علي الفرج: إشكالات أمن الشيعة في البحرين والمنطقة الشرقية ضد الأعمال الإرهابية
مقالات أخرى - 2015-06-06 - 8:56 م
علي الفرج*
لا شك أن مسئولية الأمن تقع على عاتق الدولة بالدرجة الأولى سواء كان ذلك بخصوص أمن المجتمع بالكامل، أو أمن فصيل معين في المجتمع أو حتى أمن الأفراد. و مع تزايد الهجمات الإرهابية ضد الشيعة في المنطقة الشرقية من الجزيرة العربية و وجود مخاوف من حدوث أعمال مشابهة في البحرين نستعرض هنا بعض الإشكاليات التي تواجه هذا الموضوع بالغ الخطورة. وهل يختلف أمن الشيعة عن أمن بقية المواطنين؟
لا شك أن الهجمات الإرهابية في المنطقة غير مخصوصة بالشيعة فقط فالفكر التكفيري وأعماله الإرهابية طالت الكثير من الدول و في المنطقة العربية طالت تقريبا معظم البلدان من العراق إلي المغرب العربي و من بلاد الشام و حتى الصومال حتى أصبحت أراضي دول مثل سوريا و ليبيا والصومال مناطق خصبة للتدريب و حتى التصدير.
بعض المناطق العربية أكثر عرضة لذلك بسبب وجود حاضنات شعبية بسبب انتشار الفكر الوهابي التكفيري و لكن أيضا بسبب غياب سيطرة الدولة. في البحرين والمنطقة الشرقية ومع وجود خلايا لهذا الفكر وحتى المكينة الإعلامية المحرضة على ذلك لأهداف سياسية تهدف إلى ضرب دول أخرى خارج المنظومة الخليجية إلا أن سيطرة و نفوذ كل من الحكومتين السعودية والبحرينية لا يزال نسبيا قويا نوعا ما من الناحيتين العسكرية/ الأمنية والاستخبارية.
المؤسسات الأمنية تتبنى عقيدة إما معادية للشيعة أو على أقل التقادير غير مهتمة بأمنهم. هذا الوضع الاستثنائي في المنطقة يجعل أمن الشيعة في وضع الوصلة الضعيفة. فإذا أضفنا إلى ذلك أن الشيعة في هذه المنطقة لا يملكون السلاح للدفاع أو حماية أنفسهم و لا يسمح لهم بحمل السلاح بشكل علني لو امتلكوه فعلا و لو للدفاع عن أنفسهم فإن وضعهم أصبح في وضع فائق الخطورة. أكبر شاهد على ذلك هو ما حدث في الدمام فحتى مع وجود الحس الأمني و تبرع بعض شباب المنطقة بالحراسة فإن كون الحراس عزل من السلاح و اكتشافهم وجود الإرهابي بصورة مبكرة لم يمنع ذلك سقوط شهداء.
في العراق مثلا و على مدى أكثر من عقد من الزمن و حتى مع وجود السلاح بوفرة للأهالي و وجود قوات مؤسسات منظمة عالية التدريب تملك عقيدة الدفاع عن الأهالي لم يمنع ذلك سقوط ما يقرب المائة ألف شهيد من الضحايا وعدد يكاد يكون غير محدود من الجرحى. بالمقارنة فإن الوضع في المنطقة الشرقية والبحرين يفقد كل هكذا عوامل للردع أو لتقليل الخسائر. هذا الوضع الأمني المكشوف للشيعة في المنطقة يجعل لقضيتهم أولية كبرى. رأينا عواقب مثل هكذا وضع بالنسبة لليزيديين في سنجار والمسيحيين في شمال العراق. إن وضع الشيعة في البحرين والمنطقة الشرقة يفوق ذلك من حيث الخطورة حيث وجود الحشد الإعلامي الطائفي و الأجندة السياسية المعادية.
فبينما تتخذ حكومتي آل سعود و آل خليفة سياسة العداء السياسي و''العقدي'' للشيعة، فإنهما لا ترغبان بخروج الجماعات الإرهابية عن السيطرة على أراضي الدولتين. كما أنهم يعلمون أن هذا الجماعات وإن كانت تعمل مع أجندتها السياسية في دول عديدة فإنها تعرف أن هذه الجماعات يصعب السيطرة عليها و لا يؤمن غدرها سواء باستهداف مواقع مهمة في هاتين الدولتين أو حتى الرغبة في الإطاحة بهكذا أنظمة. لاشك أن هذا الجماعات الإرهابية سلاح ذو حدين. الإشكالية الأخرى هو أن قوات أمن كل من البحرين و السعودية مشبعة حتى النخاع بهذا الفكر التكفيري فكيف بإمكان قواتها الأمنية الدفاع عن الشيعة؟
هذه الإشكاليات لا شك تفتح دور الأهالي وشباب المناطق في الدفاع عن مناطقهم. فإذا كان يؤسفني القول إن خياراتهم محدودة وصعبة وأنا أجد في نفسي الحرقة الشديدة لأنهم أهلي وناسي فلابد لقيادات الشيعة في المنطقة تحمل مسؤولياتهم في هذا الشأن ودراسة الخيارات وحتى التي اعتبرت خيارات لم يكن يمكن التفكير بها في السابق. أعرض هنا بعض الخيارات التي يجب أن تدرس بجدية لحماية الشيعة في البحرين و المنطقة الشرقية.
لعل أول و أسهل هذا الخطوات هو الضغط على الحكومتين بتوفير رجال أمن لحماية مناطق ومناسبات تجمع الشيعة. و إن كنت أرى كما أسلفت أن القوات الأمنية الرسمية غير مؤهلة نفسيا/ فكريا لحماية مناطق الشيعة فلا شك أنه يوجد بعض وإن كانوا عدد قليل من الشيعة في القوات الأمنية الرسمية ممن يثق به الأهالي يمكن أن يكون لهم دور في هذا المجال. الاقتراح الآخر والذي يمكن أن يكون خيار عملي مع وجود البرنويا الحالية من القوات الأمنية الرسمية من الشباب الشيعي فإن تدريب وتسليح محدود و مرخص لبعض الشباب من الأهالي ليس بالطلب غير المعقول من السلطات لأن تداعيات عدم التدخل لا شك وأن تكون أكثر كارثية من هذا النوع من التدخل المحدود.
لا بد للشيعة في المنطقة الشرقية و البحرين الاستفادة من خبرات أهلنا في العراق الجريح في حماية المناطق المقدسة هناك. لست خبيرا أمنيا و لا أدعي ذلك و لكن لا بد أن يقوم أهالي المناطق باستخدام آليات عدة لحماية مناطقهم لا تقتصر حتما على عمليات التفتيش الفردية لمداخل المساجد و الحسينيات وخلق مناطق حول محيط هذه المؤسسات لا يدخل فيها الأفراد إلا بتفتيش لمنع الإرهابين . لا بد لمن لديه الخبرة مشاركة إخوانه هذا الخبرة سواء كان ذلك من المنطقة أو من خارجها. كما أدعو لتسليط الضوء على هذا الموضوع الخطير لزيادة الوعي والحس الأمني لفتح المجال لشباب المناطق للإبداع في هذا الشأن كما فعلوا و يفعلون فالخطر الحالي حتما لم يسبقه وضع له هذه الخطورة منذ زمن طويل.
*طبيب نفسي وناشط بحريني مقيم في بريطانيا.