لماذا يمنع النظام البحريني مواطنيه الشيعة من الالتحاق بالكلية العسكرية بالكويت؟
إيمان شمس الدين - 2016-03-24 - 4:56 م
إيمان شمس الدين*
يستمر النظام البحريني في منهجية تجريد المعارضين من كل مقومات الحياة، كعقاب جماعي لكل من يفكر في مواجهته والمطالبة بالمشاركة في القرار والثروات.
ورغم أن ذلك حق كفلته القوانين الدولية، إلا أن لدول الخليج كلاما ورأيا آخر، وهو ما يبين بجلاء الفرق الكبير بين مقومات الدول الحديثة وقوانينها، وبين مقومات الأنظمة القبلية ومنهجها، فالأولى عمادها الدستور والحريات والمساواة والمواطنة وقطب رحاها الإنسان.
والثانية عمادها العائلة الحاكمة بنظام وراثي والولاءات التي تحدد على ضوء القرب من السلطة واتباعها دون جدل، وقطب رحاها النظام القبلي القائم على الشرهة وتوزيع الغنائم والإغارات وإن تلبست بلباس عصري.
فلم يكتف النظام البحريني بملاحقة المعارضين داخل البحرين وسجنهم وتعذيبهم وقتلهم وتجريدهم من هوياتهم الأصيلة في انتمائها لأرض البحرين، وطردهم خارجها بل لاحقهم إلى كل جغرافيا احتضنتهم كلاجئين أو كمهاجرين.
خاصة في دول الخليج فرغم أن كثيرا منهم يقطنون في دول الخليج من زمن ممتد قبل الثورة المطلبية، إلا أن ملاحقة النظام البحريني مستمرة وغالبها على أساس مذهبي.
وبالرغم من أن بعضهم تزوج من جنسيات خليجية غير بحرينية وهو ما يسهل معاملته ومعاملة أبنائه كمكون من مكونات موطن زوجته في الخليج، إلا أن المنع أيضا يطال أبناءه من الانتساب لكليات معينة كالكليات العسكرية أو العمل في الجهات الأمنية رغم أنه خليجي، وعذرهم في الرفض هو طلب النظام البحريني بمنع قبولهم في هذه الكليات والمواقع الأمنية خاصة الشيعة منهم.
فعلى سبيل المثال لا الحصر تقدم بحرينيون من المذهب الشيعي لأمهات كويتيات للانتساب للكلية العسكرية وتم رفضهم على الرغم من استيفائهم للشروط، وحينما استفسروا من الجهات المعنية كان الرد هو نزولا عند رغبة النظام البحريني الذي طالب السلطات الكويتية عدم قبول البحرينيين في هذه الكليات.
إن عملية إحكام الطوق على رقاب المواطنين البحرينيين في كل مكان لا يمكنها إلا أن تزيد من رفض المعارضين لأي تسوية محتملة مع نظام شرس كهذا، وستتوسع دائرة المعارضين والرافضين لهذا النظام من خلال تأييد مزيد من البحرينيين الذين بالأصل لم يشاركوا في أي مظاهرات ولم يكن لهم أي موقف سياسي ضد النظام بسبب تعسفه ضدهم لمجرد انتمائهم المذهبي.
واقترح عدم سكوت المتضررين عن هذه الملاحقات والتضييقات بل عليهم اللجوء للمنظمات الحقوقية لرفع شكوى توثق سلبهم حقهم في التعليم والعمل، خاصة في دول الخليج التي أسست مجلس التعاون لأهداف أهمها استغلال الطاقات البشرية في الخليج والتشبيك بين شعوب المنطقة، وهو ما يؤكد أن المجلس هويته الظاهرية تختلف كليا عن الحقيقة التي قام من أجلها، وهي إحكام القبضة الأمنية لصالح أمن الأنظمة وتمكينها من موقعها وهو تمكين يكون على حساب الشعوب لا لصالحها.
ويتعمد النظام البحريني تجريد البحرينيين المعارضين والشيعة بشكل خاص من كل مقومات الحياة، فقد منع أغلب الطلبة خريجي الثانوية العامة وخاصة المتفوقين منهم من الالتحاق بالجامعات الداخلية أو البعثات الخارجية، وقام أيضا بملاحقتهم في الدول التي يملك فيها سلطة ونفوذا وخاصة الخليجية منها، لمنع قبولهم في تلك الجامعات مما حدا بالبعض من الطلبة هجران طموحاته والاقتناع بالعمل بأي وظيفة لتغطية مصاريف عائلته، أو اللجوء للمؤسسات الخيرية والأهلية لتغطية تكاليف دراسة بعضهم، وآخرون اضطروا للعمل والدراسة كي يستطيعوا تغطية التكاليف.
التعليم والخدمات المعيشية هي من أبسط حقوق الإنسان في أي دولة، وتجريد المواطن من هذه الحقوق على أساس سياسي من قبل السلطة والقائمين على الحكم هو من أكثر الانتهاكات خطورة كونها تدفع الأفراد المستهدفين باتجاهات خطيرة، ورغم ذلك لم نجد أي شخص بحريني لجأ للعنف في مواجهة هذا التعسف الظالم.
وبقيت السلمية الشعار الثابت للجميع سواء كانوا معارضين أو مواطنين عاديين، ولكن مع ازدياد التعسف تتقلص دوائر الحوار ويزداد الثبات والاصرار على المطالب وهو ما يزيد من مأزق النظام ويقلص خياراته.
*كاتبة من الكويت.