نكتة وزير الخارجية و"سفه" وزير العدل: صحيفة الوسط أغلقت لأنّها لم تسم قتلى تفجير "عسير" بـ"الشهداء"!
2015-08-08 - 8:14 م
مرآة البحرين (خاص): في أول تعليق من مسئول بحريني على قرار إغلاق صحيفة الوسط، قال وزير الخارجية البحريني خالد بن أحمد آل خليفة إن القرار جاء بسبب قيام صحيفة الوسط بنشر خبر عن تفجير "عسير"، لم تطلق فيه على الضحايا مسمى "شهداء" واكتفت بتسميتهم "قتلى"!
الوزير، قال على حسابه في تويتر "حين نحارب أعداء الأمة، و يأتي من يعتبر شهداءنا "قتلى"، فلنا معه وقفة. احترموا انفسكم والتزموا بالمهنية والمصداقية ولا تكيلوا بمكيالين"، ورد على استفسار أحدهم إن كان هذا هو السبب فعلا في إغلاقها بالتأكيد.
حين نحارب أعداء الأمة ، و يأتي من يعتبر شهداؤنا “ قتلى” ، فلنا معه وقفة . احترموا انفسكم و التزموا بالمهنية و المصداقية و لا تكيلوا بمكيالين
— خالد بن احمد (@khalidalkhalifa) August 7, 2015
وزير العدل البحريني خالد بن علي آل خليفة، المعروف بخصومته الشديدة والعلنية مع رئيس تحرير صحيفة الوسط منصور الجمري، لم يعلّق على قرار إغلاق الوسط، لكنّه قام بإعادة نشر تغريدة وزير الخارجية، في تأييد صريح.
ماذا يمكن ان نصف كلامك عندما تصف شهدائنا بالقتلى رغم انهم كانوا ساجدين في صلاة الجماعة وماتوا و هم بين يَدَيْ خالقهم pic.twitter.com/bhnBAuXMIc
— محمد العرب / بو عمر (@malarab1) August 6, 2015
قبل إغلاق الصحيفة، كان مغرّدون موالون للنظام، وإعلاميون يعملون بالتنسيق مع جهاز المخابرات (على رأسهم محمد العرب)، قد شنّوا هجمة منظّمة ضد صحيفة الوسط، بعد تداولهم على نطاق واسع، صورة تحمل عنواني خبرين نشرتهما الصحيفة، أحدهما يسمّي ضحايا تفجير القديح بالشهداء، والثاني يسمي ضحايا "عسير" قتلى.
ويبدو أن السلطات، ظنّت أن هذه "الثغرة" يمكن أن تستخدم كحجّة مناسبة للتذرّع ولو شكليا، في تبرير القرار، خصوصا بعد أن أشاعت (وبشكل مصطنع) موجة من السخط والقدح في الوسط، على ألسنة الموالين في مواقع التواصل الاجتماعي.
نكتة الوزير
الحجّة المضحكة استقبلت بمزيد من السخرية، وبانتقادات لاذعة، اعتبرت أن السلطات عرّت نفسها تماما، وكشفت عن نوايها الواضحة في إسكات (الوسط) التي تعتبر الوسيلة الإعلامية المستقلة الوحيدة في البلاد.
حين لا يوجد عذر ولا تبرير، فأن تسكت أفضل من أن تهذي.
تلقّى وزير الخارجية سيلا من الردود، كان أهمّها فيديو وثّق فيه مغرّد أن صحيفة الوطن، هي أيضا بثّت خبر تفجير "عسير"، بذات الصيغة، بل كتبت "وفاة" ولم تكتب "استشهاد"، لكنّها عادت ومسحت التغريدات كما توقّع. في حين وضع مغرّدون آخرون صورا للصحف الأخرى وهي تسمّي ضحايا تفجيرات القديح والكويت بـ"القتلى"، وتتحفّظ على إطلاق مسمّى شهداء عليهم.
وزير الخارجية البحريني لم يستطع التعليق على هذه الردود وتجاهلها تماما. وفي حين اعتبر البعض ذلك موقفا شبه رسمي، تهرّبت وزارة الإعلام من تبنّيه، رأى ناشطون أن الوزير انساق وراء فبركات، تجنّت على الصحيفة، إذ إن الخبر الذي نشرته هو نص مادة خبرية صادرة عن وكالة الأنباء الفرنسية، لم يتم تعديلها.
مغرّدون لم يصدّقوا أن تستخدم الحكومة هذه الحجّة المضحكة. هذه حجّة لا يمكن أن تفتح جدالا. "اذهب وابحث لك عن حجّة أخرى" تستطيع أن تصمد ولو قليلا!
كان "عذرا أقبح من فعل" كما يقال، ورّط السلطات في دم الوسط، أكثر مما هي متورّطة. لمن يمكن أن تسوّق مثل هذا التبرير، للداخل، أم للخارج؟ هل يمكن لأحد أن يصدّق أنّه قادر على فعل ذلك؟ كم كانت فكرة مضحكة!
دبلوماسية الوسط
سياسة الوسط في الفترة الأخيرة، كانت دبلوماسية جدا. لم يكتب أحد ضد "الحرب السعودية في اليمن"، وكان أقصى ما يمكن إظهاره هو الآراء الدولية المؤيدة للحل السياسي، كانت هناك حفلة زار جاهزة، لكل من يجرأ ولو على "معارضة" الحرب، كما حدث مع نبيل رجب. اتّقت الوسط هذا "الزار".
وفي "تفجير سترة"، أدان رئيس تحرير الوسط منصور الجمري، التفجير علنا، مرة في بيان مشترك لرؤساء تحرير كل الصحف المحلّية، ومرّة أخرى على صدر الصفحة الأولى.
لم تعط الوسط ثغرة للسلطات لا في هذا الحادث، ولا في غيره، والأكثر من ذلك أنّها تبنّت حملة "مراجعة"، تدعو لتغيير منهجية المعارضة، جعلت منها محط انتقادات شديدة، من تيار المعارضة. كان آخر ما أثار هذه الانتقادات، هو اللقاء الذي عرضته الصحيفة مع نبيل رجب، واستبشر فيه خيرا، بنوايا النظام!
رد الفعل: بالمقلوب!
كل شيء كان بالمقلوب. فالحكومة، عبر صحفها الصفراء (الناطق غير الرسمي باسم الحكومة، والتي تحرّكها بشكل منظّم كلّما رأت بأنّه لا يمكنها الحديث علنا)، شنّت هي الأخرى هجوما على الوسط، بسبب حملة "المراجعة"، وكذلك بسبب اللقاء مع نبيل رجب: ولكن من باب التخوين والتشكيك والتدليس. بسبب أو بغير سبب، ظلت الصحف على مدار الفترة الأخيرة، تهاجم الوسط، ونبيل رجب، والمعارضة بالطبع. تهاجم حتى إداناتهم لتفجير عسير، أو لتفجير سترة. لم تعجبهم هذه الإدنات وكان من حقهم بالطبع أن لا يقبلوها.
لم يرضهم كل القمع والإقصاء الذي يعمل تحته هؤلاء، كان لا بد من المزيد!
لم تعط وزارة الإعلام أية توضيحات، أو حتى إشارات، إلى سبب إغلاق الصحيفة. قالت فقط إنها كررت نشر ما يثير الفرقة بالمجتمع ويؤثر على علاقات البحرين بالدول الأخرى. كانت الوزرة قبل 3 أيام فقط قد وجّهت إنذارا للصحيفة بسبب مقال للصحافي هاني الفردان، زعمت أنّه تضمّن معلومات غير صحيحة.
الوسط في اجتماع الحكومة
تبيّن أن موضوع الوسط نوقش داخل اجتماع الحكومة يوم الإثنين الماضي، بحسب تصريحات وزير الإعلام، الذي أعلن أن الحكومة تتوجّه لاتخاذ إجراءات قانونية حيال "وسائل إعلام محلية"، في إشارة إلى الصحيفة.
لم تعد الحكومة تتحمّل وجود صوت (الوسط) أكثر من هذا. لم تعد تتحمّل أن ترى أخبارا على صدر الصفحة الأولى عن اعتقال قيادات المعارضة، ومحاكماتهم، ولا أن تكون هناك اتّهامات مباشرة لها على الصفحة الأولى بالتمييز في البعثات ضد الطلاب الشيعة، أو بتدمير اقتصاد البلاد، وجعل أعداد كبيرة تعيش تحت خطر الفقر.
قلنا إن النظام دشّن حملة "ما بعد الانتخابات" باعتقال الشيخ علي سلمان، إغلاق الوسط هو ضمن هذه الحملة السياسية أيضا، بل هو للمضي في هذه السياسة دون ضوضاء.
الخطة تستدعي أن يغلق باب الوسط. الحكومة كانت عازمة، ومستعجلة، وبقيت الذريعة (السبب المباشر): هل تكون مقال (هاني الفردان) عن زيارة نوّاب بحرينيين لمنظّمة مجاهدي خلق ودعمهم لثورة مسلّحة ضد إيران، أم تكون المقالات التي هاجمت تيّارات الموالاة، السلف، الإخوان، وتجمع الوحدة الوطنية، أم تكون تسمية ضحايا تفجير "عسير" بـ"القتلى"!
كان الأخير، خيار عبقريا!
سفه وزير العدل
@Khaled_Bin_Ali من السفه استخدام مصطلح ليس له علاقة بفكر او موقف
— Mansoor Al-Jamri (@MANSOOR_ALJAMRi) May 31, 2015
ولكن، من اتّخذ قرار إغلاق الصحيفة؟ هل يمكن أن يكون شخص آخر، سوى وزير العدل، الذي كان صباح كل يوم، ما إن ينهي قراءة مقال منصور الجمري، حتى يذهب إلى تويتر ليصفه بالسفيه!
هل شفى هذا القرار غليل وزير العدل، الذي لم يكن ليتحمّل جرأة منصور في الرد عليه بالمثل؟ هل أراح ذلك جناح (الخوالد) الذي ينتمي إليه، والذي وضع الوسط في دائرة الضوء حتى في تقرير البندر، والذي ينفّذ الآن، بدعم من رئيس الوزراء، سياسة ما بعد الانتخابات؟
السَّفَه هو "سرعة الغضب، والطَّيش مِن يسير الأمور، والمبادرة في البطش، والإيقاع بالمؤذي، والسَّرف في العقوبة، وإظهار الجزع مِن أدنى ضررٍ، والسَّبُّ الفاحش".
السفيه "إذا ضحك نهق" كما يقال. الوزيران وكثير من أتباعهم، ضحكوا وصفّقوا وشمتوا، لا يعرفون أن الموقف الذي وضعوا أنفسهم فيه، في اتخاذ هذا القرار تحديدا، ضد هذه الصحيفة تحديدا، في هذا الوقت تحديدا، هو ما يثير الضحك ويدل على السفيه.