» تقارير
ورمٌ غير حميد: "تشكيل اللجان" واللعب على وتر "تفسير المفردات"
2011-11-27 - 4:25 م
أيها الشعبُ المجيد
ربع قرنٍ
ودجاج الفتح - في الخارج –
من خُنٍّ لخُنٍّ
يطرح البـيض بفنٍّ
بـيضة: حزبٌ وليدٌ
بـيضة: حزبٌ مُرجَّى
بـيضة: حزبٌ أكيدْ.
بـيضة: كتلة ضغطٍ
بـيضة: لجنة شفطٍ
بـيضة: مؤتمرٌ
من أجل تفقيس المزيد!
ورمٌ غير حَميدْ.
* الشاعر أحمد مطر
مرآة البحرين (خاص): "لكي تقتل أي توصيات ، شكل لها لجنة "، حكمة لطالما تغنى بها المسؤولون في الدول العربية. لا يختلف الواقع العربي عن بعضه بعضا، بل لعل الربيع العربي كشف ما هو أكثر من ذلك فالحكومات العربية على يقين من أن شعوبها تدرك طبيعة هذه الألاعيب، ومع ذلك فهي تؤكد على تشكيل هذه اللجان، باختصار لأن هناك دائما من يصدقها.
وطالما وجد من يصدق هذه الألاعيب فلا بأس في تكرار تشكيل اللجان للتهرب من استحقاقات أي مرحلة إصلاحية وتمييع القضايا وتسويفها إلى أن يأذن الله في الأمر، وعلى الشعوب دائما أن "تنتظر أجمل الايام التي لم تعشها بعد".
ولعل حكومة البحرين من أكثر الحكومات التي تستخدم هذه الألاعيب، وهي تعلم أن شعبها ليس بالشعب الساذج ولا يمكن استغفاله في تشكيل لجان وتفويت الفرصة تلو الفرصة عليه، ليعيش طول العمر في انتظار أجمل الأيام.
وفي قراءة سريعة لسياسية تشكيل اللجان في البحرين، فإن الذاكرة البحرينية لم تنس بعد كيف ازدادت وتيرة تشكيل اللجان في البحرين منذ شهر مارس في العام 2001، أي مع بداية ما يسمى بالمشروع الإصلاحي الذي صدقه الناس ودفعوا من أجله كل غال ونفيس.
بدأت المرحلة الإصلاحية في البحرين 2001 بتشكيل لجنة إعداد مسودة ميثاق العمل الوطني، تلتها لجنة الميثاق، لتأتي بعد ذلك لجنة تفعيل الميثاق، ومن ثم ولادة سبع لجان فرعية (...) ولجنة إثر لجنة إلى أن ضاعت المطالب وحرفت.
بقيت توصيات اللجان حبيسة الأدراج إلى أن تم تشكيل البرلمان الذي صمم بصورة يضمن للحكومة أن تصيغ قوانينها وتوصيتها على شكل تشريعات فارغة من مضامينها، تتحكم فيها كيفما تشاء، في الوقت الذي يتيح لها ذلك الظهور أمام العالم بأن لديها نظام ديمقراطي مفصل "محليا" حسب الحاجة كما يحلو لبعض كتاب السلطة أن يروج له.
والمراقب للأحداث السياسية في البحرين يلحظ بوضوح كيف أن الحكومة تتلاعب بالألفاظ لإدخال المعارضة في دهاليز تفسير المفردات كما حدث في ميثاق العمل الوطني عندما فسرت بنود الميثاق بما يتناسب مع هواها لاكما يتناسب مع صريح اللفظ في الميثاق.
فما إن انتهى بسيوني من تسليم تقريره إلى ملك البحرين حمد بن عيى آل خليفة حتى أعلن الملك بتشكيل لجنة حكومية لمتابعة تنفيذ توصيات تقرير بسيوني.
غير أن تعهدات البحرين في الأمم المتحدة وعبر وزير خارجيتها بالتزام البحرين، وتعهدها بتنفيذ توصيات تقرير بسيوني، قد شكل ضغطا على نظام الحكم في البحرين لتقرر في اليوم الثاني من تسليم التقرير 23 نوفمبر/ تشرين الثاني الجاري "تشكيل لجنة وطنية مكلفة درس سبل تطبيق توصيات تقرير اللجنة البحرينية المستقلة لتقصي الحقائق حول وضع حقوق الإنسان" كما أفادت وكالة الأنباء البحرينية الرسمية (بنا) الأحد الماضي.
وقالت الوكالة "إن العاهل البحريني الملك حمد بن عيسى آل خليفة أصدر أمرا ملكيا بتشكيل اللجنة الوطنية المعنية بتوصيات تقرير اللجنة البحرينية المستقلة لتقصي الحقائق".
ولكن وقبل أن يأمر الملك بتشكيل هذه اللجنة أوردت الصحف البحرينية خبرا مفاده أن رئيس الحكومة الشيخ خليفة بن سلمان آل خليفة قد اجتمع مع اللجنة المكلفة بمتابعة توصيات "بسيوني"، الأمر الذي أثار استغراب المراقبين؛ إذ كيف لهذه اللجنة أن تجتمع قبل تشكيلها.
وأضافت الوكالة إن اللجنة "تعنى بحسب الأمر الملكي بدراسة توصيات تقرير اللجنة البحرينية المستقلة لتقصي الحقائق وتقوم بوضع مقترحاتها بما في ذلك التوصية بالتعديلات الضرورية في القوانين والإجراءات وكيفية تطبيق هذه التوصيات". وعلى صعيد آخر، خرج وزير خارجية البحرين في تصريح لوكالة "رويترز" أكد فيه على أن البحرين ستدخل في حوار مع المعارضة (الوفاق) و"الجهات المعنية" من أجل الخروج من الأزمة البحرينية، إلا أنه ما لبث أن أنكر هذه التصريحات في حسابه على موقع "تويتر" موضحا أنه يعني "حوار متعلق بتوصيات لجنة بسيوني" ، ليعود في اليوم الثاني ليؤكد أن الحوار موجود وفقا للمبادئ السبعة التي أعلنها ولي العهد في شهر مارس/ آذار الماضي.
وبدت تصريحات الحكومة المتناقضة محل سخرية من قبل البحرينيين أنفسهم، حيث لم تعد هناك مصداقية لأي تصريحات حكومية، فهي كثيرة التصريحات، إلا أنها على أرض الواقع لا تعدو كونها تصريحات لمغازلة الغرب والإعلام الغربي لا أكثر من ذلك. إذ أن الواقع لم يختلف، فمازالت الانتهاكات والاعتقالات والمحاكمات (التي تستأنف يوم غد) مستمرة.
ويرى محللون أن "نظام الحكم في البحرين حتى الآن غير جاد في إحداث إصلاحات حقيقية، وما عملية تشكيل اللجان إلا محاولة منه للعب على مسألة الوقت التي يأمل منها أن تتغير لصالحه خلال الأيام القادمة لينقض من جديد على المطالبين بالإصلاح".
الجمعيات السياسية بدورها أدركت طريقة تفكير الحكم في البحرين، فهو لم يغير من لهجته حتى اليوم في التعاطي مع المطالبين بالإصلاح، وحتى الوعود التي قطعها على نفسه والتعهدات التي تعهد بها أمام المجتمع الدولي لم يبادر بصورة جدية للوفاء بها، فعلى سبيل المثال لم يطلق حتى اليوم سراح المعتقلين السياسيين التي أوصت لجنة بسيوني بالإفراج عنهم، ولم يأمر بإعادة المفصولين إلى أعمالهم بشكل جدي، حيث مازال الآلاف ينتظرون عودتهم إلى أعمالهم، وهو أمر لا يحتاج الى تشكيل لجنة بقدر ما يحتاج إلى إرادة سياسية واضحة من قبل ملك البلاد.
ويرى هؤلاء "أن أغلب توصيات "بسيوني" واضحة ومباشرة لا تحتاج إلى أكثر من قرار سياسي يعبر عن إرادة سياسية من قبل الحكم يعكس فيها مدى جديته في الإصلاح لإعادة بناء جسور الثقة من جديد". إلا أن الأسماء التي يتم تداولها لعضوية اللجنة التي أمر الملك بتشكيلها لمتابعة توصيات "بسيوني" تعطي معنى آخر، حيث قوبلت هذه الأسماء بالرفض من قبل الشارع.
ويمكن قراءة ذلك من خلال التغريدات التي انتشرت يوم أمس في مواقع التواصل الاجتماعي "فايسبوك" و"تويتر" التي تشكل مجسات لاتجاهات الرأي العام.
فقد تم تداول أسماء هي في الأساس متورطة في انتهاكات لحقوق الإنسان، بل أن بعضهم كان ضمن لجان الفصل التعسفي والطائفي الذي مارسته الدولة وبتحريض من كبار المسؤولين في الدولة، كما أوضح بذلك بسيوني في تقريره. فضلا عن أن بعضهم متورط في التحريض وبث الكراهية وغيرها من الانتهاكات، فكيف لهؤلاء أن يكونوا أعضاء في لجنة مطلوب منها تنفيذ التوصيات والتي من ضمنها محاسبة المتورطين في هذه الإنتهاكات!؟