الانتظار لحين ابتداء التحقيق في بعض الحالات حوالي 3 ساعات وفق ما قال أحد رجال الدين.
منذ العام 2011 وضعت السلطات مخططاً مدروساً لاستهداف الطائفة الشيعية، بدأ بالشق السياسي وانتهى بالشق الديني، حيث قامت في الأعوام الماضية بحل الجمعيتين السياسيتين الوحيدتين للطائفة الشيعية، جمعية الوفاق الوطني الإسلامية (كبرى الجمعيات السياسية المعارضة) وجمعية العمل الإسلامي أمل، كما أجهزت على جمعية التوعية الإسلامية (أكبر جمعية دينية للطائفة الشيعية) وجمعية الرسالة الإسلامية، بالإضافة إلى حل أكبر هيئة دينية شيعية في البحرين (المجلس العلمائي).
وزجت السلطات بأبرز القيادات الشيعية المعارضة في السجن، كما استهدفت الزعيم الروحي للطائفة آية الله الشيخ عيسى قاسم بإسقاط جنسيته ومنعه من العلاج لأشهر، وسمحت له لاحقا بتلقي العلاج خارج البلاد بعد تدهور وضعه الصحي وبلوغه مرحلة خطيرة جداً.
كان يمكن للسلطات أن تتوقف عن استهداف الطائفة الشيعية بعد أن أجهزت على مؤسساتها وأبعدت رموزها المؤثرين عن الساحة، لكنها بدأت مرحلة جديدة من الملاحقة صارت تتعلق بالممارسات الدينية الصرفة، لتتحول من محاربتهم سياسياً إلى استهدافهم بسبب ممارساتهم الدينية.
لقد شهدت البحرين حرباً علنية ضد مظاهر عاشوراء (تركيب السواد واللافتات العاشورائية)، وصولاً إلى تعيين شخص مستفز للطائفة الشيعية على رأس مؤسسة الأوقاف الجعفرية، وتزامن ذلك مع حملات نظمتها الداخلية ضد مواكب اللطم والمآتم، حتى وصل الحال بأجهزة الدولة الأمنية على متابعة ما يرد في خطب ومحاضرات رجال الدين في المناسبات الدينية، بل تطورت الأمور إلى ملاحقة كل من يذكر يزيد بن معاوية في سياق استنكاري ليتم توجيه تهمة "إهانة رمز موضع تمجيد لدى أهل ملة" لعدد من الخطباء على إثر ذلك.
لا أحد يعلم إلى أي مدى وإلى متى ستواصل السلطات مضايقاتها للطائفة الشيعية لكن الأكيد إنها لن تستطيع القضاء على الوجود الشيعي في البلاد.