التعليق السياسي: "كريغ فوستر" الرجل الذي هزم دبلوماسية دولة التعذيب في الخليج
2019-02-13 - 12:49 ص
مرآة البحرين (خاص): كان على الشعب البحريني أن يصبر سبع سنوات حتى يعرف الاسترالي كريغ فوستر، الرجل الذي لا يعرف اليأس، لاعب كرة القدم الذي لا يتعب، القلب الشجاع الواثق، والإرادة الصلبة.
رجل تربّى على الثقة بنفسه وبوطنه، يلاعب وسائل الإعلام بمهارة كما كان يلاعب كرة القدم حينما كان قائداً للمنتخب الأسترالي.
كريغ فوستر الذي يجسّد شخصية البطل كما يمكن لك أن تراه في الأفلام، البطل الذي يقاتل حتى النهاية وينتصر. ثم مع قاطع الختام، تنزل دموعه يخر ثم يبكي.
في 22 يناير/ كانون الثاني زار فوستر حكيم العريبي في سجنه بتايلند، خرج بعدها متحدثا للإعلام بعينين دامعتين، متأثراً. "قضيت وقتًا طويلًا مع حكيم، كان كافيًا لأدرك كم هو شاب رائع، وكم يدمره موضوع خسارة مسيرته الكروية في السنوات الأخيرة".
في المقابلة قال حكيم "أحتاج لفوزكم"، وأجابه فوستر"أعتقد أننا سنفوز"، وهكذا كان!
منذ تلك اللحظة كان أداء اللاعب الأسترالي السابق كبطل من أبطال "السوبر هيرو"، رجع إلى موطنه أستراليا وأدار مروحة اتصالات ولقاءات مكثّفة، أدت إلى تسخين القضية لدرجة كبيرة داخل المجتمع الأسترالي. كان لا يتوقف عن الظهور في وسائل الإعلام داخل وخارج أستراليا، في التلفزيون، الإذاعة، الصحف، ووسائل التواصل الاجتماعي.
حراك شكّل تسونامي هائلا ألقى بثقله على السلطات التايلندية حتى ناءت بثقل حكيم العريبي، واضطرها في النهاية لإطلاق سراحه، بعد أن أخبرت حليفتها البحرين بقرارها.
في 14 يناير/ كانون الثاني احتفل الملك البحريني مع وزير الخارجية وكبار مسؤولي الوزارة باليوبيل الذهبي للدبلوماسية البحرينية، كان احتفالاً فارغاً، فهذه الوزارة ذات الـ 18 سفارة حول العالم، برشاويها وفسادها، سقطت أمام رجل استرالي اسمه كريغ فوستر. رجل واحد هزم الدبلوماسية الفارغة ذات الخمسين عاماً.
الرجل الذي أدار حملة ضغط واسعة امتدت لداخل أروقة الاتحاد الدولي لكرة القدم "الفيفا"، وأحرج الجميع، عدا سلمان بن إبراهيم آل خليفة الذي كان مرآة لعائلته وظل يناطح لوحده، على أمل أن يتشفّى بسجن حكيم وتعذيبه بيديّ "فداوية" عائلته الذين صاروا الآن يسمّون ضبّاط وزارة الداخلية. لقد خيّب كريغ فوستر ظنونه.
تغيّر معنى استراليا لدى البحرينيين إلى الأبد، وبالطبع في قلب حكيم العريبي الذي قال عند عودته بكل صدق «سأكون قويا من أجل استراليا، أنا أحب استراليا، إنها بلدي».
إنها بلد يتمنى البحرينيون أن تصبح بلادهم مثلها، هذه حقيقة وليست مزايدة، بلد ديمقراطي ينتخب حكومته ويراقبها من خلال برلمان حقيقي، ومؤسسات رسمية فاعلة تراقب الفساد وتحاربه، وسلطة قضائية مستقلة تستطيع محاكمة أكبر سياسيّ في الدولة، ومؤسسات مجتمع مدني ذات مصداقية، وإعلام مستقل يناقش كل شيء دون خطوط حمراء أو غيرها من أي لون كانت.
أمنية كل بحريني أن يصبح مثلك سيد كريغ فوستر، إنسان واثق ببلده ومحب لها، وصورة لامعة عنها وعن شعبها الطيّب الذي أخجل البحرينيين وهم يتابعون حملاتهم الكبيرة وتبرعاتهم لأجل قضية حكيم العريبي.
بالأمس قال مغرّد بحريني يكتب تحت اسم وهميّ خوفاً من طائلة العقاب «شكراً كريغ فوستر، هذا الإنسان النبيل بدموعه وتأثره بحكاية حكيم ونضاله للإفراج عنه أعطى درس مجاني في الإنسانية للحاقدين، والمطبلين من شركاء الوطن». الجميع اليوم يقول: شكراً كريغ فوستر.