التعليق السياسي: عن خطاب لم تلقه «وعد»
2019-01-23 - 11:48 ص
مرآة البحرين (خاص): وقّع قضاة محكمة التمييز برئاسة عبدالله بن حسن البوعينين يوم 21 يناير الجاري حكماً باتاً بحل جمعية وعد ومصادرة أموالها.
أحكام محكمة التمييز باتة لا يمكن استئنافها، وبالتالي تم إقصاء ثاني أكبر فصيل معارض في البحرين، بعد أن تم إقصاء فصيلين سابقين «الوفاق» و«أمل».
قبل ساعات من إصدار الحكم كتب الأمين العام السابق لجمعية وعد المناضل ابراهيم شريف عبر تويتر «لا قيمة لحديثنا عن الحرية والكرامة والعدالة والحقوق، إذا امتنعنا عن دفع أثمانها. لا قيمة لأي شيء تحصل عليه بثمن زهيد. السلعة الرخيصة تعطب بسرعة، او تفقدها دون أن تحس أنك فقدت شيئا ذا قيمة»،
لا يتيح الظرف الحالي لجمعية وعد وبعض قياداتها قول ما يشعرون أنه يجب أن يقال في هذه اللحظات التاريخية، فمنذ تأسيس جمعيتهم في العام 2001 برئاسة الراحل الكبير عبدالرحمن النعيمي، حافظ الوعديون على خطاب وطني صريح معارض للاستبداد، لم يتخلوا فيه عن رؤيتهم لشكل الحياة المدنية التي يريدونها، وفي الوقت نفسه خطّوا تحالفات وطنية عابرة للرؤى الأيديولوجية.
وعد لم تلق بيانها وتعليقها على حكم الحلّ لأنها منعت من العمل السياسي، والسيوف مسلّطة نحوها، لكن هناك حاجة لهذا الخطاب الأخير، حول ما يعنيه 21 يناير لقيادات وأعضاء جمعية وعد.
ما الذي يعنيه يوم الواحد والعشرين من يناير بالنسبة لتنظيم بحريني معارض؟، إنه يوم يوضح للبحرينيين أكثر من أي يوم آخر، قبح هذه السلطة واستهتارها بجميع مكونات الشعب، وأن ما يبنونه من تنظيمات مدنية عابرة للطوائف تهدمه هذه العائلة المستفردة بقبليتها الرعناء.
بالنسبة لوعد، فإن هذا الديكور الفاخر «الديمقراطية ودولة المؤسسات» ليست أكثر من جرح متقيّح منتفخ، أما مدائح الموالين وقصائدهم فهي فارغة، وإشكالات مدّعو الليبرالية التي تنطلق من بعض الصحف ليست سوي مزحة سخيفة. الغمز في وطنيتنا صفاقة لا مثيل لها، كل هذه «الهولّيلة»، بالنسبة لأي عضو من وعد ليست سوى تنميق للخديعة والضلال والعقوق بحق الوطن.
بالنسبة لوعد كلكم من قضاة، جلادين، كَتَبة مأجورين، وحقوقيين مزيفين، حجاب رقيق يحاول تغطية الجرائم التي تشين سلطة من المتوحشين. في هذه الساعة لا يوجد على وجه الأرض حكومة متورطة في ممارسات أكثر وحشية ورعبًا وقسوة من حكومة البحرين وقضائها الذي انضم لجهاز الأمن الوطني في القمع والوحشية.
إن وعد لم تعد أعضاءها بالمناصب والعطايا، إنما وعدتهم بدرب شاق من النضال والألم الطويل الممض، والصبر على الأذى، ومشاركة أبناء الشعب جراحهم ومعاناتهم.
لقد عايشت وعد عن قرب مختلف طبقات المجتمع البحريني ولامست همومهم، إن عيون وعد التي رأت جراح الشهداء النازفة لا يمكن أن تكذّب ما رأته، وعرفته من أن هذا الوطن به جزّارون متعطشون للدم، وبه سُرّاق للثروات الوطنية لن يتوقفوا عن النهب، وأن التمييز ينخر في عظام الوطن، لكل ذلك فإن وعد لن تخون تلك الجراح، ولن تشارك في تغطية السرقات، ولن تقبل بنظام التمييز غير المكتوب، لذلك كلّه تجني «وعد الفكرة والرؤية» الكثير من التعاطف والتلاحم الشعبي حولها، وهذه هي جائزة المناضل وانتصاره، انتصار الفكرة. وما يجري اليوم حيث يرى جميع البحرينيين من جميع الطوائف، مدى استهتار النظام بحياتهم وحاضرهم ومستقبلهم، أمر كاف لتقول وعد: الفكرة وصلت.
الفكرة أن الشعب كل الشعب، له كامل الحق أن تكون له القوة والسلطة العليا من خلال العمل الدستوري، وذلك من خلال الانتخابات غير المقيدة والحرة، مع الاقتراع السري، لاختيار أو تغيير حرف أو شكل الحكومة التي تحكمهم، وأن يكون لديهم قضاء مستقل حرّ، وأن تسود حرية التعبير والفكر للجميع دون تردد أو قلق من أي أحد.
أما الآخرون الذي شاخوا ولم يجرؤ أحد منهم على إدانة حلّ وعد علنًا، سيأتي يوم يقولون فيه «سيدي، لقد فعلنا كل شيء ممكن لأجل تجنب العاصفة التي تهب الآن، تضرعنا! وانبطحنا أرضًا إرضاءً للعرش، ولم نلق أمام ذلك سوى الاستخفاف والإهانة والازدراء، والمزيد من العنف والقسوة».
أما وعد فستظل كنخلة بحرينية أصيلة، تعرف أهلها الطيبين الأصيلين الذين يفضلون الموت على الذل.