كالعادة تسبق رائحه البخور قدوم أبومحمد الى القهوه منذ أن تقاعد من احد الوزارات ولشدة اعتنائه بثيابه وخاصة غترته يطلق عليه في القهوة الشعبية أبوغترة مكوية ولم يكن يزعل أبداً من التسمية ولكن أحياناً يزعل من بعض تعليقاتهم خاصة عندما يتعلق النقاش بالسياسة والمعزبية وأحيانا يغادر القهوة ولكن يعود في اليوم الثاني كأن شيئا لم يكن. وكما يقول نحنا أولاد الملحة كلنا أهل واخوان وما لنا إلا بعض ولكن هذه المرة وعلى غير العادة دخل القهوة وأمر للجميع بملة شاي وصحن باقله، فسأله أحدهم "ها بو محمد ربحت الجائزة الأولى وتسكتنا بشاي وباقله!" فرد بحسره "جان بخت والله". وهنا استدرك بوكشمة موجها كلامه لربع القهوة "شكله بو غترة مكويه بيرشح روحه للانتخابات، جاكم الخير يا جماعة لين وصل بيشرع ضريبة الباقله والكرك علشان ما تتجمعون في القهوة وتحشون فيه" وهنا رد بوغترة "إنت ما تجوز عن طبعك يالساحر، إي برشح روحي ويش فيها، طالعت المرشحين وشفت أغلبهم خاش باش ومو أحسن مني وأنا أحق منهم بالراتب خدمت الحكومة خمسة وثلاثين سنه وما عارضتها مرة واحدة ومع الناس شوفت عينكم ما ضريت أحد وحتى هذيك الأيام والله لا يعودها لا فتنت على أحد ولا حطيت دوائر ولا شتمت ولا كفرت، بالعكس وكل الجماعة يدرون". وتعالت الأصوات "رايتك بيضه بو محمد" وآخر "يشهد الله إنك زكرت وبن حلال" وأما بو كشمه فقال "شهادتي فيك مجروحه بو محمد بس أبغي تقول لي الصدق، ليش قررت ترشح روحك؟ بدون كلام جرايد ووطن ومواطن وبطيخ " وبعد أن اعتدل وعدل غترته قال "والله يا العبد أنا ما اعرف اكذب بس اعطوني فرصة" وتعالت الأصوات مرة أخرى من الحاضرين "حياك ..تفضل ..قول. نسمعك يالطيب".

وتنحنح وقال "بعد ما بو كشمه سد نفسي من المطاوعية والمستقلين وحتى التكنوقراط، صرت أفكر من أنتخب ولاحظت إن أغلبهم مرشحين نفسهم طمعا في الراتب والمنصب والجاه وأغلبهم ما عنده خلفية سياسية ولا اقتصادية ولا حقوقيه ولا حتى قاعدة شعبية إلا ما رحم ربي، وبعضهم يخطط لما بعد البرلمان يعنى البرلمان هو السلم مثل اللي خبرناهم في الدورات السابقة، وشفت إن الترشيح هو عمل من لا عمل له وفرصة من لا فرصة لهم، وقلت لنفسي جحا أولى بلحم ثوره أنا خدمت في الحكومة 35 سنة بإخلاص والحين صفيت على راتب تقاعدي 600 دينار يخلص قبل الشهر مثل كل البحرينيين. وحمدالله أنا واحد معروف واللي تعرفه أحسن من لا تعرفه صح؟ وهنا غمز بو كشمه وقال "يعنى الهدف الراتب والراتب التقاعدي!" وهنا رد بحنق "أقول تيس يقول احلبوه، مو طلبت مني الصراحه! تبينى أكذب مثل البقية وأقول لك الوطن والمواطن والتنمية وحقوق الناس والعدالة! خلهم يخفضون الراتب إلى 500 مثلا أتحدى أي واحد من المرشحين يرشح روحه" وهنا رد بو كشمه "والله انت الصادق فيهم وأغلبهم تفلنزية وعييارة والله لو إني مو مقاطع جان أكيداً أكيداً برشحك لأنك على الأقل ما كذبت من البداية مثل غيرك والمكتوب يبين من عنوانه وشكراً على الصراحه والباقلة وملة الشاي يا بو محمد والله يوفقك يالورد" .

* "بوكشمة" رجال عادي وبسيط، عقله حصيف وقلبه نظيف وضميره عفيف، يشعر بالغصة وتخنقه العبره لما آل إليه حال بلاد المليون نخلة.