المونيتور: جورجيو كافييرو: المعارضة تدعو إلى مقاطعة الانتخابات المقبلة في البحرين

1970-01-01 - 12:00 ص

 

ترجمة مرآة البحرين

تأمل عائلة آل خليفة الحاكمة في البحرين أن تُشَكّل الانتخابات المقبلة في البحرين، والمقرر إجراؤها في 24 نوفمبر / تشرين الثاني و1 ديسمبر / كانون الأول، إذا دعت الضرورة للموعد الثاني- "فصلًا جديدًا من مسيرة التّنمية الدّيمقراطية" في المملكة. مع ذلك، هناك سبب وجيه للتّشكيك في أن تساهم هذه الانتخابات في تعزيز شرعية العائلة الحاكمة في نظر المعارضة الشيعية. في الواقع، في 9 أكتوبر / تشرين الأول، دعت الجمعية المعارضة الشيعية المهيمنة -جمعية الوفاق الوطني الإسلامية- إلى مقاطعة وطنية للانتخابات. ويشير هذا الأمر إلى مدى اعتقاد الشيعة البحرينيين بأنّهم غير ممثلين حقًا في الحكومة وأن مشاركتهم في الانتخابات النيابية الشهر المقبل سيكون لها نتائج عكسية على نضالهم.

حلّت السّلطات البحرينية الوفاق في العام 2016، واتهمت الجمعية الإسلامية الشيعية بـ "إيواء الإرهاب" وأصدرت قانونًا في مايو / أيار يحظر على قادتها وأعضائها خوض الانتخابات الشهر المقبل. وفي العام الماضي، حلّ النظام أيضًا الجمعية العلمانية اليسارية المهيمنة وعد. وفي خضم هذا التقلص في الفضاء السياسي، اتجه المزيد من المعارضين الشيعة إلى التّشدد بعد تخليهم عن الأمل بإصلاح ديمقراطي في بلادهم. وقد حصل تطرف بعض الشيعة في البحرين مع اكتساب المتشددين في النّظام النفوذ على العناصر الأكثر اعتدالًا في العائلة المالكة، والذين هم أكثر انفتاحًا لتقديم تنازلات للمعارضة الشيعية.

في البحرين، ما يزال الوضع الحالي متوترًا. أعقب اعتقال 111 شخصًا من 169 شخصًا زُعم أنهم ينتمون إلى الفرع المحلي من حزب الله  -"حزب الله البحريني"- اعتقال عدد من البحرينيين الشيعة -المتهمين من قبل الدولة بممارسة الإرهاب أو التّرويج له، ومع ذلك، تدافع منظمات حقوق الإنسان على أنهم سجناء رأي ومعارضون سلميون. في يناير / كانون الثاني 2017، شكّل إعدام ثلاثة رجال شيعة مدانين بقتل ثلاثة رجال شرطة في مارس / آذار 2014 الاستخدام الأول لعقوبة الإعدام من قبل البحرين منذ اندلاع الربيع العربي، ما أدّى إلى انتقاد شديد من الخارج يستند لرأي مفاده أنّ المحاكمة غير عادلة.

في مايو / أيار 2018، أسقطت محكمة بحرينية جنسية 115 شخصًا، وأصدرت على نصفهم تقريبًا أحكامًا بالسجن مدى الحياة على خلفية تهم تتعلق بالإرهاب. وانضم هؤلاء المواطنين إلى مئات من الآخرين الذين سُحِبَت منهم الجنسية البحرينية وأصبحوا عديمي الجنسية على يد السّلطات منذ العام 2012. وقد تم نفي بعض هؤلاء البحرينيين الأصليين إلى خارج البلاد.

يواصل نظام المنامة لوم إيران بسبب الكثير من الاضطرابات الداخلية في البلاد. وعلى الرّغم من الأسئلة المفتوحة بشأن التّورط الحقيقي لإيران في الشؤون الداخلية للبحرين، والتي يتهم كثيرون السلطات البحرينية والسعودية بالمبالغة بشأنها، أتاح المناخ الحالي للجمهورية الإسلامية فرصة أكبر لاستغلال المشاكل الداخلية للبحرين لمصلحتها الخاصة. وأضاف تقليص الفضاء السياسي في الأرخبيل الزخم إلى الحجج التي أدلى بها بعض الشيعة، بأنّ المعارضة أيضًا قد ترغب بالحصول على الدعم من الخارج (أي طهران)، بينما تبقى جميع الجهود للالتزام بشكل جدي مع المنامة غير مجدية.

ومع فشل البحرين في حل الأزمة السياسية التي أطلقت موجات من عدم الاستقرار في البلاد منذ العام 2011، يواصل المناخ الإقليمي المتوتر بعد العام 2011 بازدياد تقويض آفاق الحل السلمي للمصادر الداخلية للاضطرابات في البحرين. وتبقى حماية حكام آل خليفة في البحرين، التي تشكل منذ العام 2003 الدولة الوحيدة ذات الغالبية الشيعية والتي يحكمها نظام سني، أولوية عالية بالنسبة إلى السعودية، التي تؤثر سلبًا، مع الإمارات، على المنامة. لطالما رأى السعوديون شبح أي ثورة ناجحة للربيع العربي داخل مجلس التعاون الخليجي -خاصة إذا قاد هذه الثورة عرب خليجيون شيعة تلقوا، على الأقل، دعمًا معنويًا من طهران- على أنها تعبر خطًا أحمر.

ومع بقاء البحرين معتمدة بشكل كبير على المساعدة المالية والأمنية من السعودية والإمارات العربية المتحدة في فترة ما بعد 2011، فإن قدرة النّظام على تقديم تنازلات للمعارضة محدودة بشكل كبير من خلال تحالفاته الإقليمية الرّئيسية.  

من وجهة نظر الرياض، فإن تحرير أو دمقرطة النّظام السياسي في البحرين سيؤدي حتمًا إلى تعزيز المصالح الجيوسياسية لإيران في الخليج وشبه الجزيرة العربية، وبالتّالي، سيواصل حكام آل سعود الضغط على العائلة الحاكمة في البحرين لمنع شيعة البلاد من تحقيق مكاسب سياسية مهمة، إذ يرون في الوفاق مجرد طابور خامس لطهران. وزاد وجود دونالد ترامب في المكتب البيضاوي من جرأة نظام المنامة، حيث تنظر الإدارة الأميركية إلى الأزمة السياسية للبحرين بعدسات سعودية. وتنظر الإدارة [الأميركية] إلى المملكة باعتبارها ساحة معركة مهمة في النضال للتّصدي للهيمنة الإقليمية لإيران وترفض أن تمارس الضغط ذاته -مهما كان محدودًا- الذي مارسته إدارة أوباما على قيادة البحرين لإجراء تحسينات في إرساء الديمقراطية وفي مجال حقوق الإنسان.

ومع دعوة الوفاق لمقاطعة انتخابات الشهر المقبل في البحرين، يمكن توقع انخفاض نسبة الإقبال لدى الشّرائح الشيعية في البلاد. وهناك سبب مشروع للقلق مفاده أنّ التصويت قد يؤدي إلى موجات جديدة من عدم الاستقرار في حال قامت بعض العناصر المناهضة للنظام بالاحتجاج على الانتخابات. وللأسف، لا تُظهِر تركيبة النّظام أي علامة على التّخفيف من قبضته على المعارضة الشّيعية (بما في ذلك اعتقال زعيم جمعية الوفاق) ودعوة الجمعية الشيعية للمقاطعة تُظهِر أنّ الطّرفين لا يُقَدّمان التّنازلات الضّرورية التي يمكن لها واقعيًا تحريك الدولة باتجاه أي حل.

وبالتّطلع إلى الأمام، يبقى لنا أن نرى إذا كان أي من الطرفين مستعدًل لتقديم التّنازلات أولًا، مع تحمل مخاطر سياسية بدون أدنى شك في القيام بذلك. ومع منع زعماء الوفاق من التّرشح لمجلس النّواب، فمن الواضح أنّ المعارضة مصممة على عدم منح أي نوع من الشرعية للعملية الانتخابية. ويبدو أن قيادة النّظام، بدعم قوي من الرياض وأبو ظبي وواشنطن، قد قرّرت أنّ القضاء على المعارضة السّياسية المنظمة هو الاستراتيجية المفضلة للحفاظ على الاستقرار في البحرين، حيث يواصل المقاتلون الشيعة، تحت مظلة الوفاق وفقًا للمزاعم، الاشتباك.

مما لا شك فيه أنّ فشل البحرين في التّغلب على الجمود بين النّظام والمعارضة سيكون على حساب الصحة الاقتصادية للمملكة. ولكي تستفيد البحرين مجددًا من قطاعها المالي الشفاف، وشعبها ذات التعليم العالي، والقطاع الخاص القوي نسبيًا، وقطاع السّياحة لتكون دولة خليجية نابضة بالحياة، يجب أن تعالج الانقسامات الطائفية وتضع نهاية للمأزق الذي استمر سبعة أعوام ونصف. في نهاية المطاف، لا تزال أزمة البحرين مستمرة إلى حد كبير بسبب نقص الثقة الذي يواصل الازدياد، وللأسف، يبدو أنّه من غير المرجح أن تحدّه انتخابات الشهر المقبل. 

النص الأصلي


التعليقات
التعليقات المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع