من "الحوض الجاف"... نداء الجوع للجنة الدولية للصليب الأحمر
2017-10-19 - 8:18 ص
مرآة البحرين (خاص): منذ يناير 2016 مع إعلان السلطات الأمنية في البحرين عن هروب عدد من سجناء الحوض الجاف، بدأت مرحلة جديدة داخل هذا السجن استمرت لأكثر من عام ونصف لتنتقل لاحقاً إلى سجن جو المركزي.
خلال هذين العامين تقريباً زار ممثلو اللجنة الدولية للصليب الأحمر سجناء البحرين داخل زنازينهم، ورأوا بأعينهم ما يحدث، وسمعوه بآذانهم من ألسنة السجناء الذين يأس بعضهم من الحديث أصلاً.
لدى اللجنة الدولية للصليب الأحمر اتفاقية مع سلطات البحرين تسمح لها بالتفتيش على سجون البلاد، لكن دون أن الإفصاح عن نتائج تلك الزيارات، ولا بد أن المنظمة -مقرها الإقليمي في الكويت- وصلتها النداءات تلو النداءات.
الآن، لتعتبر اللجنة هذه الكلمات نداءً جديداً من السجناء في البحرين وذويهم الذين تقطعت بهم السبل ولا يعلمون إلى أين يصلون بشكواهم، خصوصاً مع الفشل الذريع للأمانة العامة للتظلمات، ووحدة التحقيق الخاصة.
منذ عام وعشرة أشهر لم ير معتقلو البحرين الشمس. هذه ليست عبارة مجازية بل جريمة حقيقية. منذ إعلان وزارة الداخلية (يونيو/ حزيران 2016) عن حادثة هروب عددٍ من المعتقلين، قامت إدارة السجون بتحويل حياة النزلاء إلى ظلام.
انتشر الإهمال الطبي المتعمد وتسبب بموت عدد من النزلاء، آخرهم عبدالرسول حسن محمد علي الشملان (7 أكتوبر/ تشرين الأول 2017). استوطنت الأمراض داخل السجون وفُقد الدواء، ودفء الشمس في هذه البلاد الحارة بات أمنية المعتقلين.
سلاح التجويع
تبدو تلك النداءات مألوفة لدى المنظمة الدولية، لكن التجويع لم يكن متبعا من قبل لدى سلطات السجون. إن الوجبات التي تقدم إلى السجناء رديئة جدا، ولا يمكن تسميتها بالوجبة الغذائية.
ولتعويض ذلك من جيوب الأهالي، سمحت إدارة السجون أن تدخل كل أسرة شهرياً مبلغ ثلاثين دينارا لسجينها ليشتري له من الكافتيريا الخاصة بالسجن، إلا أنها قامت برفع الأسعار ووضعت ضوابط أخرى للشراء.
أصبحت الثلاثون دينارا في سوق السجن تساوي 10 دنانير فقط مع رفع الأسعار، ولا تسمح السلطات للسجين أصلاً بشراء ما يريد بحريته، بل تحدد له أيضاً كمية قليلة، وعلى سبيل المثال في شهر رمضان الماضي تمّ تخصيص كيس صغير واحد من التمر لكل زنزانة فيها 15 سجيناً، ولا يسمح للزنزانة بشراء هذا الكيس من التمر إلا مرةً كل أسبوع.
مثال آخر، تُعطى لكل سجين فاكهة، تفاحة أو برتقالة واحدة مرة أو مرتين أسبوعياً، ولا يسمح للسجين بتخزين هذه الفاكهة إذ تتم مصادرتها عند حملات التفتيش المفاجئة والمتكررة.
على مستوى التغذية الفكرية والروحية، تمّ منع إدخال الكتب للسجناء لأكثر من شهر، علماً أن إدارة السجون تسمح لكل سجين بكتاب واحد فقط.
أضرب السجناء إضرابًا عامًا خلال شهر سبتمبر الماضي، امتد الإضراب لأيام، تم تعذيب عدد من المضربين، وقالت إدارة السجن لهم إن مكانكم هو المقابر، هكذا ببساطة وكما عبر مدير سجن الحوض الجاف راشد عبدالله الشحي: "لا توجد لكم هنا حتى حقوق حيوان".
تحتاج اللجنة الدولية للصليب الأحمر، أن تقوم بدور مؤثر، فالجوع سلاح محرّم يتم استخدامه ضد السجناء، وقد لاحظ الأهالي بوضح نحول أجسام أبنائهم. لا يريد الأهالي ولا الحقوقيون بيانات تصدر من اللجنة الدولية للصليب الأحمر بل يريدون تغيير أوضاع السجناء نحو أوضاع إنسانية، طعام كاف، فتح أبواب الزنازين، فترات للمشي والرياضة تحت ضوء الشمس، إدخال عدد كاف من الكتب لكل سجين، رفع الحواجز الزجاجية التي تمنع السجناء من لمس أبنائهم واحتضان أمهاتهم وذويهم.
إنها مطالب معقولة وتقع في الحد الأدنى لشيء اسمه إنسانية.