الأمير رعد وقبله بيلاي... ليس أمام حكومة البحرين سوى اللحاق بترامب!
2018-06-21 - 2:49 ص
مرآة البحرين (خاص): رحل المفوّض السامي زيد بن رعد عن منصبه وقبله نافي بيلاي وبقت الاستحقاقات المتعلقّة بحقوق الإنسان في البحرين على حالها مؤجّلة. لم تستجب الحكومة لنداءات بيلاي ولا مطالبات الأمير الأردني.
اعتقدت الحكومة أن "الأمير العربي" وبحكم الروابط سيصفّق لما كانت تعلنه من دعايات، إلا أن آمالها سرعان ما تلاشت مع مطالبات الأمير رعد بوضع حدٍ لـ "مظالم البحرينيين" والدعوة إلى "إصلاحات عميقة" في البلاد التي انهكتها الانتهاكات المستمرة منذ فبراير/ شباط 2011.
بعد اختياره مفوّضا ساميا، اختار الأمير رعد مسارا جديدا مع البحرين، وفتح بابا للتفاوض بشأن الإصلاحات وتنفيذ توصيات مجلس حقوق الإنسان واللجنة البحرينية المستقلة لتقصي الحقائق.
أثار امتناع الأمير رعد عن انتقاد البحرين علنا في أول خطاب ألقاه (8 سبتمبر/ أيلول 2014) حفيظة المجتمع المدني، غير أنه أكد بعد أشهر وجود مناقشات ومفاوضات مستمرة مع السلطات البحرينية حول حالة حقوق الإنسان. وقال إن عدم تطرقه إلى اسم البحرين في تصريحاته "لا يعني غياب تقييم البحرين".
وبعد أقل من شهر من اختياره، التقى وزير الخارجية البحريني خالد بن أحمد آل خليفة (24 سبتمبر/ أيلول 2014) الأمير رعد في نيويورك ، وبحسب بيان رسمي فإن الوزير نقل للأمير تهنئة البحرين باختياره كأول عربي مفوضا لحقوق الإنسان ورأى بأن "التعاون بين البحرين والمفوضية السامية بناء وإيجابي".
وعلى الرغم من رفض الحكومة طلبا من المفوضية بفتح مكتب دائم في البلاد، إلا أن الوزير عاد (سبتمبر/ أيلول 2015) بعد تصريحات المفوّض للتأكيد بأن الحكومة تتطلع إلى توقيع مذكرة تفاهم مع المفوضية للتعاون الفني وبناء القدرات بين الطرفين في أقرب فرصة ممكنة".
انتهت تلك التصريحات إلى لا شيء، لم توقّع البحرين مذكرة التفاهم، ولم تفتح مكتبا للمفوضية، فيما استمرت أوضاع حقوق الإنسان في التدهور مع استمرار الاحتجاجات على اعتقال أمين عام الوفاق الشيخ علي سلمان وانخراط البحرين في التحالف السعودي للحرب على اليمن.
بداية النهاية...
في 10 مارس/ آذار 2016 قال المفوض السامي إن البحرين بحاجة إلى "إصلاحات عميقة" وانتقد "إسكات الصحفيين والمدافعين عن حقوق الإنسان والمعارضين السياسيين باعتقالهم وإسقاط جنسياتهم وترحيلهم".
الأمير عبّر عن قلقه إزاء انتهاكات حقوق الإنسان في البحرين، مؤكداً أن "عدم معالجة انتهاكات حقوق الإنسان السابقة بشكل كاف، ستعني استمرار المظالم في التفاقم".
مثّلت تلك التصريحات بداية النهاية لـ "الأجواء الإيجابية" التي حاولت الحكومة إشاعتها في العلاقة مع المفوضية واحترام حقوق الإنسان في البلاد. اعتبرت البحرين في بيان مطوّل تلك التصريحات "تدخلا غير مقبول في الشؤون الداخلية"، وأنها "جاءت في التوقيت الخاطئ وتجاهلت التعاون القائم بين البحرين والمفوضية السامية لحقوق الإنسان واتفاق التفاهم بينهما".
خلال افتتاحه الدورة الـ 32، انتقد المفوّض السامي (10 يونيو/ حزيران 2016) السلطات البحرينية بشدة لاستمرارها في قمع مواطنيها بأساليب مختلفة، معتبراً أن القمع سيزيد من مظالم الناس ولن يقضي عليها. وأضاف هناك على الأقل "250 بحرينياً قامت الحكومة البحرينية بتجريدهم من جنسيتهم إثر مزاعم بعدم ولائهم للمملكة".
وتابع رعد "بالإضافة إلى هذه القيود الصارمة على حرية التعبير، فإن حكومة البحرين قامت بمخالفة التزاماتها الدولية المتعلقة بحقوق الإنسان، عبر حظرها الشامل للتظاهرات في العاصمة المنامة منذ العام 2013". وختم بالقول إن هناك "العشرات من البحرينيين وبينهم قُصّر تمت محاكمتهم بسبب مشاركتهم في الاحتجاجات".
أثارت تلك التصريحات وزير خارجية البحرين، الذي التقى المفوّض السامي مرتين على الأقل منذ اختياره، وقال إن بلاده "لن تضيع وقتها بالاستماع لكلمات مفوض سام لا حول له و لا قوة"، وألمح إلى أن الأمن أهم من الحديث عن حقوق الإنسان.
في أغسطس/ آب 2016 وخلال مؤتمر صحافي عقده مع الأمين العام للجامعة العربية أحمد أبو الغيط في المنامة قال آل خليفة إن البحرين لن تلتفت للحظة واحدة لأي صوت يحاول أن يبتزها من الخارج، وخصوصاً من مجلس حقوق الإنسان". وانتقد آل خليفة ما وصفه "حجم التسييس" في المجلس، مطالباً مكتب مفوض الأمم المتحدة السامي لحقوق الإنسان بأن "يتعامل مع البحرين بجدية".
عاد الأمير في سبتمبر/ أيلول 2016 لدعوة البحرين لتنفيذ توصيات مجلس حقوق الإنسان، قائلا "ينبغي على على البحرين أن تولي مزيداً من الاهتمام لحقوق الإنسان (...) أدعوها للتعاون بشكل أكثر فعالية مع مكتب المفوضية ومجلس حقوق الإنسان وتنفيذ توصيات المجلس".
هذه المرة، عبّرت دول مجلس التعاون الخليجي عن "خيبة أملها" من الانتقادات التي وجهها المفوض السامي للبحرين، وقالت إنها "لا تعكس حقيقة واقع وسجل البحرين المتطور في مجال حقوق الإنسان" وفقا لتصريحات أدلى بها المندوب السعودي الدائم في مجلس حقوق الإنسان فيصل طراد.
وفي البحرين، شنت الصحف الحكومية هجوما قاسيا على الأمير رعد، وذكّرت الصحف الأمير الأردني بـ "عروبته" التي يجب أن تدفعه للوقوف إلى جانب الحكومة لا تبني وجهة نظر المعارضة.
وعاد وزير الخارجية للقول بأن بلاده "لن تضيّع وقتها مع مجلس حقوق الإنسان"، مضيفا "توقعنا من مكتب المفوض السامي لحقوق الإنسان تجاوباً أكبر لما تقوم به من عمل كبير في هذا الشأن، لن نضيع وقتنا في ظل عدم وجود آذان صاغية من مجلس حقوق الإنسان".
استمر المفوض السامي في تصريحاته المطالبة بإجراء إصلاحات في البلاد واستمرت البحرين في تكرار ذات الردود، وقالت الخارجية مارس/ آذار 2017 "بالرجوع إلى بيانات سابقة لمفوض الأمم المتحدة السامي لحقوق الإنسان عن البحرين، تبين لي أن ما طرحه أمس هو تدوير لمزاعم سبق أن طرحها في بياناته في الفترة الماضية، وهي ذات المزاعم الزائفة وغير الصحيحة، وتفتقر إلى الدقة والمصداقية".
زيارة ليست للصور
(14 مارس/ آذار 2017) وجّه رئيس البرلمان البحريني أحمد الملا دعوة إلى الأمير رعد لزيارة البلاد، ورحب مسؤول بارز بمكتب الأمم المتحدة لحقوق الإنسان في جنيف بالدعوة وقال إن أي زيارة يجب أن تتناول قضايا منها تقارير عن تعذيب وحملات على النشطاء والأحزاب السياسية في البلد. وقال محمد النسور رئيس قسم الشرق الأوسط وشمال أفريقيا بمكتب المفوض السامي لحقوق الإنسان لرويترز إن بعثة فنية برئاسته لم تتمكن في فبراير شباط من العام الماضي من زيارة مراكز احتجاز.
وأضاف أن الأمير زيد رحب بالدعوة لكنها يتعين أن تتناول حقوق الإنسان وألا تكون مجرد "فرصة لالتقاط الصور".
بعد نحو شهر على تلك الدعوة قال مساعد وزير خارجية البحرين عبدالله الدوسري خلال جلسة للإجابة على تساؤلات لجنة مناهضة التعذيب إن الحكومة ليست طرفا في تلك الدعوة. توقف الحديث عن تلك الزيارة من الطرفين.
الخطاب الأخير
في خطابه الأخير، قال الأمير زيد إن البحرين رفضت "الوصول غير المشروط من قبل مكتبي والإجراءات الخاصة"، وأضاف إنها مستمرة في قمع المجتمع المدني وسن المزيد من التشريعات التي تحد من ممارسة الشعب لحقوقه الأساسية، في إشارة لمنع المعارضين من الترشح للانتخابات.
ودعا خلال الدورة 38 لحقوق الإنسان بجنيف (18 يونيو/ حزيران 2018) البحرين إلى "عكس هذه الاتجاهات" مبديا استعداد مكتبه لتقديم المشورة التقنية والقانونية.
في البحرين، شنّت الصحافة الرسمية هجوما على الأمير بسبب تصريحاته الأخيرة وانتهاء ولايته. وتحت عنوان: زيد بن رعد "روحة بلا رجعة"، كتبت صحيفة أخبار الخليج في عدد الثلاثاء (19 يونيو/ حزيران 2018) تقول إن "رعد عمد إلى النظر إلى أوضاع حقوق الإنسان في البحرين بعين واحدة وتجاهل المنجزات التي تحققت".
وقال مساعد وزير الخارجية عبدالله الدوسري في تصريحات صحافية اليوم "نأسف لما وصلت إليه المفوضية في فترة ولاية زيد بن رعد من انحطاط وتسييس واضح وتعمد استقاء المعلومة من منظمات مشبوهة تابعة للنظام الايراني"، داعيا إلى تغيير ولايته بمفوض يستقي معلوماته بشكل موضوعي دون انحياز".
كانت البحرين تعتقد أن نافي بيلاي -المفوض السامي السابق- تتعمّد النظر للبحرين بعين واحدة، واعتقدت أن رحيلها العام 2014 سيغيّر من وجهة نظر المنظمة الدولية حيال أوضاع حقوق الإنسان المترديّة في البلاد، إلا أن ذلك لم يحدث، وليس من المتوقع أن يحدث مع اختيار خلف للأمير الأردني الذي أعلن عدم ترشحه لولاية ثانية.
مع انسحاب الرئيس الأمريكي دونالد ترامب (حليف دول الخليج) من مجلس حقوق الإنسان، أمس الثلاثاء، احتجاجا على ما وصفته إدارته "النفاق" و"الانحياز" ضد إسرائيل، فإنه ليس أمام هذه الحكومة إلا اللحاق بحليفها، سواءً احتجاجا على انتقاد سجلها الحقوقي المتردي، أو لذات المبررات التي انسحبت لأجلها الإدارة الأمريكية ما دامت الحكومة البحرينية مندفعة نحو التطبيع مع إسرائيل!