حمار الملك
2015-07-29 - 8:46 م
مرآة البحرين (خاص): يُحكى في طرائف "جحا" أنّ ملكاً طلَبَ منه تعليم حماره الكلام وإلا فسيقتله. وافق "جحا" شريطة قبول الملك جعل الحمار بحوزته عشرين عاماً. ذُعرت زوجته حين علمت بالأمر: أهناك حمار يتكلم؟ علق جحا: لاتخافي، إنها عشرون عاماً، فإما أن يموت الحمار أو أموت أنا أو يموت الملك. يشبه حمار "جحا" مستشار الملك البحريني لشئون الإعلام نبيل يعقوب الحمر. نحو العقدين تحاول الدولة تمرينه على الكلام الذرْب عبر توريطه في نظام البيروقراطية الخاص بها علّه يفهم ويتربّى.
هناك حكمة قديمة في علم الاجتماع: أن الدولة - كائنة ما كانت سيئة - عملية عقلانية. لكنّ الحمر استثناء. عبثاً فلسانه لا يقطرُ إلا القاذورات.
لقد مُنح مبنى مجانياً ضخماً لتأسيس صحيفة، وجُعل وزير إعلام لسنوات، وقُدّر له أن يصبح مستشاراً إعلاميا للملك. غير أنّ كل تلك المناصب التي مهمتها صناعة الكلام في الأساس، لم تعلّمه لباقة نظْم كلمتين طيّبتين وراء بعض. إنه حمار بكلّ معنى الكلمة. أهناك حمار يتكلّم؟
من قال لكم ذلك! ها هوذا قد تكلم أخيراً. أمس فقط (28 يوليو/ تموز 2015) تفتقت عقليّة المستشار النابغة عن معاجز. لقد وَجَد الدواء لأزمةٍ عويصة استعوَقت على الأيام. "لماذا لانسمّي الأشياء بأسمائها. هذا إرهاب طائفي شيعي". قال ذلك تعليقاً على حادثة سترة؛ كما لو أنه فكّ لغز الدهر. ما شاء الله. خمس سنوات بالتّمام تاه فيها ملكُ الغبار بين ألف رأي ورأي. قائل يقول "حوار" وآخر "تطبيق القانون" وآخر "تسوية في الإقليم". بينما ها هي عشبة الترياق ترقد سعيدة بين يديّ مستشاره الفلتة. بسيطة، لقد فُرجت.
لم يكن ناقصاً الأمر إلا "شيعة" إذاً. "البحرين تتعرض لإرهاب طائفي شيعي. هذا هو الواقع وعلى الجميع سنة وشيعة محاربته". هوبّا، الليبراليّ المشعّ الجديد أتى بالحل: الشيعة إرهابيّون؛ لكن رغم ذلك عليهم أن يحاربوا الإرهاب! سجّلوها براءة اختراع للمستشار الذكيّ. أيّ أرسطو أيّ سقراط!
كل محاولات تأهيله "إلى أخلاق الدولة" آلت إلى فشل. لقد سُلّم رئاسة أمناء معهد التنمية السياسية. وجُعل له أخٌ "وزيراً على وزارة" وأخٌ آخر أعجم اللغة أسطورة في الغباء "رئيساً على رأس صحيفة". لكن عبثاً؛ إن كل المهارات التي تعلمها مالك "الأيام" و"المنامة برس" و"الأخوين نجيب"، من بعد كل الرّحلة الطويلة التي ناهزت عقدين في المناصب؛ هي خليطٌ من الحمق والوقاحة. لقد خاطب زعيم الشيعة في البحرين قائلاً "الدعيّ عيسى قاسم". وحين سئل عن مطالبات المعتصمين في دوار اللؤلؤة العام 2011 عرض صوراً لواقيات ذكرية وملابس داخلية نسائية وعلّق "من ليالي الأنس والمتعة في الدوّار".
أهناك حمار يتكلم؟ بلى، ويأكل الكنار أيضاً! لاتخافوا، إنها عشرون عاماً فقط، فإما أن يموت الحمار أو يموت جحا أو يموت الملك!