مراد الحايكي: بث الكراهيات... عندما ينقلب السحر على الساحر
مراد الحايكي - 2018-04-02 - 8:38 م
شاهد أغلبنا مقاطع فيديو أو سمع قصص الأسد الذي يهاجم مدربه في السيرك. ورغم صناعة المدرب لحيوان استعراضي وتدريبه والعناية به على مدار سنين طويلة، إلا أن ذلك لا يغير حقيقية أن هذه الحيوانات مفترسة بالفطرة ويمكنها بلمح البصر ومن دون أسباب، أن تنهش بأنيابها جسد المدرب الذي رعاها وأطعمها لسنين.
في كتابه الصادر مؤخرا "لماذا نكره؟"، يناقش الدكتور نادر كاظم توظيف "الدولة" والساسة للكراهيات واستخدامها "كسلاح أو تكتيك من تكتيكات الصراع على السلطة". كما يبين كاظم، كيف تمكنت "الكراهيات" وتمكن مستخدموها من تطويع التطور وتكنولوجيا التواصل والإعلام والتسهيلات اللامتناهية التي توفرها، لتكون أداة تعمل على تنقل تلك الكراهيات بشكل أكبر وأسرع وأكثر تأثيرا.
مع نهايات العام 2010، استخدمت وسائل التواصل الاجتماعي في العالم العربي للدعوة لتظاهرات شعبية في كل من تونس ومصر والبحرين وسوريا وليبيا واليمن وغيرها من الدول، للمطالبة بإصلاحات سياسية ووقف الفساد وغيرها من تجاوزات الأنظمة الحاكمة في تلك الدول، ونجحت أول دولتين انطلقت فيهما تلك الاحتجاجات التي ولدت على صفحات "الفيسبوك" في إسقاط رئيسين، في حين لا يزال الصراع قائما لأكثر من 7 سنوات في الدول الأخرى وبدرجات حدة مختلفة.
تنبأت حكومات الدول لدور وسائل التواصل الاجتماعي في التأثير على الجماهير، واستطاعت بفضل وفرة الأموال والإمكانيات الأخرى في استغلال تلك الوسائل في مواجهة مطالب الإصلاح، لتتحول اليوم مواقع التواصل الاجتماعي إلى مواقع للتناحر والشتم والتشهير.
تعد البحرين مثالا صارخا لاستخدام الدولة لوسائل التواصل الاجتماعي لبث الكراهيات التي تحدث عنها كاظم في كتابه كسلاح في صراع السيطرة على السلطة، فأنشأت أجهزة الدولة جيشا إلكترونيا هدفه الرئيسي ضرب الحراك المطالب بالإصلاح الذي خرج في 14 فبراير 2011 من خلال طأفنته واتهامه بالعمالة والخيانة لدول أجنبية. ولم يتوقف دور الجيش الإلكتروني عند هذا الحد، بل أصبح قاضي يصدر أوامر القبض والاعتقال، حتى أصبح العديد من النشطاء يعلم بأمر اعتقاله مسبقا وبساعات من خلال حسابات على مواقع التواصل الاجتماعي تحت أسماء "فاضحهم" و"منرفزهم"، الخ.
واستخدم هذا الجيش الإلكتروني أكثر الألفاظ بذاءة في مواجهة شارع المعارضة وصل لحد القذف والتهجم على الأعراض بشكل قذر. وضم هذا الجيش بالإضافة إلى موظفين رسميين، شخصيات معروفة على مستوى الساحة البحرينية ككتاب ونواب ومستشارين وفنانين.
اليوم وبعد مرور 7 سنوات من استخدام الدولة للتكنولوجيا ووسائل التواصل الاجتماعي في بث الكراهيات تجاه طائفة من الشعب والقوى السياسية المعارضة، انقلب السحر على الساحر، وأمسى أسد السيرك ينهش في جسد مدربه ليصرخ وجعا رئيس الوزراء ووزير خارجيته وداخليته مهددين بالتصدي لهذا "الانفلات".
إن ما حدث هو عبرة بأن "الوحوش" في نهاية المطاف تأكل من يطعمها، وإن سياسة الحكومة في نشر الكراهية بين الناس والتحريض والتشهير فيمن يخالفها مصيرها أن ترتد عليها، كما هو الحاصل نتيجة التجنيس السياسي، فكما تكونوا يولى عليكم وكم من طاغية انتهى به الأمر كما كان يفعل مع معارضيه.
*كاتب بحريني
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
التعليقات والردود التي تنشر تعبر عن رأي أصحابها، ولا تعبر عن رأي "مرآة البحرين" بالضرورة. نستقبلها على البريد التالي: editor@bahrainmirror.com