» رأي
نعم -لا ولا – نعم!!
أحمد البوسطة - 2012-01-27 - 1:02 م
أحمد البوسطة*
"كل مسألة محددة حيث توجد صفة معينة لموضوع معين ينبغي أن يجاب عليها بنعم أولاً. وهذا لا يقبل الجدل، ولكن كيف يستطيع المرء أن يجيب عندما يكون الموضوع متغيّراً، عندما يكون قد انفصل عن الصنعة المعينة أو إنه ما يزال يكتسبها؟ لا حاجة إلى القول إنه لا بد من جواب محدد هنا أيضاً، ولكنّ النقطة هنا أن هذا الجواب لن يكون محدداً إلا إذا كان قائماً على الصيغة: "نعم - لا ولا- نعم".....(جيورجي بليخَانوف ـ المؤلفات الفلسفية)
استطلاع رأي حول الرافضين والمؤيدين للصراع الطبقي والثورة ضد الطبقات الحاكمة وضرورة التغيير الاجتماعي الجديد وإمكانية تحقيقه عبر إقناع الحاكم بالتغييرات، حيث جاءت "تتويتة" عبر شبكة التواصل كما يلي:"هناك من يرفض الثورات والصراع الطبقي ويعتبر أن النظام الاجتماعي الجديد يمكن تحقيقه إذا ما نجح هذا البعض في إقناع الطبقات الحاكمة بضرورة هذه التغييرات..ما رأيكم؟".
المفارقة، إن الإجابات من عدد كبير جداً وبأشكال متنوعة رفعت الحجاب الذي لفه السائد به، والذي هو الآخر يحتاج إلى تغيير بمنطق حركة الأشياء في داخلها كما الحقيقة الثورية، وليست "الثُووووووية".
أسارع إلى القول: "إن حمل الأفكار الجميلة سهل، لكن المهم، والأصعب أن نجد وسائل لتحقيقها"؛ تماماً كما يتوافق والقول:"ليست الحركة كل شيء والهدف لا شيء!!"، واليساريون يحفظون قولاً مأثوراً عن ظهر قلب مفاده:"لا حركة ثورية بدون نظرية ثورية!!"، ويرددون مقولتهم الشهيرة:"إن أي حركة ثورية أفضل من دستة برامج، ولكن إياكم والتنازل النظري!!".
على كل حال، أحاول هنا أن أوجز باختزال شديد بعض إجابات الرأي حول إمكانية إقناع طبقات الحكام بالتغييرات لتحقيق نظام اجتماعي جديد، حيث وجدت أن هناك شبه إجماع يسخر من مثل هذه الإمكانية ليقتنع الحاكم بالتغيير، أو بلغة العصر:المشاركة في اقتسام الحاكم وشعبه الثروة والسلطة وتحقيق العدالة الاجتماعية والديمقراطية الحقيقية واحترام حقوق الإنسان وما إلى ذلك من أفكار جميلة وإنسانية.
أحدهم قال:تحلمون، آخر "في المشمش حكامنا يتغيرون"، في "عيد البش"، "عشم إبليس في الجنة"، "متمسكون بالسلطة وكأنها تكليف إلهي"، "كمن يقنع النملة بأنها فيل، والفيل بأنه نملة!!"، "إذا نجحوا في إقناع الثُور بأنه ثُور"، "سذاجة ثورية"، وأما المدّون والناشط فاضل خليل فكتب يقول: "رأي وجوابي بسيط جداً..سدُّووووووووها!!"، وعلق آخر:"مو المثل يقول يا من شرا له من حلاله علة واشلون وهو من حرامه عله؟!".
- الشيخ فاضل الزاكي اعتبر إن "إقناع زعماء المافيا العالمية بالتنازل عن ثرواتهم أسهل ألف مرة من إقناع زعماء الأنظمة العربية بترك السلطة!!"، يضيف آخر:"لو كان ذلك، لكانت سياسة فرعون إلى اليوم تحكمنا بفرعنتها..إقناعهم صعب!!"
- وليد النعيمي، ابن المناضل الكبير المرحوم عبد الرحمن النعيمي كتب يقول: "في ظل نظام الطبقات الحاكمة لا وجود لأي نظام آخر، فبمجرد البدء في المطالبة بالتغييرات هو بحد ذاته ثورة على النظم الشمولية"، في حين إن أحد "الفكاهيين"، ذكرني بشعر عبثي (من الدادائية) قائلاً: اسمع يا صديقي، "إذا شاهدت ثلاث بقرات يلعبن الشطرنج على أعمدة التلغراف، سأقتنع بأن الطبقات الحاكمة ممكن إقناعها بالتغييرات!!"، فقلت له: "تصوّر إن نملة عشقت فيلاً وحملت منه رغم عشق الفيلة حرام على النمل؟!!".
- أحد المتفائلين جداً كتب: "على الطبقات الحاكمة أن تلتفت بسرعة وتبادر بترك السلطة للشعب وتكتفي بما جمعته من ثروة بدل أن يكون القانون الإلهي هو الحكم الفاصل"، بينما مغرد "متحمس"، لثقافة الدم، للثورة، أو كافر بهما وبالمجتمع قائلاً:"أن تقوم بثورة ضد طاغوت متجذر لا بد أن تكون قاسياً حتى مع أقرب المقربين وإلا خلكم في أفلام الخيال"، معتبراً السلمية سخفاً..خلكم عن الثقافة والهرار!!.
من خلال ما تقدم من نماذج، ثمة كثيرون منا يفكرون على هذا النحو أو ذاك، لإصلاح ما يمكن إصلاحه، أو إنقاذ ما يمكن إنقاذه بالتغيير الراديكالي أو الإصلاحي، ولو تتبعنا حركة المتغيرات للحركات والانتفاضات منذ عشرينات القرن الماضي حتى وصلت ذروتها في 14 فبراير/شباط 2011 إلى يومنا هذا تأخذ منحى تصاعدياً، والمواضيع والظواهر تتغيّر والإجابات عليها لم تعد تكفي لإقناع الناس بـ"نعم ـ نعم ـ لا ولا" كما يطرح المثاليون والسذج!!، وبحسب أخينا "البني جمري"، الذي يُفضِل أن نسميه عبد الله بن سلمان، وهو مغرق في عشق الديالكتيك:إن التراكمات الكمية دائماً تؤدي إلى تحولات نوعية.. السلطة تراكمت أخطاؤها ومعالجاتها غير قابلة للوثوق بها، أو حتى الاكتراث بما تقول أو تروّج..جل البحرينيين يقولون لها:كفى وفي طليعتهم الفنان أنس الشيخ.