» تقارير
ثم كانت فتنة المحرق 2011.. خليفة بن سلمان: كخ!
2011-12-03 - 8:34 ص
مرآة البحرين (خاص): كان هذا ما كتبه الزعيم الوطني الراحل عبدالرحمن الباكر في الخمسينات في إشارة إلى الهجوم على أحد مواكب العزاء في المنامة: "ثم كانت فتنة محرم 1952 (...) وتمت بإيعاز من بلجريف حسب المخطط الذي رسمه الإنجليز". فمن الذي يقوم بالإيعاز اليوم للهجوم على مواكب العزاء في المحرق؟ لنعد إلى الوراء قليلاً، ليس بعيداً تماماً، قبل حوالي الشهر من الآن، حين زار رئيس الوزراء المكروه خليفة بن سلمان إحدى ساحات البسيتين في المحرق والموسومة "ساحة الشرفاء".
هناك، في تلك الليلة، يمكن العثور على جذر المحذور الذي وقع اليوم. راح أحد أنصار رئيس الوزراء يطلعه بشأن النية في العمل على مشروع من أجل إعاقة مواكب العزاء في المحرق. كرئيس حكومة يجري تقديمه على أنه "ذو حنكة"، وقد خبر الحكم 40 سنة، كما عاصر جميع المشكلات التي مرت بها الدولة منذ الاستقلال، ما صغر وكبر، كان يمكن له ببساطة أن يمسك بأذن محدثه، ويفركها قليلاً، ثم يهمس فيها - مثلما يعامل طفلاً من أطفاله - بعد الضرب على يده: كخ!
لكنه لم يفعل، وعوضاً عن ذلك، راح يزفّ له، والجهلة الذين معه، الموتورين والمسلحين بوعي ضئيل كنملة، البشارة: سنبني لكم هذه الساحة! وزيادة في التحريض، والضآلة، الناميين، اللذين لا يفسرهما إلا حال رئيس وزراء أفلس، وفقد كل رافد للشرعية فصار يبحث عنها، عبثاً، في الساحات مع الصغار و"التنابلة"، ستكون إشارته بالمودة والتقدير الضافيين إلى الرجل البذيء الذي أدار معه، وبه، أبشع المراحل في التاريخ الحديث للبحرين: "عادل فليفل منكم ابن المحرق.. والنعم"!
اليوم، تتكشف أبعاد هذه الزيارة "اللفتة" التي مهر لها أحد "زلماته" العبارة التالية: "الليلة ما فيه نوم" - كما لو أنه رأى النبي وبشر بالرؤيا! -، واللعب مع الصغار، وصغار الصغار، وتوظيفهم في "محارق" العصبية وأهلها - بعد أن كانت "المحرق"، علماًً مفرداً قائما بذاته ودليلاً مع "أل" التعريف، على المودة والصهارة - فيتبين بذلك من "الموعز" و"الواعز". مات بلجريف، وناب عنه أحد خدمه: خليفة بن سلمان!
وليس غريباً أن يظهر رَجُله في التسعينات، المتعيش على الحنين إلى زمن "مزبلة" يليق ب"المزبلة" التي انتهى إليها الآن، عادل فليفل، مصدراً إلى خطاب الكراهية النامي، ورأس شاعلي فتنة محرم 2011، بعد خمسين سنة من وفاة الباكر. وكان أول من يصرح اليوم بعد تخريب أحد الطقوس القديمة لطائفة إثنية مكافئاً صبيته الأغرار: "شكراً لكم أحبتي (...) إننا نموت لننتقل إلى عالم الحق ونوقف البذخ في تشيع الباطل".
على أن الأسف الذي عبر عنه الباكر، وهو يسهب في شرح فتنة محرم "حينما علمت بأن منهم من كان يدعي أنه فوق الطائفية والإقليمية وقد انجرف وراء هذا التيار وحمل راية التعصب الأعمى وتطورت الحال إلى أن تحولت إلى إقليمية ضيقة، محرقي، ومنامي"، هو أسف مضاعف اليوم. فإذا كانت فتنة 1952 قد انتهت إلى قيام هيئة الاتحاد الوطني، جامعة حولها نخب طائفتي الإسلام، وعوامهم، فتقدمت إلى المستعمر ووكيله المحلي بجملة من المطالب، مؤكدة فيها على مبدأ الشراكة مع الشعب، فإن فتنة 2011 لما تزل تراوح محلها ملبّدة بالهواجس. فيما يضخ فيها شيوخ شيبٌ وشباب "يدعون أنهم فوق الطائفية والإقليمية (بيد أنهم) انجرفوا وراء هذا التيار وحملوا راية التعصب الأعمى". الأمر تماماً كما عبر الباكر، رحمه الله.