بعد إقرار الضريبة.. كيف تدير الأسر البحرينية موازنتها الشهرية؟
2018-10-06 - 4:05 م
مرآة البحرين (خاص): يوم غد الأحد، يفترض أن يقرّ مجلسا الشورى والنواب مرسوماً بقانون لتطبيق ضريبة القيمة المضافة، فقد صدر الجمعة (5 أكتوبر/ تشرين الأول 2018) أمر ملكي رقم 45 لسنة 2018 بدعوة المجلسين لدور غير عادي اعتبارا من الأحد الموافق 7 أكتوبر 2018.
من شأن تلك الضريبة أن تضاعف الضغوط المالية على البحرينيين الذين يواجهون منذ أكثر مما يزيد عن ثلاثة أعوام موجات من ارتفاع الأسعار دون مراقبة من وزارة التجارة. لم تتوقف الأسعار عن الارتفاع ولم تتوقف الأسر عن عصر موازاناتها قدر الإمكان.
صار واضحاً أن دور الانعقاد غير العادي لن يُفضّ إلا بإقرار تطبيق الضريبة، لتدخل الأسر البحرينية مرحلة تستدعي التفكير الجدّي في كيفية ترتيب الموازنات الشهرية. ما الذي يتعيّن على البحرينيين فعله للموازنة بين الاحتياجات والمصروفات؟ نصائح كتبها مختصون لمواجهة الأوضاع المالية التي ستفرضها توجهات الحكومة:
المتضرر الأكبر
يرى اقتصاديون أن هذه الضريبة غير عادلة اجتماعياً، لماذا؟
لأن ضريبة القيمة ستضر الأسر البحرينية ذوات الدخل المنخفض أكثر من الأسر الغنيّة. فالمستهلك هو المتضرّر الأول من ضريبة القيمة التي تطبق على كل عملية شراء. وبما أن الموظفين ذوي الدخل المنخفض يعيشون على رواتبهم التي يستهلكونها شهرياً بالكامل، فإن دفعهم الضرائب سيؤثر على مستوى نفقاتهم اليومية بشكل كبير. الأمر ذاته لن يشعر به الأثرياء الذين يفوق معدّل دخلهم معدّل استهلاكهم مرّات أو عشرات المرّات.
المبادرة المصرية للحقوق الشخصية، كشفت أن الأسر الأفقر في مصر أنفقت نحو 47.7% من دخلها على الطعام والشراب، بينما أنفقت الأسر الأكثر ثراءً %22.6 فقط.
لم تفرض الحكومة ضريبة على الدخل، أو على من يمتلكون عقارات متعددة، بل اختارت أن تبدأ بالضريبة التي يتضرر منها الذين لا صوت لهم في هذه البلاد.
المدخرات
ستؤدي ضريبة القيمة المضافة إلى انخفاض مدخرات العائلات محدودة الدخل، ففي ظل هذه الضريبة وارتفاعها تدريجيا مستقبلاً، وكثرة المنتجات التي قد تفرض عليها ضرائب في المستقبل لن تتمكن العوائل من ادخار الأموال إذا استمرت على وضعها الحالي في الاستهلاك، بل ربما تصل بعض الأسر لمرحلة العجز عن إيفاء التزاماتها إذا لم تغير طريقة استهلاكها، ولذا لا بد من سياسة مالية تتبعها هذه الأسر.
سيكون على هذه الأسر تغيير طريقة استهلاكها، والاستغناء عن الاستفادة من خدمات ذات جودة عالية إلى خدمات أقل جودة لكنها مجانية أو رخيصة، قد يتطلب الأمر اتخاذ قرارات قاسية بتخلّي بعض الأسر الفقيرة عن بعض أحلامها بخصوص إعداد أبنائهم للمستقبل.
للتوضيح، فإن الاتفاقية الخليجية الخاصة بالضريبة التي سيقرها مجلسا الشورى والنواب، حددت قائمة السلع الغذائية الأساسية المتفق على إعفائها بين دول الخليج من ضريبة القيمة المضافة وهي 93 سلعة غذائية، بين 13 صنفاً من اللحوم و3 أنواع من الدواجن، و16 نوعاً من الأسماك، و19 نوعاً من الخضراوات و18 صنفاً من الفواكه وأربعة أنواع من منتجات الألبان، إضافة إلى 20 نوعاً من السلع المختلفة.
لكن بالنسبة لفرض ضريبة القطاعات الصحية، والتعليمية، والعقارية، والنقل المحلي، والخدمات المالية، تركت الاتفاقية لكل دولة حرية ما إذا كانت ستفرض ضريبة على هذه القطاعات أم لا.
لذلك إذا قامت الدولة بفرض ضرائب على القطاعين الصحي والتعليمي، فإن مئات العوائل من ذوي الدخل المتوسط، الذين كافحوا من أجل تعليم أبنائهم في مدارس خاصة طيلة الأعوام السابقة، سيجدون أنفسهم عاجزين عن الاستمرار في توفير هذا الحد من التعليم لأبنائهم، وسيكون عليهم إعادة أبنائهم إلى نظام التعليم العام بسبب التأثر الطبيعي الذي سيطرأ على موازنتها، وسيكون العلاج في المستشفيات الخاصة أمراً يفوق طاقتها.
يتوقع أن تعفي الدولة التعليم الخاص على الأقل في هذه الفترة من ضريبة القيمة المضافة، لكن سوف يستمر تميّز الأسر الغنيّة، فحتى مع الإعفاء يتوقع أن كثير من الأسر الفقيرة سوف تُخرج أبناءها من التعليم الخاص إذ ستتأثر بسبب الضريبة المضافة، وبالتالي ستظل ميزة التعليم الخاص للأسر الغنية والثرية، وهو ما يضعنا أمام تمييز طبقي جديد.