ما الذي تكشفه تقنية مبتكرة للمسح عن الرّأي العام في البحرين؟

جامعة تورنتو، صحيفة الواشنطن بوست - 2016-03-10 - 5:52 م

ترجمة: مرآة البحرين

أعدمت السّعودية 47 سجينًا في 2 يناير/كانون الثّاني، بمن في ذلك الشّخصية الشّيعية البارزة نمر النّمر. وقد سبّب الإعدام انقسام الآراء في المنطقة، مثيرًا احتجاجات غاضبة ومُبَلوِرًا خطابًا طائفيًا. لكن ما الذي نعرفه حقًا عما شعر به الجمهور الأكبر بشأن هذا الحدث المثير للجدل؟ كيف كان شعور الجمهور، في البحرين المجاورة، بأغلبيته الشّيعية، حيال إعدام مثل هذه الشّخصية الشّيعية البارزة؟

المسوحات العلمية للرّأي العام هي عادة وسيلة لتجاوز القراءات الانطباعية للمواقف الشّعبية. ولكن لا يمكن لمسح عادي للرّأي العام سؤال البحرينيين عن رأيهم بهذا الموضوع. البحرين، خاصة منذ العام 2011، كانت من أكثر البلاد صعوبة في المنطقة أمام إجراء مثل هذا البحث الدّقيق والحساس. ما زالت الحكومة تقمع الاحتجاجات -في الشّهر الماضي وحده، اعتُقِل أربعة صحافيين وأُفرِج عنهم لاحقًا، على خلفية تغطيتهم للتّظاهرات في الذّكرى الخامسة للانتفاضات العربية.

للرّد على مثل هذه التّحديات، لجأ فريقنا في جامعة تورونتو إلى مسحين مبتكرين مع البحرينيين الذين سمحوا لنا بقياس ثقة البحرينيين بالمؤسسات السّياسية بشكل مجهول، والآراء بشأن القضايا المثيرة للجدل والمواقف تجاه حرية التّعبير. وقد تطرق المسحان إلى إعدام الشّيخ النّمر: وأُجرِي أحدهما في الخريف والثّاني في يناير/كانون الثّاني.

كيف تمكنّا الوصول إلى الشّعب البحريني؟ لقد جمعنا بياناتنا بالشّراكة مع ريوي، وهي شركة لبحوث التّكنولوجيا، مركزها تورونتو، تستخدم طريقة تسمح لنا بالوصول إلى المجيبين وإجراء المسح في أي بلد أو أرض لدهما إنترنت في العالم. ويجري ذلك من خلال استهداف المستخدمين الذين يكونون متصلين بالإنترنت من خلال الكتابة مباشرة في شريط عناوين المتصفح. عند حصول أخطاء، مثل أخطاء الطّباعة أو محددات مواقع المعلومات من دون علامات تجارية، يصل المستخدمون عادة إلى مواقع تقدم إعلانات أو مواقع غير موجودة (على سبيل المثال "هذه الصّفحة غير موجودة").  عندها، تتم تصفية المستخدمين من خلال مجموعة من خوارزميات الملكية -بما في ذلك اللّغة المُطبَقة- ويتم وصلهم بعد ذلك بمسح مناسب. يمكن تأمين أي معلومات، ولكن عادة لا يحصل ذلك، لتجنب الانحياز المحتمل في الإجابة.

تغطي عيّنتنا كل مستخدمي الإنترنت في البحرين، أي ما يقرب من 91 بالمائة من البالغين. ونظرًا للمنطق العشوائي في طريقة اختيار العينة هذه، يجب تعميم النّتائج أدناه على الجزء البالغ والأوسع نطاقًا من السّكان في البحرين.

المجموعة الأولى من الأسئلة طلبت من البحرينيين إبداء رأيهم العام حول توجه البلاد. الاختلافات الطّائفية انت ماثلة بوضوح أثناء الموجة الأولى للمسح في شهري أكتوبر/تشرين الأول ونوفمبر/تشرين الثّاني. وعندما سألنا المجيبين عما إذا كانوا يعتقدون أن البحرين كانت في المسار الخاطئ، قال 17 بالمائة من السّنة أنها تفعل ذلك، في حين شعر 50 بالمائة من الشّيعة بذلك.

وعلى نحو مأساوي، أثر إعدام الشّيخ النّمر على آراء كل من السّنة والشّيعة. فارتفعت نسبة البحرينيين الشّيعة التي تُظهِر أن البحرين كانت تسلك مسارًا خاطئًا، إثر عملية الإعدام، في يناير/كانون الثّاني، إلى 71 بالمائة، ما يعني ازديادًا يقرب من 21 نقطة في النّسبة المئوية. وكان هناك ازدياد أيضًا، وإن كان أصغر بكثير، لدى السّنة، إذ ارتفعت النّسبة لتبلغ 27 بالمائة بعد أن كانت 17 بالمائة.

التّصاعد في التّقييم السّلبي لتوجه البحرين يبدو مرتبطًا بالاعتقادات بشأن إعدام النّمر. حين سألنا المجيبين إذا كانوا يوافقون أو لا على إعدام النّمر (أو ما إذا كانوا غير أكيدين من موقفهم)، وجدنا أن 81 بالمائة من أولئك الذين لم يوافقوا على قرارالسّعودية بإعدام النّمر يعتقدون أيضًا أن البحرين تسلك أيضًا مسارًا خاطئًا. وفقط 27 بالمائة من أولئك الذين وافقوا على الإعدام أو كانوا غير أكيدين من موقفهم شاركوا ذلك الرّأي.

وكانت هذه الاختلافات بين فئات عمرية مختلفة صارخة تقريبًا بمدى بروز الاختلافات الطّائفية. فبين كل من المجيبين الشّيعة والسّنة، كان أولئك الذين يبلغون من العمر 35 عامًا أو أقل، بشكل كبير، يميلون إلى الاعتقاد بأن البلاد كانت تسلك مسارًا خاطئًا. ومن بين لأولئك الذين تجاوزوا الـ 35 عامًا، يعتقد 40 بالمائة بأن البلاد تسير في الاتجاه الخاطئ. بالّنسبة للسّنة البحرينيين، 20 بالمائة من أولئك تحت الـ 35 عامًا يعتقدون أن البلاد تسير في الاتجاه الخاطئ. ومن بين السّنة الأكبر عمرًا، امتلك فقط 12 بالمائة منهم هذا الشّعور.

التقديرات

الصّورة رقم 1:  التّقديرات بأن البحرين تسير في الاتجاه الخاطئ تزايدت لدى كل من المجيبيين السّنة والشّيعة بعد إعدام الشّيخ نمر النّمر

 

ويبدو أن العواقب المترتبة عن الإعدام كان لديها آثار مهمة على التّفضيلات بشأن السّياسة الخارجية الأوسع نطاقًا. ففي عقب الإعدام، سألنا المجيبين عما إذا كان يتوجب على البحرين إنهاء التزاماتها الدّبلوماسية مع السّعودية و/أو إيران. والاختلافات الطائفية كانت واضحة: 75 بالمائة من المجيبين السّنة يعتقدون أنّه يتوجب على البحرين قطع علاقاتها الدّبلوماسية مع إيران. وفقط 14 بالمائة من البحرينيين الشّيعة يشاركونهم هذا الرّأي. والعكس صحيح في حالة العلاقات الدّبلوماسية مع السّعودية: 43 بالمائة من المجيبين الشّيعة يعتقدون أنّه يتوجب على البحرين قطع علاقاتها الدّبلوماسية مع السّعودية. وفقط 15 بالمائة من المواطنين السّنة يشاركونهم هذا الرّأي.

ويبرز انقسام مماثل بشأن التزام البحرين في عملية عاصفة الحزم، وهي الحملة العسكرية التي قادتها السّعودية في اليمن. في الخريف، دعمت أغلبية من المواطنين السّنة (63 بالمائة) التّدخل في اليمن، في حين كان لدى 10 بالمائة فقط من الشّيعة الموقف ذاته. بالنّسبة للمجيبين الشّيعة، فقد كان من المُرجّح أن يميل أولئك الذين كان لديهم تقديرات سلبية أكثر بخصوص إيران و/أو إيجابية أكثر بشأن السّعودية إلى دعم التّدخل. بالنّسبة للشّيعة، فإن الآراء بشأن إيران كانت غير مرتبطة بالآراء بشأن التّدخل، ولكن المشاعر السّلبية تجاه السّعودية كانت مرتبطة بوضوح بمعارضة التّدخل.

الاعتقادات

الصّورة رقم 2: الاعتقادات بأنه يتوجب على البحرين مواصلة العمل مع التّدخل السّعودي في اليمن هي أقل لدى أولئك البحرينيين الذين يعتقدون بأن إعدام السّعودية للشّيخ نمر النّمر كان خطأ. البيانات تم الحصول عليها من ميدان رقمي عام (DPS) في البحرين وأُخِذت في يناير/كانون الثّاني.

وتزامن إعدام الشّيخ النّمر مع ازدياد دعم التّدخل في اليمن. ازدادت نسبة المجيبين السّنة الذين عبّروا عن دعمهم للتّدخل من 63 بالمائة إلى 90 بالمائة من الخريف إلى يناير/كانون الثّاني. ويبدو أن الدّعم لدى الشّيعة ازداد أيضًا، على الرّغم من أنّه لم يكن بشكل فعلي (من 10 بالمائة إلى 22 بالمائة). ومجددًا، نجد علاقة بين الآراء بشأن الإعدام وهذه التّفضيلات. ومن بين أولئك الذين لم يوافقوا على الإعدام، فقط 11 بالمائة يدعمون مساعدة السّعوديين في عملية عاصفة الحزم. وهناك تمامًا 67 بالمائة من أولئك الذين لم يعبروا عن عدم موافقتهم على الإعدام يدعمون التزام البحرين في هذه المهمة.

منذ خمس سنوات مضت، شهد الرّبيع العربي انتشار الاحتجاجات في شمالي أفريقيا وامتدادها إلى شبه الجزيرة العربية. وقد أطاحت تلك الاحتجاجات بحكومات وأخافت تلك النّاجية منها. وقد أوضحوا أيضًا أن الأحداث في بلد واحد يمكن أن يكون لها عواقب مهمة على الرّأي العام في بلد آخر، وتستطيع إثارة النّعرات الطّائفية. يمكن للتّقنيات المجهولة للمسح السّماح لنا بقياس درجة هذه الآثار، حتى في المجتمعات التي تُقَيّد فيها المعلومات.

*جانيس ستاين هي أستاذة في جامعة بيرلزبيرغ لإدارة النّزاعات في قسم العلوم السّياسية ومدير مؤسس  لمدرسة مونك للشؤون العالمية في جامعة تورنتو.

*فرحان لادهاني هو مدير الشّراكات وعلم البيانات في الميدان الرّقمي العام (DPS)

*بيتر لوين هو أستاذ مساعد في قسم العلوم السّياسية في مدرسة مونك للشؤون العالمية في جامعة تورنتو.

ستاين، لادهاني ولوين مشاركون جميعهم في الميدان الرّقمي العام، وهو مشروع واسع النّطاق تحتضنه جامعة تورنتو، وهو يستخدم أدوات مبتكرة لفهم أفضل للمساحة الرّقمية الدّقيقة، ولتطوير منتديات تخلق فرصًا للحوار والالتزام.

التّاريخ: 4 مارس/آذار 2016

النّص الأصلي    


التعليقات
التعليقات المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع

comments powered by Disqus