» تقارير
ورطة زينب الخواجة
2011-12-16 - 10:41 ص
مرآة البحرين (خاص): لماذا ورطة؟ هل هي ورطة لأنها ابنة الحقوقي عبد الهادي الخواجة المحكوم عليه ظلماً والذي يعاني من 4 كسور في وجهه وفكه جراء ما تعرض له من تعذيب وحشي؟ هل هي ورطة لأن كلاً من والدها وزوجها وعمها وزوج أختها معتقلون في السجون ويخضعون لأحكام أصدرتها محاكم عسكرية فقط لأنهم عبروا عن آرائهم؟ هل هي ورطة لأنها ناشطة حقوقية وتتواصل مع عدد من المنظمات الحقوقية العالمية دون كلل أو تعب؟ هل هي ورطة لأنها تتحرك بجرأة وتفضح بلا خوف ولا تردد؟ هل هي ورطة لأنها كأبيها عنيدة ولا تنكسر ولا تلين أمام حقها في الاحتجاج؟ هل هي ورطة لأنها أضربت عن الطعام، واعتصمت، وصرّحت، في فترة هي أسوأ فترات القمع خلال أشهر السلامة الوطنية، وأوصلت قضية والدها لكل العالم؟ هل.. حتماً هي ورطة كما أسمتها الكاتبة باسمة القصاب في تغريدتها أمس تعليقاً على اعتقالها "كم أنت ورطة، كم هم في ورطتك".
هي ورطة لكل الأسباب السابقة، وورطة لأنها لا تزال تجترح أفعالاً تورط رجال الأمن، وتجعلهم عاجزين عن التصرف أمامها. لأنها جلست أمس الخميس 15 ديسمبر، داخل الدوار المقابل لمجمع (كاونتري مول) في شارع البديع، مشاركة في الاعتصام المقرر تنفيذه، والذي تم قمعه بوحشية مفرطة. في وسط الدوار جلست زينب مثل وتد راسخ. فرّ المعتصمون القريبون منها بعد أن واجههم مرتزقة الأمن بتصويب مباشر من الغازات الخانقة. لكنها بقت متربعة فوق الأرض. لم يهزها صولات مرتزقة الأمن حولها، ولم يرعبها صراخهم، ولا غازاتهم الخانقة التي صوبت نحوها بشكل مباشر (1).
هي ورطة، لأنها جعلت الجميع يدور حولها دون أن يعرف كيف يتصرف، قبل أن تُستدعى لها شرطية نسائية، تروح وتجيء عليها فيما يبدو أنها تهددها كي تغادر من مكانها، لكن وتد زينب ثابت لا يتزحزح، تأتيها تلك بالـ(هاف كري)، تقيد يدها، وزينب متربعة مكانها، تروح وتجيء تهدد وتتوعد. المشهد المصور يظهر حجم ورطة الشرطية وعدم قدرتها على التعامل مع وتد زينب. يتم الاستعانة بشرطية أخرى، تبدو هذه الأخيرة في خشونة الرجل لا في سيماء حركة الأنثى، تهجم بعنف نحو زينب، تغلق فمها كأنها تريد خنق أنفاسها، تسحبها من حجابها بوحشية، تلوح بجسدها يميناً وشمالاً، وزينب ترص ثقلها على الأرض أكثر، أرض النخيل المعجونة بعرق بحريني أصيل، تقوم (اللا أنثى) بشد زينب وسحبها فوق الأرض، تجرها عبر القيد الذي في يدها كي يحز معصمها، تسقط زينب، تنبطح على الأرض نفسها، ترص ظهرها على الأرض أيضا كأني شيئا يناديها في أعماق هذه الأرض، لا تتحرك. تهاجمها (اللا أنثى) مرة أخرى، توسعها ضرباً، تشترك الشرطيتان في سحبها خارج الدوار، ثم تجرانها على الأرض بطريقة مهينة ولا إنسانية، زينب لا ترفع جسدها عن سرّ الأرض، تجلس (اللا أنثى) فوقها كمن يريد أن يحتز رقبة عدو، تضربها بقبضة يدها عددا من المرات، قبل أن تقوم الشرطيتان بسحبها واحدة من الرجلين وأخرى من اليدين ويلقيانها أرضاً، ثم تواصلان سحبها بكل وحشية إلى داخل سيارة الأمن. هذا ما كشفه الفيديو الذي تم تصويره لحادثة الاعتقال (2).
يعلم هؤلاء جيداً، أن الكاميرا لم تكن لتفوت تصوير هذه اللحظة، لهذا هم في ورطة كيف يتصرفون خوفاً من فضح الانتهاك أمام العالم، ويعلمون أن زينب (الورطة) سوف لن تسكت، وسوف تنقل كل تفاصيل ما حدث لها فور خروجها كما هي عادتها، ستنقلها لكل العالم، لتوقعهم في ورطتها، لذا فهم فهم مضطرون لتخفيف وحشيتهم قدر الإمكان. ورغم هذا الاضطرار وهذه الورطة إلا أن مشهد الاعتقال أظهر أي نظام أمني يدير هذه البلد الآن.
هي المرة الثانية خلال أقل من شهر التي تورط فيها الخواجة رجال الأمن، ويتم اعتقالها والتحقيق معها، ففي 27 نوفمبر الماضي، بمنطقة عالي يوم كسر فاتحة الشهيد عبد النبي، وقفت الخواجة أمام أجياب الشرطة التي قامت بقمع المعزين ومهاجمتهم بالغازات الخانقة. وقد كان تورط مرتزقة الأمن واضحاً في التعامل مع الخواجة حينها. كما سبق لها أن اعتصمت مع اثنتين من بنات معتقلي الرأي داخل مبنى الأمم المتحدة خلال فترة السلامة الوطنية بتاريخ 15 يونيو، وكانت ورطة أخرى وضعت زينب فيها النظام الذي اعتقلها وحقق معها قبل أن يطلق سراحها.
ستظل أم جود (4سنوات) زينب الخواجة (28 عاماً) ورطة لهذا النظام، ورطة إن اعتقلها، وورطة إن أطلق سراحها، فهي لن تكف تمارس احتجاجها كفعل لا يعترف بغير حقها في الاحتجاج، ولن تكف تضع الداخلية في ورطات لا تعرف كيف تتعامل معها، ولن تكف أن تكون وتداً شامخاً عصيا على الزحزحة، رغم عنف القمع.
هوامش