بهامش تريليون دولار.. الحيرة تنهش المستثمرين حيال تقييم أرامكو

2019-11-05 - 12:22 م

مرآة البحرين (رويترز): مازال الإدراج الضخم لشركة أرامكو السعودية يكتنفه الغموض يوم الاثنين، بعد يوم من إعلان الشركة أخيرا عن خططها، حيث لم تفصح إلا عن تفاصيل ضئيلة للغاية في حين تتباين تقييمات الخبراء بشدة من حوالي 1.2 إلى 2.3 تريليون دولار.

وأطلقت أرامكو، الشركة الأعلى ربحية في العالم، الطلقة الأولى في طرح عام أولي محلي يوم الأحد، بعد مسلسل بدايات كاذبة أثارت حيرة عالم الاستثمار.

لكن المستثمرين المحتملين، القلقين بالفعل من الهجوم على منشأتين لأرامكو في سبتمبر أيلول، لم يحصلوا على تفاصيل رئيسية عادة ما تكون متضمنة في مثل "إفصاحات نية الطرح" هذه - مثل حجم الحصة التي ستبيعها الشركة وتوقيت البيع.

ويعكف مديرو الصناديق على أبحاث البنوك بشأن الشركة المعروفة بالسرية، لكنهم لم يتلقوا إلا أقل القليل حتى من محللي البنوك الكبرى في وول ستريت التي تضطلع بأدوار في طرح أرامكو ببورصة الرياض، حسبما قالته خمسة مصادر لرويترز.

وقال ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان إنه يريد تقييم أرامكو بتريليوني دولار، حيث يسعى لجمع مليارات الدولارات من الطرح الأولي للشركة لتنويع موارد اقتصاد المملكة وتقليص اعتماده على النفط من خلال الاستثمار في قطاعات غير الطاقة.

ويقترب هذا الرقم من مثلي قيمة مايكروسوفت، الشركة الأعلى قيمة بين الشركات المدرجة حاليا على مستوى العالم، وسبعة أمثال قيمة إكسون موبيل، الأعلى قيمة بين شركات النفط العالمية الكبرى المدرجة.

واجتمع محللو البنوك التي تعمل على الصفقة مع إدارة أرامكو في الظهران على مدار الشهر المنقضي للحصول على مزيد من المعلومات عن الشركة، لكن تقييماتهم لأرامكو مازالت متفاوتة بنحو تريليون دولار.

وقال مديرا صندوقين اطلعا على التقارير البحثية إن بنك أوف أمريكا ميريل لينش يقدر التقييم المحتمل لأرامكو بين 1.2 و2.3 تريليون دولار، بينما يدور تقييم المجموعة المالية هيرميس بين 1.55 و2.1 تريليون دولار.

وقال مصدران منفصلان إن جولدمان ساكس، وهو أحد البنوك المنسقة للطرح الأولي، قدر قيمة أرامكو بين 1.6 و2.3 تريليون دولار، بينما تعطي أبحاث كريدي سويس نطاقا واسعا مماثلا.

وقال مصدر مطلع على الصفقة إن هناك عاملا رئيسيا وراء هذا التفاوت الواسع للتقييمات يتمثل في الاختلاف بين المحللين بخصوص اتجاه أسعار النفط في المستقبل.

ولم يتسن حتى الآن الحصول على تعليق من البنوك.

وقالت مصادر لرويترز إن أرامكو قد تطرح ما بين واحد واثنين بالمئة من أسهمها، لتجمع ما بين 20 و40 مليار دولار. وستتفوق صفقة بأكثر من 25 مليار دولار على الرقم القياسي الذي حققته شركة علي بابا الصينية العملاقة للتجارة الإلكترونية في 2014.

وقال ياسر الرميان رئيس مجلس إدارة أرامكو إن قرارا بشأن الإدراج الدولي للشركة سيُتخذ في المستقبل، لكنه لم يحدد إطارا زمنيا أو مكانا.

جولات ترويجية ومخاطر

قدر اثنان من المصرفين العاملين على العملية أن نحو 80 بالمئة من سهم الطرح ستباع إلى مستثمرين محليين من الأفراد والمؤسسات، بينما ستٌباع نحو 20 بالمئة إلى مستثمرين دوليين.

ومن المتوقع أن يساهم تكوين قاعدة كبيرة من المستثمرين المحليين في تيسير الحصول على تقييم أعلى للشركة. وقالت ثلاثة مصادر مطلعة لرويترز إن لجنة حكومية عملت على ضمان نيل تعهدات بالشراء من سعوديين أثرياء، بينما سَيُمنح المستثمرون الأفراد قروضا منخفضة التكلفة.

وأمدت أرامكو المستثمرين بمزيد من المعلومات المالية يومي الأحد والاثنين، بما في ذلك تفاصيل النتائج المالية لتسعة أشهر، التي أظهرت هبوط صافي ربح الشركة إلى 68.2 مليار دولار في نهاية سبتمبر أيلول، من 83.1 مليار دولار قبل عام.

ولم تذكر الشركة سببا لتراجع الأرباح، لكن هذا الانخفاض يرجع على الأرجح لهبوط أسعار النفط مقارنة مع 2018.

وفي 2016، حينما سجلت أسعار النفط أدنى مستوياتها في 13 عاما، بلغ صافي ربح أرامكو 13 مليار دولار فقط، بحسب نشرة إصدار سندات للشركة هذا العام، مقارنة مع 111 مليار دولار في 2018.

وبلغ صافي ربح أرامكو في الربع الثالث من 2019 نحو 21.1 مليار دولار، وفقا لحسابات رويترز، بينما حققت إكسون موبيل ربحا أعلى قليلا فحسب من ثلاثة مليارات دولار في الفترة نفسها.

وقالت أرامكو إن هجوم 14 سبتمبر أيلول، الذي استهدف قلب صناعة النفط في المملكة وتسبب بادئ الأمر في توقف نصف إنتاجها من الخام، لن يكون له أثر جوهري على أنشطتها أو عملياتها أو مركزها المالي.

ورغم ذلك، أظهر الهجوم المخاطر السياسية المحتملة المرتبطة بالشركة المملوكة للدولة. واتهمت السعودية غريمتها الإقليمية إيران بأنها تقف وراء الهجوم، وهو ما تنفيه طهران.

وقال مصدر مطلع إن الجولة الترويجية لأرامكو، حيث يتحدث محللون من البنوك التي تعمل على الطرح الأولي إلى المستثمرين، بدأت في الشرق الأوسط يوم الأحد وتستمر لمدة أسبوعين، مضيفا أن 26 أو 27 محللا سيشاركون في أنحاء شتى من العالم في أوقات متنوعة.

وتابع المصدر أن الجولات الترويجية ستتضمن مشاركة الإدارة العليا للشركة بعد اجتماعات المحللين والمستثمرين، مضيفا أن التسعير سيعلن على الأرجح في 28 نوفمبر تشرين الثاني.

وقال مصدر آخر مطلع إن من بين الأماكن الأخرى التي ستشهد جولات ترويجية اليابان والصين، إضافة إلى الأماكن المعتادة مثل لندن ونيويورك وبوسطن وهونج كونج وسنغافورة.

مدير أصول متردد

لم تقرر ليجال آند جنرال، وهي من أكبر الشركات البريطانية لإدارة الأصول، بعد ما إذا كانت ستستثمر في أرامكو، حسبما أبلغت رئيستها التنفيذية سونيا لود قمة رويترز لآفاق الاستثمار العالمي يوم الاثنين، حيث قالت إن هناك قلقا إزاء الحوكمة.

وقالت مصادر في وقت سابق إن العلاقة الوثيقة بين ولي العهد ورئيس مجلس الإدارة الجديد الرميان، الذي يرأس أيضا صندوق الاستثمارات العامة السيادي، تشكل مبعث قلق بشأن الحوكمة لبعض المستثمرين.

وقدر محللون في برنشتاين للأبحاث "نطاق تقييم عادلا" لأرامكو السعودية بين 1.2 و1.5 تريليون دولار.

وينطوي بحث هيرميس على تقدير لنسبة القيمة المؤسسية في 2020 إلى الأرباح قبل الفوائد والضرائب والإهلاكات واستهلاك الدين عند 6.9 إلى 9.4 مرة، ومضاعف ربحية بين 14.5 و19.5 مرة وعائد توزيعات أرباح بين 3.9 و5.3 بالمئة.

وهناك محللون آخرون كانوا أكثر تحفظا.

وقال أنيش كاباديا، رئيس باليسي أدفيزورز لاستشارات النفط والتعدين في لندن، إن القيمة الأقرب للمنطق تحوم حول تريليون دولار.

وتابع "نعتقد أن تقييما طموحا عند تريليوني دولار هو مبالغ فيه للغاية من حيث العوامل الأساسية".