علي الديري: إلى أم الشهيد أحمد الملالي: كل شيء فيك كان ناطقًا بالفخر..
علي الديري - 2019-07-28 - 6:49 ص
أسأل عنك، أبحث عن من يدلني عليك، أريد أن أعرف ما وراء هذا المشهد الرهيب، أريد أن أعرف هذه الروح التي رأيتها مُشعة في وقفتك الشامخة وسط جنازة بكورتك وقرة عينك وشهيدك البطل. حدثوني عن "يدك الممدودة دومًا بالخير" فتأملت في يدك وهي تُلقي بخير الورد والمشموم، وكأنها تقول: ها هي يدي تمد لكم هذه المرة خير ما أملك وأعز ما أملك، فلذة كبدي أحمد، ليكون فداء خير لوطن مُبتلى بشر مُستطير، لا تظنوا أني أوثر عليكم شيئًا في يدي، فأنا من مدرسة "خذ حتى ترضى".
ليلنا كان معك طويلًا، ونهاراتنا صارت طويلة، لا نكاد نهجع، القلق يساور قلوبنا الهشة، يترقبنا الهلع على قلبك المفجوع، نتخيل اللحظات الأولى لعيونك، وهي تتلقى فاجعة الموت مع سبق الحقد والضغينة من الذين لا يُسَمَّون.
مهيب مشهد الورد يتناثر بين يديك على مشيعي وردتك، أي سلام تنثرين على ممشى طريقهم المكلل بالأذى والشوك.
لم أستطع أن أحافظ على تماسك جَلَدَي، غرقت في موجة بكاء حارقة، وأنا أسمعك ترددين بثبات "عليك بألف عافية.. أفتخر بك يا أحمد". كل شيء فيك كان ناطقًا بالفخر: عيونك التي كان بصرها حديدًا، وردك الذي كان منظره بهيجًا، يدك التي كان عطاؤها مديدًا، قامتك التي كان عزها شامخًا.
فجيعًا كان صوت النعي "يمه ذكريني من تمر زفة شباب". صرنا نذكر أمهات الشباب من تمر زفة شباب، نذكرك يا أحمد الملالي، ونذكر أم الشهيد علي العرب، وأم الشهيد علي مشيمع، أم الشهيد علي المؤمن، أم الشهيد علي فيصل، أم الشهيد سامي مشيمع، أم الشهيد عباس السميع، أم الشهيد علي السنكيس، أم الشهيد مصطفى حمدان...