أجندة أحداث 10 مارس في سجن جو
2016-03-12 - 4:43 ص
مرآة البحرين (خاص): مر العام 2015 ثقيلاً على المعتقلين السياسيين القابعين في سجن جو المركزي، كان مختلفا، وكان في هذا العام ساحة من ساحات الثورة، بحد ذاته.تبدأ الحكاية مع مساء السابع عشر من فبراير/شباط 2015، وهو التاريخ نفسه الذي غدرت فيه قوات الأمن بالمحتجين المسالمين النائمين في دوار اللؤلؤة عام 2011، لكننا في 17 فبراير/شباط 2015 كنا على موعد مع هجومٍ غادر على المعتقلين في مبنى 3 و6 بسجن جو.
الأنباء أشارت حينها إلى هجوم بالكلاب البوليسية على السجناء القصّر. قال الرموز إنهم سمعوا صرخات المعتقلين والكلاب تنهش أجسادهم، وهي الاستغاثة التي أدت بهم للدخول في إضراب مفتوح عن الطعام.
وفي 24 فبراير/شباط 2015 قال أهالي معتقلي سجن جو القصّر إن إدارة السجن أبلغتهم بمنع الزيارات المقررة لذويهم، في حين أفادت رسالة من داخل سجن جو (4 مارس/آذار 2015) أن السلطات استدعت النشطاء المعتقلين ناجي فتيل، محمد السنقيس، ومحمود الحاجي للتحقيق، واتهمتهم بالتمرد وتسريب مقاطع فيديو من داخل السجن لنشطاء وجهات إعلامية في الخارج، وقالت إن القضية تم تحويلها للنيابة.
وفي 10 مارس/آذار 2015 خرجت أنباء من داخل السجن تفيد بمحاصرة قوات الأمن لمبنى رقم 4، وقال الوفاق حينها إن الوضع في السجن "خطير"، ولاحقاً اقتحمت قوات أمنية المبنى باستخدام الغاز المسيل للدموع وأسلحة أخرى، ونقلت وكالة رويترز للأنباء خبراً عن اشتباكات بين السجناء والشرطة.
وبعد يوم من الهجوم قالت النيابة (11 مارس/آذار 2015) إنها حبست امرأة من ذوي المعتقلين، اتهمتها بالاعتداء على الشرطة في السجن، وقالت النيابة في بيانٍ آخر في اليوم ذاته إنها عاينت سجن جو وحصرت المصابين من السجناء والشرطة للتحقيق معهم.
وفي 12 مارس/آذار 2015 عادت قوات الأمن لتعتدي على المعتقلين وهذه المرة في مبنى 2 عنبر 3، وخرجت إلى وسائل الإعلام صور مفزعة عن تعرض المعتقلين لإصابات، فيما اختفى ما يقارب 14 معتقل.
في 13 مارس/آذار 2015 قالت النيابة إنها حققت مع 90 ضابطاً وشرطياً في سجن جو، بينما نقل الحقوقي عبدالهادي الخواجة في اليوم ذاته لزوجته في اتصال هاتفي صورة مفزعة لما يجري داخل السجن، إذ قال إن مسيرات خرجت من سجناء جنائيين تشتم الشيخ عيسى قاسم في سجن جو، وأضاف إن أصوات التعذيب لازال الرموز يسمعونها تخرج من مبنى 10 الذي تحول إلى وكر لتعذيب المعتقلين.
ومع مرور الوقت بدأت المعلومات تظهر إلى العلن شيئاً فشيئاً. الوفاق كشفت معلومات صارت بحوزتها عن تفاصيل الهجوم وما جرى على المعتقلين، الحقوقي نبيل رجب قال إن من خرجوا من جو لانتهاء محكوميتهم باتوا يعيشون صدمة نفسية، فيما بقيت الأنباء منقطعة عن سجناء جو، والزيارات ممنوعة بتاتا.
وأكد معتقلون خرجوا بعد انتهاء محكوميتهم وكانوا شهوداً على ما جرى في السجن، إن التنكيل الذي وقع عليهم كان علي يد قوات الدرك الأردني على وجه التحديد، لقد أجبر المعتقلون على النوم في العراء، وبعد تصاعد الانتقادات وفرت قوات الأمن خيماً بلاستيكية للمعتقلين للنوم فيها، وتم منعهم من الذهاب للحمام، لتستشري الأمراض الجلدية بينهم، أما نداءات العفو الدولية وهيومن رايتس ووتش ومنظمات عالمية أخرى فلم تجد لها آذاناً صاغية لدى المسئولين.
وبدلاً من التجاوب مع الانتقادات الموجهة لها، قامت وزارة الداخلية بمحاصرة منزل الحقوقي البارز نبيل رجب واعتقلته، وأفادت زوجته في اليوم ذاته (2 أبريل/نيسان 2015) إنه اعتقل بسبب تغريداته عن الانتهاكات التي حصلت في سجن جو.
وفي 3 أبريل/نيسان 2015 قالت النيابة إن الاتصالات عادت بين المعتقلين وذويهم، إلا أن عدداً كبيراً من المعتقلين بقيت أخبارهم منقطعة، وفي 29 أبريل/نيسان 2015 أفرجت السلطات عن الممرض الدمستاني بعد انتهاء محكوميته، ليروي كشاهد عيان جزءاً من مأساة السجناء في جو.
ونقلت منظمة هيومن رايتس ووتش شهادات بعض المعتقلين الذين تعرضوا للتعذيب في سجن جو، وطالبت مراراً بإجراء تحقيق مستقل حو ما جرى.
الحقوقي البارز عبدالهادي الخواجة وجه رسالة للمفوض السامي تحدث فيها عن مأساة المعتقلين في سجن جو، وهو ما أدى إلى مطالبة المفوضية السامية (5 يونيو/حزيران 2015) بإجراء تحقيق مستقل في الأمر.
أصدرت الوفاق (1 يونيو/حزيران 2015) تقريراً عن أحداث سجن جو بعنوان "شهادات بأفواه مكسرة الثنايا"، وأصدر مركز البحرين لحقوق الإنسان تقريراً (29 يونيو/حزيران 2015) عن ما جرى في سجن جو تحت عنوان "وحشية الحكومة في السجن المركزي"، أما منظمة هيومن رايتس ووتش فأصدرت تقريراً (23 نوفمبر/تشرين الثاني 2015) حمل عنوان "هذه دماء من لا يتعاونون" وثقت فيه تعذيب المعتقلين.
النيابة بدورها وبدلاً من الاستجابة لمطالب التحقيق في ما جرى، أحالت 57 معتقلاً للمحاكمة بتهمة إحداث "شغب" في سجن جو، وحكمت محكمة بحرينية على السيدة ليلى عبدالنبي بالسجن 6 أشهر لاتهامها بالاعتداء على شرطي وشرطية في 10 مارس/آذار 2015.
أما إدارة سجن جو فاستمرت في انتهاكاتها، لقد تدهور الوضع الصحي لرئيس جمعية المعلمين مهدي أبوديب، ومنع الدكتور علي العكري من حضور عزاء والدته، ومنعت السلطات رئيس جمعية الوحدوي فاضل عباس من استلام أدويته.
فيما شاهد المعتقلون المحكوم بالإعدام عباس السميع وقد كسّرت أسنانه، الشاب المعتقل علي هارون تعرض للضرب من قبل الشرطة أثناء حديثه الهاتفي مع والدته، المعتقل علي حسن آدم شارف على فقدان بصره بسبب عدم توفير العلاج المناسب له أو السماح بالإفراج المؤقت عنه للخضوع لعلمية ترجع له بصره، الطفل المعتقل أحمد العرب يتلقى وجبات التعذيب في دورات المياه بعيداً عن أعين الكاميرات، حسن القطان تعرض لفشل كلوي بسبب التعذيب الشديد والحرمان من العلاج، المعتقل علي صنقور شوهد محمولاً بسبب كسر في الحوض تعرض له بعد أن نسيه المعذبون معلقاً لفترة طويلة، المعتقل السيد أحمد سيد ماجد تعرضت يده للكسر بسبب التعذيب، الطفل المعتقل محمد الشمالي تعرض لجرح غزير في رأسه بسبب التعذيب الوحشي، وتم خياطة الجرح أكثر من ثلاث مرات لأنه كان ينفتق بعد كل خياطة بسبب استمرار التعذيب، قيس عباس فقد سمعه من شدة التعذيب، و شقيقه الطفل مبارك عباس أصيب في رأسه وضعف بصره، ورجله المسنودة بالحديد تعاني من انتفاخ جعله غير قادر على الوقوف بسبب ما تعرض له من تعذيب وحشي.
لم يكن من ذكروا هم الوحيدين الذين تعرضوا للتعذيب والانتهاكات وعانوا من الإهمال الطبي، بل هناك المئات مثل هؤلاء يرزحون في السجون وحكاياتهم لم ترو بعد، وبالتأكيد فإن التعذيب لم يتوقف، وقد وعد الضابط ناصر بوبخيت السجناء يومها وقال لهم "الإعلام سينساكم قريباً، وسنستمر في تعذيبكم".
لقد لخص معتقل في سجن "جو" ما حدث بكلمة واحدة، حينما واجه القاضي الظهراني (22 مايو/أيار 2015) وخاطبه بالقول: لقد تحول سجن جو إلى سجن "أبو غريب".
لأن سجناءه هم "أعداء" النظام، فهو "أبو غريب" وهو "غوانتنامو"، لكنّه في البحرين!