قيس علي: درس المواطنة في البحرين، وسوءة «ناس»
قيس علي - 2019-07-08 - 7:25 ص
يتهم النظام في البحرين، ومن ورائه طبالته أن المعارضة ذات الأكثرية الشيعية موالية لإيران، وأن احتجاجها الدائم وصوتها المرتفع هو خدمة لأجندة خارجية وليس لمصالح وطنية، كنتيجة يجد الشيعة أنفسهم مطالبين بسبب أو دون سبب إثبات ولائهم لوطنهم، والوطنية عند النظام وفرقته الغنائية ليست أكثر من تقبيل يد الحاكم وعائلته، والإنبطاح الكامل لهم وأجهزتهم التي ينخر فيها الفساد.
النكتة أن هؤلاء الذين يزعمون أنهم يمحصون في ولاءات الناس وماهيتها هم أول من يفشلون في درس المواطنة، لا ننسى أنهم من سلموا الوطن للسعوديين كي يسحقوا بدباباتهم أجساد البحرينيين، وهم من جعلوها ذنباً لا سيادة له حتى على ذيله للإرادة السعودية - الإماراتية حتى صارت توصم بـ "مملكة الريتويت" وهم الذين يفضلون الأجنبي على ابن البلد في الوظائف والامتيازات وهم الذين سمحوا لمستشار سمير ناس - المصري - أن يهين علناً، أمام الشهود الأعيان وأمام عدسات الكاميرا الطائفة الشيعية بكاملها. حيث أعاب بها تاجر من التجار، وكأنه بتذكيره لهذا الرجل أنه ينتمي لها، ويهينه وينسبه لما هو مذل في حين أنها مذهب وفخر لمن استوطن هذه الأرض منذ فجر التاريخ.
فبعد أن دافع رئيس غرفة التجارة سمير ناس بكل صفاقة عن مستشاره المصري معتبرا أن سميح ابراهيم بن رجب هو "من تعمّد افتعال المشكلة"، و"حاول فرض برنامجه وأجندته على الغرفة" أتت جناب المحكمة لتبرئته وتخرجه من ورطته كما تخرج الشعرة من العجين.
تقول المحكمة أنه بريئ من إهانة الشيعة، فماذا كان يفعل المستشار قليل الأدب إذاً؟ يغازل بن رجب؟ يدعوه إلى وجبة كوارع وممبار؟ يحاول أن يبيعه الهرم وأبو الهول؟ جميعنا شاهدنا الفيديو، وشاهدنا القانوني صاحب اللسان الطويل يسب ويشتم وتخرج من فمه رائحة كما رائحة الفسيخ وأنتن. أمام هذا الفيديو، وهو دليل واضح كوضوح الشمس في رابعة النهار ألا يحق لنا أن نسأل على ماذا استندت هذه المحاكمة الأكثر تفاهة من هذا الولد الملسون، المتطاول على من ينتمون لهذا البلد أباً عن جد عن جد جد لكي تبرئه عوضاً من أن تدينه وتغرمه وتطرده منها هو ومن يدافع عنه شر طردة؟ وألا يحق لنا أن نسأل هل وقفت هذه المحكمة في صف البحرين والبحرينيين وحقهم، أم في صف مصريٍ متطاول معتوه؟
ثم لماذا يوظف (ناس) صاحب جامعة العلوم التطبيقية التي - بالمناسبة - تدرس الحقوق مستشاراً مصرياً أصلا، أليست مجموعة شركاته مجموعة بحرينية، وجامعته جامعة بحرينية؟ لماذا يذهب إلى أقاصي الأرض لكي يستجلب دخيلاً يغدق عليه بالمال ثم يواري سوءته؟ هل هذه هي المواطنة؟
البحرينيون اليوم، وعلى رأسهم الشيعة هم من يتشبثون بهذه الأرض كما النخلة التي تمد جذورها فيها، رغم ضيم الحكومة، وضنك الحال، وتطاول من لا أصل له، هم الوطنيون وليسوا مطالبين بإثبات شيء لأحد، على عكس التجار الذين يأتمنون الأجانب على تجارتهم، ويصدرون أموالهم إلى عقارات وحسابات مصرفية في الخارج، ونظام قليل مروة يستبدل شعبه بمرتزقة، ويتهاون في الدفاع عنهم أمام هذا المصري وأشكاله، ويتنازل عن سيادته لصالح قوى إقليمية ودولية على قلة الفايدة.
*كاتب بحريني مهتم بالشأن العام، مقيم في نيوزيلندا