الحساب الختامي الموحد للدولة: الحساب يوم الحساب
2019-10-30 - 9:34 ص
مرآة البحرين (خاص): هي واحدة من طرق التلاعب بالمال العام التي تجيدها الحكومة. ملايين يتم مناقشتها واعتمادها كموازنات للوزارات لكن في نهاية العام المحاسبي يتم تدويرها حتى «يدور رأسك» وأنت تبحث عنها، هل تمت سرقتها أم ماذا؟
اعتمدت الحكومة الحساب الختامي الموحد للدولة للعام 2018، بكل ما فيه، وأحالته إلى مجلس النواب البحريني. ويتعيّن على المجلس وفقا للإجراءات المتبعة دراسة الحساب وإبداء الملاحظات عليه.
الحساب الذي يتضمن الأرقام الفعلية للسنة المنتهية للدولة ويعتبر تقريرا محاسبيا لتنفيذ الميزانية، يمكن له أن يكون مادة لمحاسبة الحكومة إذا ما كان هناك برلمان حقيقي يرغب في وضع حد للفساد والهدر الماليين.
ويمكن لقراءة سريعة لقوائم الحساب الختامي الموحد أن تعطيك انطباعا لعمليات الهدر المالي التي تتبعها الحكومة كل عام، مع غياب المحاسبة والرقابة على أدائها من قبل سلطة تشريعية مستقلة.
وتحت حساب مصروفات المشاريع مثلا، ستجد أن غالبية وزارات الدولة لم تقم بتنفيذ مشروعاتها بالكامل، فيما لم تتجاوز نسبة الإنجاز لدى بعض الوزارات والجهات الحكومية 21% من ميزانية المشروعات.
ولمزيد من التوضيح، رصدت الميزانية العامة للدولة 7 ملايين دينار لمشروعات وزارة التربية والتعليم، غير أن الحساب الختامي يظهر أن الوزارة نفّذت مشروعات بقيمة 3 ملايين و100 ألف دينار أي أن الفارق قرابة 4 ملايين دينار.
لقد بلغت نسبة الإنجاز في وزارة التربية 45%، بينما لم تتجاوز نسبة الإنجاز في الحرس الوطني 21% فقط. لقد ترك الحرس الوطني مليونين و350 ألف دينار من ميزانية مشروعاته البالغة 3 ملايين دينار دون تنفيذ!
وهذه ليست المرة الأولى التي لا تنفّذ فيها وزارة التربية أو الحرس الوطني أو غيرها من الجهات الحكومية مشاريعها. فقد اعتادت الحكومة على رصد موازنات للوزارات، لكن الحسابات الختامية تظهر عدم تنفيذها.
فكان بإمكان وزارة التربية أن تنجز الكثير من الاحتياجات التعليمية في مناطق مختلفة من البحرين لو أنها تقوم سنويا بتنفيذ المشروعات التي يتم رصدها في الميزانية... لكن لماذا لا تقوم بذلك؟
وفقا للدستور فإن الحكومة تحيل مشروع الميزانية على مجلسي الشورى والنواب للموافقة عليه. ووفقا للإجراءات فإن المجلسين يشاركان في تخصيص الموازنات. لكن، ما يتم فعليا مع نهاية السنة خلافا لما يتم إقراره.
تقوم الحكومة برصد مشروعات لوزارات لكنها لا تقم بتنفيذها. وبناء على ذلك، يقوم وزير المالية بإعادة تدوير تلك الأرقام لجهات أخرى دون الرجوع للسلطة التشريعية أو تحويلها لميزانية العام التالي، وهذا ما يتم على الورق فقط أحيانا كثيرة.
في الحساب الموحد للعام 2018، تظهر الأرقام أن الوزارات والجهات الحكومية لم تنفذ ما قيمته 67 مليون و700 ألف دينار من موازنة المشروعات. ويظهر الحساب أن وزير المالية قام بتدوير 45 مليون دينار فقط لصالح مشروعات في العام 2019، لكن الحساب لا يشير إلى أين ذهبت 22 مليون و700 ألف دينار.
لا توجد شفافية على الإطلاق فيما يتعلق بتنفيذ موازنة المشروعات أو إدارة الأموال الناجمة عن زيادة الإيرادات العامة للدولة نتيجة ارتفاع النفط مثلا أو زيادة الرسوم والضرائب المحصلة من المواطنين.
فإيرادات الدولة وفقا للحساب الختامي الموحد زادت بأكثر من 400 مليون دينار عن المبلغ المعتمد في الميزانية، لكن لا أحد يقدم تفصيلا عن أوجه صرف هذا المبلغ، هل ذهب للمصروفات التشغيلية أم لخدمة الدين العام أم لخدمة أحدٍ ما هنا أو هناك؟