سوسن الشاعر.. ما مليتي من الفتنة؟
2018-04-23 - 7:46 م
مرآة البحرين(خاص): "مليت مليت يايمه قعدة البحرين.. جيبي جوازي بسافر كربلا لحسين "
أهزوجة شعبية ينشدها الشيعة في البحرين خلال هذه الليالي من شهر شعبان والتي تصادف مولد عدد من الأئمة بينهم الإمام الحسين، يعبّرون بها عن شوقهم لزيارة الإمام الحسين، وهي زيارة لا تتجاوز أيام يحرص الشيعة في البحرين على تكرارها بين حين وآخر حبّا منهم لآل بيت الرسول (ص).
هذه الأهزوجة التي تُنشد في جو من الفرح والتعبير عن الحب استفزّت سوسن الشاعر الكاتبة في صحيفة الوطن لتخصص مقالاً تحت عنوان "مليت من البحرين؟!"، وتجعل منها ممارسة (تقطع الطريق أمام الغرس السليم) في تنمية الولاء للوطن، وتذهب إلى أن مثل هذه الأهازيج تعمل على ترسيخ (الانسلاخ من الهوية الوطنية)، وأنها ترسّخ كل ما هو سلبي ومملّ لتسبغه على البحرين، مقابل كل ما هو مفرح وسعيد لتسبغه على البلد الذي تشير إليه الأهزوجة. ولا تكتفي الشاعر بهذا بل تذهب إلى أن من يردّد تلك الأهزوجة عليه يخيّر نفسه بين البحرين والبلد الذي تقول أنه مشتاق للذهاب إليه، وأن له حريّة الذهاب إليه دون عودة.
لا نجد في هذا التحميل المريض ما يستحق الردّ عليه، لأن أبسط الناس تدرك ما تذهب إليه هذه الأهزوجة من تعبير عفوي وبسيط عن حبّ وجداني لا يستطيع أمثالها فهمه، فلا أحد يشك في محاميل ومداليل سوسن الشاعر التي امتهنت الفتنة وصارت هويّتها ومصدر رزقها، بل سرّ ثرائها الحديث. ولا أحد يجهل كيف غادرت الشاعر دور الصحافي المشغول بالبحث عن مشاكل الناس وهمومهم اليومية والمعيشية ومساءلة الجهات المختصة، إلى دور المرتزق المُستخدم الذي جلّ همّه البحث عمّا يفرّق أبناء الوطن الواحد ويشيع الكراهية بينهم ويعضّد أسباب الخلاف والتنابذ بل ويختلقها. لا أحد يجهل ما فتئت الشاعر تلوكه وتعجنه بلعابها القميء وهو يقطر لوثاً وكراهية وحقداً، جعل البحرينيين سنّة وشيعة يشمئزون من ذكر اسمها ويكنّونها بـ(حمالة الحطب)، في إحالة إلى إمرأة أبي لهب التي بلغ بها الحقد وكراهية الرسول أن تجمع الحطب والشوك وتلقيها على ثيابه النظيفة التي كان يتركها لتجف.
لكن المُلفت في مقالتها هو زعمها أن هذه الممارسات تقف على الوجه الآخر لما تقوم به الدولة من تعزيز قيم المواطنة. تقول "في الوقت الذي تقوم فيه الدولة في البحرين بمشاريع تعمل على تعزيز الانتماء والمواطنة واحترام الرمزيات الوطنية كجواز السفر وغيرها مثل الدستور ووثيقة الميثاق وكصور القيادة وغيرها، مشاريع تهدف لبناء مواطنة حقيقية لبناء إنسان يفخر بوطنه ويعتز به ويراه جميلاً، ويحترم رمزياته".
هنا نجد أنفسنا راغبين في مساعدة الشاعر على استحضار بعض النماذج التي تؤكد ما ذكرته أعلاه، نعني ما (تقوم به الدولة في البحرين لتعزيز الانتماء والمواطنة واحترام الرمزيات الوطنية كجواز السفر) وفق ما ذكرت، فقد قامت الدولة مشكورة بقتل قرابة 100 بحريني خلال أحداث 2011 والسنوات التالية لها، وقامت بإصدار 30 حكما بالإعدام ضد معارضين بحرينيين منذ ذلك الحين، وأسقطت جنسية أكثر من 500 بحريني على خلفية مواقف وآراء سياسية معارضة، وسجنت أكثر من 4000 بحريني على الخلفية ذاتها، وحلّت أكبر جمعيتين سياسيتين معارضتين في البحرين، وأوقفت الصحيفة الرسمية الوحيدة المستقلة في البلاد. أما على المستوى المعيشي فلن نتحدث بما يُحرج الشاعر من تردّي الأوضاع المعيشية والاقتصادية وذهاب البلاد إلى حالة إفلاس مزرية وديون أغرقت ميزانيتها بالكامل. ولن نحكي عن حال المواطن البحريني الذي عاد غريباً وسط وافدين يحملون جواز السفر البحريني ينازعونه لقمة العيش التي بالكاد يحصل عليها، حتى صار الجواز البحريني هوية عامة إلا عن البحرينيين أنفسهم. كل هذا قامت به الدولة مشكورة "لبناء مواطنة حقيقية لبناء إنسان يفخر بوطنه".
ستقول الشاعر أن كلّ هؤلاء خونة ويستحقون، وسنقول لها أن لحبّ الأوطان أثمان غالية يدفعها النبلاء لا المتكسّبون. وكلمة أخيرة لسوسن الشاعر: ما مليتي من الفتنة؟